نظام الباكالوريوس بوجدة: من الخيمة خرج مشلولا!
بلال منتصر (طالب باحث)
لا أمل في إصلاح الجامعة العمومية. كانت هذه آخر عبارة أسرّ بها أستاذ تعليم جامعي متقاعد، وهو يعاين إعلانا عن توظيف، صدر منذ أيام عن كلية الآداب، وجدة، يخص تخصصا فريدا هو: التواصل والثقافة.
قادتنا هذه العبارة المشحونة بالألم واليأس إلى تقصي ملابسات هذه المباراة، ومعرفة الجهة المسؤولة عن هذا الإعلان، فوقفنا على الآتي:
يتعلق الأمر بمنصبين محدثين لفائدة وحدتي باكالوريوس (النظام الجديد) تم افتتاح التكوين بهما هذه السنة، وهما: الدراسات الإفريقية، وعلوم الإعلام والصحافة. ومعنى ذلك أن هذين المنصبين لا علاقة لهما بشعب الكلية ومجالسها.
قد يبدو الأمر عاديا، ومقبولا إلى حدود الآن، طالما أن وحدتي الباكالوريوس المحدثتين ستحتاجان طاقما من الأساتذة ذوي التخصص لتقديم عرضهما التكويني، لكن غير الطبيعي هو ما سنقف عليه في هذه العناصر المختصرة:
1. كيف يقبل عاقل أن يتم الإعلان عن الحاجة إلى منصب في تخصص “التواصل والثقافة”، لا صلة له بالوحدتين المذكورتين؟ ويتم إغفال تخصصات من صميم شعارهما، وأين هو تخصص “المهارات Skills” الذي ملأ به الوزير السابق الدنيا دفاعا عن الباكالوريوس؟ ألا يقضي المنطق البسيط أن يتم تعزيز طاقم الوحدتين بأساتذة متخصصين في ما له صلة مباشرة بهاتين الوحدتين؟
2. ما معنى تخصص “التواصل والثقافة”؟ أليس تخصصا “هلاميا” و”ضبابيا” مثيرا للشكوك؟ نعم، قد يتقبل المرء إقدام الكلية على فتح مباراة في تخصص التواصل، بالنظر إلى ما أفضت إليه التقاليد الجامعية المغربية في هذا الشأن، ولا سيما خلال العقدين الأخيرين. لكن، بالله عليكم، ما معنى تخصص “الثقافة”؟ أتحدى أي مسؤول جامعي أن يشرح، بوجه مكشوف لا يعتريه الخجل، للطلبة والباحثين والمسؤولين والمهتمين، معنى تخصص “الثقافة” باعتباره تخصصا جامعيا- تعليميا؟ إن حشر الثقافة في إعلان المباراة لن يختلف عن حشر “العلم” أو “المعرفة”. وقبول المسؤولين بالكلية على تمرير هذه الفضيحة يعني أن نتوقع قريبا إعلانها عن مباراة في تخصص “العلم”!
3. مختصر القصة وما فيها ـ حسب ما يروج ـ أن المنصبين قد يكونان محجوزان سلفا لفائدة مترشحين معينين. ولأن ملفيهما بعيدان عن وحدتي الباكالوريوس المذكورين بعد السماء عن الأرض، حسبما أخبرنا به طلبة باحثون مسجلون بالكلية (هنالك حديث عن انتماء أحدهما إلى شعبة الدراسات الإسلامية)، فقد تم إعلان حاجة الكلية إلى هذا التخصص العجيب الغامض الفضفاض كي يتيسر إيجاد تسويغ لتمكينها من هذين المنصبين.
4. مصدر الحسرة الكبرى أن يجري ذلك بمباركة الشعب التي لم تحرك ساكنا، وأن يتواطأ النزهاء (وهم موجودون بهذه الكلية، أساتذة ومسؤولين) مع هذه الخرق الخطير لمبدأ الاستحقاق.
5. هنالك بوادر تشكيل جبهة طلابية ستقوم، في القريب العاجل، بطرق أبواب المؤسسات الرسمية، بطرق شرعية يتيحها دستور المملكة، للكشف عن خبايا هذا الملف المشبوه.