أخبار جهويةأخبار محليةأخبار وطنية - دولية

الدولة القّارة

ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة - MEDIA COM ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة -  MEDIA COM

نورالدين زاوش
لم أكن أعرف لماذا يصفون الجزائر بالدولة “القارة”؛ حتى رأيتُ الاستقبال المهول الذي أقامه سعيد شنقريحة رئيس دولة “شَنْقَرِسْتان” لعبد المجيد تبون رئيس دولة “تبُّونِسْتان”، حينما زار هذا الأخير مقر وزارة الدفاع المدني الذي يبعد بالكاد بضعة أمتار عن قصر المرادية؛ فأقيمت المراسيم الرسمية التي تقام عند استقبال الرؤساء للرؤساء؛ باتباع البرتوكول الرئاسي المعروف، وبسط السِّجادة الحمراء، وتوقيع الدفتر الذهبي، وعزف النشيد الوطني، الذي لا تملك أصلا دولة الجزائر حقوق أدائه إلا بتأدية الثمن إلى سيدتها ومالكة نعمتها فرنسا.
في غضون هذا اليوم البهيج، لا أحد يعرف بالضبط أين يقبع السيد بنبطوش، رئيس الدولة “البطوشية” الواقعة بتراب الجمهورية الجزائرية “العظمى”، أهو يمضي ما تبقى من شهر عسله مع عروسه الصغيرة بقصره الفخم الذي بُني بعرق الجزائريين المغفلين؟ أم أنه يتردد على عواصم العالم ممتطيا الطائرة الرئاسية الفخمة، التي مازال الجزائريون يدفعون ثمنها وثمن الفنادق الفخمة التي يقيم بها حتى تعاد مباراة الجزائر والكاميرون؟
أما السيد فرحات مهني، رئيس دولة لَقْبَايل الموجودة بدورها بداخل جغرافية الجزائر “العظمى”، فهو ينتقل بين عواصم العالم يحشد الدعم والاعتراف لدولته العريقة الطاعنة في أعماق التاريخ، والتي عانت الأمَرَّيْن من وطأة الاحتلال الجزائري الغاشم الذي تأسست، بالأمس فقط، دُوَيْلته البئيسة.
لهذا كلِّه، تسمى دولة الجزائر بالدولة القارة؛ فهي بكل بساطة ليست دولة واحدة موحدة مثلما يعتقد الكثيرون؛ بل هي مجموعة من الدول المتناحرة فيما بينها إلى حد التقاتل؛ في أفق أن يكون لكل مسؤول جزائري “سامي” دولته الخاصة به؛ هذا ما يجعل هذه “القارة” مسرح أحداث أغرب من كل غريب، وأعجب من كل عجيب، يكفي أن يعلم المرء أنها الدولة الوحيدة التي توجد لها سفارة على أراضيها، وهي ما تسمى بسفارة الجزائر في الجزائر.
كل هذا الحمق والعبث، والجنون والهبل، والجزائريون المغفلون لا حديث يدور في إعلامهم، وصحافتهم، وقنواتهم التلفزيونية، واجتماعاتهم الرسمية، وجلساتهم الحميمية، سوى عن خريطة على قميص، وكأنها باتت تهدد أمنهم القومي، وتهتك سيادتهم الوطنية، وتعبث بسلمهم الاجتماعي؛ رغم أنه على أرض الواقع، كل من سوّلت له نفسه أن تتخطى قدماه حدود هذه الخريطة “الوهمية”، إلا وصار مجرد ذكرى تتغنى بها الأجيال الصاعدة في الدولة “القارة”، لا حفظها الله.
نورالدين زاوش
عضو الأمانة العامة لحزب النهضة والفضيلة

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock