أخبار جهويةأخبار محليةأخبار وطنية - دولية

التقوقع والانعزال العرقي لايخدم مستقبل الامازيغية !!

ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة - MEDIA COM ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة -  MEDIA COM

بقلم .. عمر الطيبي

لا يتألق لاعب مغربي في ملاعب كرة القدم الاوروبية، الا وسارع أصحاب التيار العرقي الشوفيني المتطرف الى إفساد فرحة المغاربة، من خلال تجاهل الهوية المغربية لصاحب الإنجاز تماما، فهو في عرفهم لاعب “أمازيغي” وكفى، بل لا خيار هوياتي له الا ما يختارونه له هم !!

ولاستكمال الصورة التي تناسبهم وتخدم نزعتهم العنصرية يبحثون له عن قبيلة تحضنه وفخذة او فصيلة تأويه، وقد تجاهلوا جراء ذلك حتى الإشارات الرمزية الصادرة عن البطل الكعبي امس عندما سجد شكرا لله عقب تسجيله هدف الفوز، وعندما طلب سحب زجاجة بيرة كانت موضوعة امامه أثناء مشاركته في اللقاء الصحافي وكانما ليقول انا بطل مغربي مسلم !!

يفترض ان المجتمع المغربي استعاد توازنه الهوياتي خلال العقود الاخيرة بين ما هو امازيغي وما هو عربي اسلامي بدون مفاضلة ولاتمييز، وذلك بفعل ما واكب هذا التحول من دسترة وإجراءات ادارية، وكذا بفعل إجماع المغاربة على ضرورة الذهاب في هذا المشروع المتعلق بالمصالحة مع الذات حتى النهاية، وجعله رافعة ومدماكا للتقدم والديموقراطية والمساواة والتنمية، وبما يبوأ بلادهم مكانتها اللاءقة بين الشعوب والامم الشقيقة والصديقة وبدون تقوقع ولا انغلاق!!

لكن ما اصبح يظهر مع الاسف مع توالي الأيام وتعدد الأحداث هو اشتداد عود تيار عرقي متطرف، ينكر، وعلى عكس ما تؤكده معطيات التاريخ، وتثبثه مقتضيات الجغرافيا، حقيقة وجود اعراق اخرى في صفوف المغاربة من غير “الامازيغ”، مثل الزنوج والاندلسيين وخاصة العرب، وهي اعراق تعايشت وتجانست وتمازجت في ما بينها عبر القرون، في كنف وحضن الدين الاسلامي الحنيف، حتى شكلت هذا الشعب المغربي العظيم المتميز، لكنه المنتمي حقيقة لا مجازا لمحيطه العربي والاسلامي والافريقي والمتوسطي !!؟؟

لقد اصبح من المعروف، بفعل الاصرار والتكرار كما يمارسه انصار هذا التيار العرقي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كيف يسعون الى تنميط المجتمع المغربي من خلال ممارسة نوع من التمزيغ القصري، حتى بات المتتبع يخشى من ان يفضي هذا التوجه لاقامة نوع من محاكم التفتيش الجيني للتعرف على هويات الناس وتصنيفهم، على غرار ما كانت تفعله الكنيسة والملوك الكاثوليك في اسبانيا من خلال اعتماد محاكم التفتيش الديني وسيلة للتعرف على معتقدات الاندلسيين !!

اما الطامة الكبرى بالنسبة لانصار هذا التيار، فهي ان يصف معلق في قناة (بين سبور) او محلل في استوديو رياضي صاحب الانجاز المغربي بكونه “فخرا للعرب”، .. وتعال ايها المتتبع تشنف سمعك وتمتع ناظريك بما لذ وطاب من مفردات قاموس عنصري مقيت يجمع بين القصف والتحقير والسب والدم في حق كل ما يمث للعرب بصلة وما يرتبط بالعروبة من وشائج !!

لكن ما لا افهمه صراحة هو كيف ان الشعوب والدول عبر العالم تبذل قصارى جهودها، بل كيف تنفق الاموال الطائلة للتعريف بقضاياها وتحبيب الاخرين في ابطالها ومبدعيها ولفت انتباههم الى غنى ثقافتها وتنوع منجزاتها، بينما يسعى التيار العرقي في المغرب وبكل ما اوتي من قوة، الى القيام بما يعاكس ذلك تماما، بحيث يعمل جاهدا عل فرض حالة من التقوقع والانعزالية والانغلاق على المغرب والمغاربة، وحشد كل اسباب النفور والعداء بينهم وبين الشعوب العربية الشقيقة !!

فهل يسيء العرب حقيقة للمغرب او لاي من مكوناته العرقية ومنها الامازيغ تحديدا، عندما يرون انفسهم في المغاربة!؟ وعندما يعتبرون لاعبيه وفنانينه ومبدعيه فخرا لهم!؟ وعندما يتوجون مثقفيه وقراءه وحفاظه بأكبر الجوائز وارفع الاوسمة!؟ وهل اساء العرب للمغاربة عندما كانوا يسهرون الليالي في جميع البلدان العربية بلا استثناء!؟ وعندما كانوا يتوافدون على ملاعب الدوحة لتشجيع المنتخب الوطني المغربي المشارك في منافسات كاس العالم لكرة القدم المنظمة بقطر عام 2022، كما لو أن الامر كان يتعلق بمنتخباتهم الوطنية الخاصة!!؟؟

وهل أساء العرب شعوبا ودولا للمغرب والمغاربة عندما ناصروا قضاياهم الوطنية وفي المقدمة منها قضية الاقاليم الصحراوية!؟ .. وعندما اختاروا ارض المغرب وجهة مفضلة للاستثمار والسياحة .. وموضوعا للمدح والاطراء !!؟؟

بطبيعة الحال لا احد في المغرب يصدق هراء اصحاب النزعة العرقية بان الاشقاء العرب يقصدون الاساءة للمغاربة ومصادرة سمعة ابطالهم عندما يعبرون في لحظات عاطفية قوية عن اعتزازهم باللاعبين المغاربة، والغريب في الامر ان هؤلاء يصمتون ولا يحركون ساكنا عندما يقوم بذلك الجيران قدماء أنديجان الجزائر الفرنسية، بمن فيهم من “امازيغ وعرب” خاصة وانهم يتجاوزون تحقير “المروك” والتقليل من شأنهم الى تحويل عداءهم للمغرب والمغاربة الى رياضة وطنية يبررون بموحبها مصادرة وسرقة ما راكمه المغاربة عبر تاريخهم المديد من أثار وثراث او على الاقل تشويهه!!

والحالة هذه فانه ينبغي التنبيه الى خطورة هذه الحملات العنصرية المتكررة التي يقوم بها التيار العرقي ضد اشقاءنا وحلفاءنا في البلدان العربية بلا داع ولا مبرر، على مستقبل العلاقات بين الطرفين، مما يفرض على المثقفين والمؤثرين وصناع الراي العام في المغرب العمل على الحد من مفعولها، بل والعمل قدر الامكان على جعل ما يمتلكونه من ثروة ثقافية ولغوية عربية وامازيغية متنوعة وغنية وسيلة انفتاح واداة ترسيخ لروابط الاخوة والصداقة مع الشعوب الشقيقة والصديقة !!

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock