في الوقت الذي يُحاكَمُ فيه النظامُ العسكري الجزائري بسويسرا، معُارض جزائري يتعرض لمحاولة اغتيال في فرنسا
عبدالقادر كتــرة
تعرض المدون والصحفي الإستقصائي والمعارض للنظام العسكري الجزائري أمير بوخورص المعروف ب”أمير ديزاد (Amir dz) لمحاولة اغتيال، الجمعة 11 نونبر 2022، بساحة الجمهورية بباريس أثناء تنظيم وقفة رفقة مجموعة من الجزائريين الغاضبين .
الاعتداء الجبان، حسب الضحية أمير بوخورص نفذه أحد المجرمين المأجورين من طرف النظام العسكري الجزائري المندسّين في مظاهرات ومسيرات الحراك الشعبي المطالب بالحرية والديمقراطية والشرعية، المدعو :قاسمي فاتح” المزداد في 26 دجنبر 1985، بعين البنيان بالجزائر العاصمة.
وباغث المعتدي ضحيته من الخلف، خلال وقفة احتجاجية، تحت كاميرات المراقبة، حيث تلقى المعارض الجزائري أمير بوخورص ضربة قوية على قفاه تحت الرأس مع محاولة خنقه بقوة، وكسر على مستوى الذراع الأيمن يتطلب عملية جراحية حسب الأطباء.
ويأتي الاعتداء بعد يومين من صدور حكم بالمؤبد في حق أمير ديزاد من طرف جنايات غليزان، بناء على المادة 87 مكرر التي طالبت عدة دول بمجلس حقوق الانسان بالأمم المتحدة أمس بإلغائها أمام مسامع وزير العدل عبد الرشيد طبي.
كانت محكمة الجنايات الابتدائية بمجلس قضاء غليزان بالجزائر، قد قضت، يوم الثلاثاء 9 نونبر الجاري، بإدانة المعارضين الجزائريين، كل من أمير بوخورص (المدعو أمير ديزاد)، ومحمد العربي زيطوط المتواجدين بفرنسا وبريطانيا، بالمؤبد غيابيا، فيما حكمت بـ03 سنوات حبسا منها سنتان حبسا موقوف التنفيذ ضد المدعو “بطاهر” المولود سنة 1982 بيلل في ولاية غليزان بعد ما التمست النيابة إدانته بـ10 سنوات سجنا وغرامة مالية قدرها 500 الف دينار جزائري، بعد متابعة المتهمين بتهم ملفقة تتلخص في “جناية استهداف أمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية، واستقرار المؤسسات، عن طريق الاعتداء على رموز الأمة والجمهورية، وإنشاء تنظيم غرضه الاعتداء على رموز الأمة والجمهورية، المساس بسلامة الوحدة الوطنية للجميع، الإشادة بالأعمال الإرهابية للمتهم الأول طبقا للمواد 79.87 مكرر، 87 مكرر3، 87 مكرر4 من قانون العقوبات.”
ورغم أن أكد وزير العدل حافظ الأختام، عبد الرشيد طبي، بجنيف السويسرية، التزام الدولة الجزائرية الثابت بالعمل من أجل تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها في الجزائر وفي أي مكان في العالم، بما في ذلك لصالح الشعوب الواقعة تحت السيطرة الاستعمارية، خلال الاستعراض الدوري الشامل (UPR)، بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (HRC) في جنيف، يوم الجمعة 11 نونبر 2022، إلا أن جميع الدول دون استثناء حوّلت الجلسة إلى محاكمة صريحة وقوية للنظام العسكري الجزائري لذبحه لحقوق الانسان في الجزائر وانتهاكات جميع المواثيق والأعراف الدولية التي وقع على بنودها.
وتلقى وزير العدل الجزائري رشيد طبي، وابلا من الأسئلة من ممثلي الدول الغربية في مجلس حقوق الإنسان الأممي بجنيف، حول قضايا حقوقية بعينها، أبرزها تهمة الإرهاب الموجهة للناشطين السياسيين، وعدم تجريم المثلية الجنسية، وعدم إلغاء عقوبة الإعدام بالإضافة لمسائل الحريات.
وسبق لمجلس حقوق الانسان الأممي أن وثق حالات عديدة من الاعتقال التعسفي في الجزائر، لا سيما في سياق قمع مظاهرات الحراك السلمية، حيث تعرض العديد من المتظاهرين للاعتقال التعسفي ثم حُكم عليهم بعقوبات شديدة لممارسة حقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي.
وتعرض المئات من أعضاء المجتمع المدني، والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان في الجزائر، للاعتقال التعسفي لمجرد نشاطهم. وقد رفعت هذه الإجراءات الجنائية ضدهم على أساس تشريعات مكافحة الإرهاب القمعية والمقيدة للحريات بشكل متزايد.
ومنذ آخر استعراض لها، عبرت العديد من آليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة عن انتقادات شديدة لحالة حقوق الإنسان المقلقة في الجزائر، لا سيما منذ بداية الحراك.
وفي مارس 2021، أطلق مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان مناشدة أعرب من خلالها عن “قلقه العميق بشأن تدهور الوضع”، لكن ظلت تلك المناشدة حتى الآن دون إجابة، بالإضافة إلى رفض السلطات الجزائرية التواصل والتعاون بحسن نية مع لجان الأمم المتحدة والإجراءات الخاصة، لا سيما في سياق الشكاوى الفردية.
من جهة أخرى، سبق لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” أكبر منظمة حقوق إنسان في الولايات المتحدة ، بالإضافة إلى 81 منظمة حقوقية جزائرية وإقليمية ودولية للمجتمع المدني، تزامنا مع بدء الدورة الـ 47 لـ “مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة” في جنيف في 21 يونيو 2021، وجهت دعوة إلى الدول الأعضاء في “مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة” من أجل التصدي لتردي الوضع الحقوقي في الجزائر، الذي شمل قمع المتظاهرين السلميين، والصحفيين، ومنظمات المجتمع المدني، والحقوقيين، والنقابيين، والمحامين، وحتى الأحزاب السياسية. على الدول الأعضاء المشاركة في الدورة الـ47 لمجلس حقوق الإنسان إدانة كل تجريم لحرية تشكيل الجمعيات، والتجمع السلمي، والتعبير في الجزائر.
وطالبت بإجراء تحقيقات فورية ومستقلة ونزيهة وفعّالة في مزاعم التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، بما في ذلك مزاعم الاعتداء البدني والجنسي والنفسي أثناء الاحتجاز، والاعتداءات البدنية أثناء الاحتجاجات، لضمان محاسبة الجناة في محاكمات مدنية عادلة.
لا بدّ من الإشارة إلى فضيحة مدوية وخطيرة كشفتها الاستخبارات الفرنسية والبلجيكية والتي تتمثل في عملية إرهابية لمحاولة التصفية الجسدية لمعارضي النظام العسكري الجزائري المقيمين بأوروبا، كُلِّفت بتنفيذها عصابة على رأسها الكولونيل الحسين بولحية وللطفي نزار مجل الجنرال خالد نزار تحت إشراف كلّ من رئيس الأركان للجيش الوطني الشعبي الجزائري السعيد شنقريحة والرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، حسب تصريحات بعض المعارضين المستهدفين.
وتمكن الإعلامي المعارض هشام عبود من كشف خيوط الخطة الارهابية التي انطلقت في نونبر الماضي وتمكن من استدراج مجرمين وسجّل جميع المكالمات معهما كما نجح في توثيق بعض الاعترافات التي صرحوا بها تخص كلّ أبطال العملية الإجرامية والإرهابية وأخبر الاستخبارات الفرنسية والبلجيكية اللتين تتبعا كلّ حركات وسكنات وتنقلات الإرهابيين المجرمين وضبط خيوط العملية الإجرامية المتمثلة في التصفية الجسدية التي كانت تستهدف كلاًّ من الإعلاميين المعارضين هشام عبود وأنوار مالك وعبدو السمار وأمير ديزيد (بوخورص) و فرحات مهني رئيس حركة تقرير المصير في منطقة القبائل وتسمى أيضا “حركة الماك”.
لقد سبق أن وجهت السلطات الفرنسية صفعة قوية مذلة ومهينة للنظام العسكري الجزائري برفضها تسليم أو ترحيل أو طرد النشطاء السياسيين والصحافيين الجزائريين المعارضين المقيمين بفرنسا باعتبار أن الملفات المقدمة في شأنهم للمصالح الأمنية والعدالة الفرنسية عبر السفارة الجزائرية بفرنسا، (باعتبارها) فارغة ولا تتضمن أي أدلة للتهم الموجهة إليهم مثل الإرهاب والمسّ بأمن الدولة الجزائرية، بل هم مجرد مناضلين بأفكارهم وآرائهم ويتمتعون باللجوء السياسي والحماية الفرنسية في بلد ديمقراطي قضاؤه مستقل ولا يخضع للأوامر عبر الهواتف.
وحسب الصحافي الجزائري الاستقصائي المعارض للنظام العسكري الجزائري عبدو السمار، تلقت السلطات الجزائرية الحاكمة في الجزائر، ردّا واضحا وقويا ومُذلا، استنادا إلى تصريحات دبلوماسيين وسياسيين فرنسيين، حول ملفات النشطاء والمناضلين الجزائريين المعارضين، التي لا تتضمن أي دليل واحد لإدانة هؤلاء بالتهم الموجهة إليهم، واعتبرها “إهانة وإذلالا للنظام الجزائري وللدولة الجزائرية وللعدالة الجزائرية وللاستخبارات الجزائرية”.