بعد عسكرة المساجد، النظام العسكري الجزائري يُجنِّد الزاوية التِّجانية الجزائرية لمهاجمة المغرب
عبدالقادر كتــرة
في خطوة غير غريبة وبعد تسجيل دبلوماسيته فشلا ذريعا وانتكاسات صادمة متتالية في المحافل الدولية أمام المملكة المغربية الشريفة في قضيته الصحراء المغربية ووحدته الترابية، وبعد عسكرة المساجد وتجنيد خطبائه للدعاء على الجار المسلم، تسلح النظام العسكري الجزائري مرة أخرى وجند شيخ الطرقية التِّجانية وخلع عنه عباءته وعمامته وألبسه الزي العسكري والخوذة العسكرية وحمّله تلاوة بلاغ عسكري/ تِجاني للتحامل على الجار المسلم، مستغلا بذلك أبشع استغلال للدين الحنيف وتوظيفه لمهاجمة الجار المسلم، دار الطريقة التِّجانية العالمية الحقة الداعية للتآخي والتآزر والسلم والأمان والوحدة والتماسك.
ورّط النظام العسكري الجزائري ما يسمى في الجزائر “الخلافة العامة للطريقة التِّجانية” في الأزمة السياسية التي تشتعل المنطقة والتي يحمل فتيلها جنرالات ثكنة بن عكنون وسياسيو قصر المرادية، بإجبار الخلافة التجانية التي لم يستطع “شيخها الخليفة/الكبران” النأي بزاويته عن التورط في الاصطفاف إلى جانب الباطل والفسوق (متناسيا قوله تعالة ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ”)، بالابتعاد عن زرع الفتنة ابتغاء مرضاة جنرالاته، على التنديد ظلما وعدوانا، في بيان (لا شكّ أنه محرر بثكنة بن عكنون) “باغتيال ثلاثة مواطنين جزائريين يعملون في النقل من طرف القوات المغربية المسلحة”.
وأضاف البيان العسكري التِّجاني الجزائري: “تلقت الخلافة بمزيد من الأسى والحسرة والألم نبأ اغتيال ثلاثة من رجال الجزائر غدراً وظلماً وعدواناً، بينهم اثنان من منتسبي الطريقة التيجانية ومن حاملي الورد التجاني، ومنهم أصيل من مدينة عين ماضي وله قرابة مع الأسرة التيجانية”.
وتابع بيان “الخلافة العسكري” : “قضوا حتفهم في طريق الأمن، وطريق الأمان التي ارتاده أجدادهم لنشر الإسلام وإيصال القوت لإخوان لهم في الديار الموريتانية، بعد أن تم فتح المعبر الحدودي للتبادل التجاري”.
وأضاف البيان العسكري التِّجاني”إن دماءهم سالت في موعد مع التاريخ، تاريخ الثورة الجزائرية المجيدة، وإننا نحسبهم مع الشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقاً، وصدق الله تعالى القائل: وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ”.
وزاد بيان الخلافة العسكري : “إن ثقتنا كبيرة في دولتنا وجيشنا للتكفل التام بإظهار الحق والانتصار للحق، فلها السلطة والسلطان” كما “أنها هي من تقيم الحجة والبيان”.
لا بدّ من الإشارة إلا أن “جامعة” الطريقة التجانية توجد بفاس رغم أن مؤسسها سيدي أحمد التجاني ولد بقرية عين ماضي بالجزائر 1150 هـ / 1737م وتوفي بمدينة فاس عام 1230 للهجرة (14 – 1815 للميلاد) ودفن بزاويته بالحومة المعروفة بالبليدة من محروسة فاس بعد أن بايع أمير المؤمنين، ورفض مبايعة الأمير عبدالقادر الذي كان يضايقه.
خلال مقامه بتلمسان كان يتردد على فاس مرات متعددة، لزيارة المولى إدريس الأزهر، وملاقاة الرجال من أهل العلم والمعرفة. وهكذا وفي عام واحد وتسعين ومائة وألف، وفي إحدى زياراته لفاس لقي بمدينة وجدة، صاحبه وخليفته سيدي علي حرازم برادة الفاسي مؤلف كتاب ” جواهر المعاني “.
هو الشيخ العارف بالله العالم الرباني المربي الشهير أبو العباس أحمد بن محمد بن المختار بن أحمد بن محمد بن سالم. التجاني، الشريف الحسني. يتصل نسبه بالإمام محمد النفس الزكية بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن مولانا علي وسيدتنا فاطمة الزهراء بنت سيد الوجود صلى الله عليه وسلم.
ساهمت المملكة المغربية إسهاما حقيقيا ولعبت دورا محوريا في نشر الإسلام وبناء قيمه الروحية والعلمية والحضارية في العالم ولاسيما عن طريق النماذج الخيرة من شيوخ التصوف وتلاميذهم من التجار وذوي السلوك . من بين مسالك هذا الإشعاع المشرب التجاني الذي انطلق من المغرب حيث حل الشيخ التجاني ووقع احتضان طريقته رسميا وشعبيا.
وتعد المملكة المغربية الشريفة قبلة المريدين التيجانيين من جميع انحاء العالم والذين يفوق عددهم ال500 مليون أغلبهم في بلدان أفريقيا، مرتبطين لإمارة المؤمنين بالمغرب، يحجون كل سنة إلى مدينة فاس معقل الطريقة لإحياء المواسم وقراءة المتون وتنشيط المحاضرات، يدعمون بالإجماع الوحدة الترابية المغربية ويعترفون بمغربية الصحراء صرحوا بها في مؤتمراتهم وتجمعاتهم، طبقا لمبادئ الوحدة الإسلامية.
أشار منتصر حمادة، الباحث المغربي المتخصص في تاريخ التصوف الإسلامي، في تصريح لهسبريس، إلى أن العلاقة التي تجمع أهل المغرب بأهل الطريقة التيجانية تاريخية ومتشعبة في آن؛ فمن جهة تحتضن فاس مرقد مؤسس الطريقة، ومن جهة ثانية يتميز المغرب بوجود مؤسسة إمارة المؤمنين التي تحظى باعتبار روحي مع صوفية المنطقة وخاصة صوفية دول الساحل ودول غرب إفريقيا.
وأردف المتحدث أن الروابط التاريخية مستمرة؛ وأقلها ما تعرفه مدينة فاس التي تحتضن أكبر تجمع لأتباع الطريقة في العالم، في لقاء يُنظم تحت الرعاية الملكية السامية، كما يتميز برسالة ملكية توجه إلى المشاركين، وخاصة إلى الشيوخ والمريدين.
وتتوقف الرسالة الملكية، على الدوام، إما عند ماضي وحاضر العلاقة بين الدولة العلوية والطريقة التيجانية أو عند التراكم التاريخي للسلاطين والملوك العلويين في رعاية مشايخ الطريقة التيجانية، يختم منتصر حمادة.
قد كان للطريقة التجانية القدم الراسخ واليد الطولى في نشر الثقافة والعلوم الإسلامية وتربية الأجيال تلو الأجيال على المحبة والسلام والوئام ،محققة بذلك وحدة روحية وهوية ثقافية تجمع شعوب إفريقيا وقبائلها وأجناسها وحدة تجمع بين المادة والروح ، والعلم والعمل ، والدين والدنيا .
وظلت هذه المبادئ مترسخة ، قائمة ، قوية بفضل رعاية ملوك وأمراء الدولة العلوية وحدبهم المتواصل ، ومجهوداتهم المحمودة في الحفاظ على هذا الموروث العلمي والروحي الذي يشكل جزءا لا يتجزأ من الذات الإسلامية ويمثل بجلاء دين الاعتدال والسلم والوسطية .
ومن هنا فإن تنظيم المغرب لهذه التظاهرة الهامة ينطلق مما يلي :
1 – رعاية الوشائج الناتجة عن العلائق التاريخية مع الخارج كما أثمرتها الطريقة التيجانية .
2- رعاية الإسلام في عمقه الروحي كما تمثله الطرق المنطلقة من أرضه .
3- التجاوب مع العرفان المستديم عند الآخذين بالطريقة التجانية الذين ينظرون إلى المغرب على أساس أنه التربة التي انطلقت منها هذه المنابع الخيرة .
4- التطلع إلى أنواع الفضائل والفوائد المرتقبة من لقاءات من هذا المنطلق لصالح البلدان التي تغطيها ظلال الشجرة التجانية روحيا وأخلاقيا واجتماعية .
5- الإسهام في تعزيز أنواع من الصلات والتقارب التي من شأنها تقوية أخلاق الإسلام وكل المبادرات التي تتطلبها تحديات العصر الحاضر ولاسيما في مجال التضامن وحفظ الأمن والوئام .
6- خلق فرصة لإطلاع الإخوة المنتسبين للطريقة الروحية التجانية على جهود المملكة المغربية من أجل بناء نموذج من التدبير في المجال الديني يراعي صيانة كل المقومات الأساسية في ديننا الحنيف ويراعي ما يتطلبه العصر من الانخراط الفاعل في صيانة القيم وحفظ كرامة الإنسان.