المغرب ـ الجزائر : كرة القدم انه مجرد حدث بسيط وانتصار صغير يا فخامة الرئيس تبون !!
بقلم: ذ. عمر الطيبي
لم تكن مقابلة المنتخب الوطني الجزائري والمنتخب المغربي الرديف التي جرت أطوارها امس الاول في قطر برسم دور الربع في البطولة العربية لكرة القدم، سوى مباراة عادية بين منتخبي بلدين جارين فاز فيها من فاز وانهزم من انهزم، بيد أن نظام العسكر ما زال يصر على تعبئة وساءل الاعلام والذباب الاكتروني وجموع “الشياتين” و”الكاشيريست” من اجل تصوير هذا الانتصار البسيط الذي حققه المنتخب الجزائري على نظيره المغربي، كما لو كان حدث القرن الذي يستحق ان يبقى خالدا في صفحات التاريخ.
ان ما يثير الاستغراب والحيرة حقا، بل والشفقة، هو انخراط الجميع بمن فيهم مهابيل وعجائز الصف الأول من قيادة نظام العسكر، في تنافس محموم في ما بينهم على رتبة من يكذب احسن في التعبير عن فرح شوفيني مغشوش بفوز منتخب البلاد على منتخب العدو الوهمي، وذلك بصورة لا تليق بكل تاكيد برجال الدولة الجديرين حقا بحمل بهذا الاسم، وإنما على خلاف ذلك تعكس تدني المستوى الاخلاقي والمهني في التعاطي مع الشأن العام على المستويين الداخلي والخارجي لدى هؤلاء.
هكذا وسواء تعلق الامر برئيس الدولة عبد المجيد تبون، او برئيس قيادة أركان الجيش الوطني لشعبي الجنرال السعيد شنقريحة، او بالوزير الاول ايمن بن عبد الرحمن، ووزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة، فقد حرصوا جميعهم على الاحتفاء بهذا الفوز الصغير وتصويره كما لو كان ملحمة وطنية استثنائية يتوقف الكثير من مستقبل ومصير الوطن والمواطنين على تفاعلاتها اللاحقة!!
فقد غرد تبون في ختام المقابلة مخاطبا لاعبي منتخب بلاده : “مليون ونصف مليون مبروك يا ابطال”، ما يعني أن الرجل يضع هذه المقابلة في نفس مستوى ثورة أول نوفمبر 1954 بكل ما خلفته من ضحايا بعدما بلغ عددهم، بحسب ما كرسته السردية الشعبوية لنظام العسكر، “ازيد من مليون ونصف مليون ضحية او شهيد”!!.
بدوره خاطب ايمن بن عبد الرحمان لاعبي منتخب بلاده بالقول “بهذه الصورة احييتم ذاكرتنا ونحن نحتفي بالذكرى 61 لمظاهرات 11 دجنبر 1961 ” في إشارة للمظاهرات التي نظمها المهاجرون الجزائريون بباريس في هذا التاريخ واغرقها البوليس الفرنسي في حمام دم وقمع، لكن من دون أن يوضح ما هو وجهه الشبه بين مقابلة في كرة القدم للمنتخب المغربي مع نظيره الجزائري في الدوحة سنة 2021 من جهة، وقمع البوليس الفرنسي للمتظاهرين الجزائريين في باريس سنة 1961 من جهة ثانية، لكيما تستقيم المقارنة !!
اما السعيد شنقريحة فقد اختار طريقة خاصة به للتعبير عن تهنئة اللاعبين بانتصارهم البسيط على المنتخب المغربي، أي على منتخب “العدو الكلاسيكي”، واستصدر لهذه الغاية بلاغا من وزارة الدفاع، وقد فعل ذلك على الارجح من وراء ظهر تبون، علما بان هذا الأخير يجمع في الآن نفسه بين منصب رئيس الدولة ومنصب وزير الدفاع، وذلك بغاية الايحاء للجميع بأن صلاحية التهنئة الرسمية في هذه “المناسبة الخالدة” تعود له وله وحده، من دون سائر المسؤولين، بمن فيهم الرئيس الواجهة تبون .. او ليس “السيد الفريق” هو الرئيس الفعلي للبلاد كما يعلم الجميع ؟؟!!
أن تستغل الأنظمة الاستبدادية المتخلفة على غرار نظام العسكر الجزائري فعاليات لعبة كرة القدم من حيث كونها نشاطا رياضيا يحظى بشعبية واسعة لدى الجماهير، كوسيلة للتخذير الايديولوجي وكاداة للسيطرة السياسية، أمر معروف ومعتاد لدى مثل هذه الانظمة، لكن أن تتحول قيادة نظام العسكر كلها إلى مجرد “التراس” لمنتخب كرة القدم، فهذا يدل على أن من يسميهم نشطاء الحراك ب ” العصابة ” قد فقدوا زمام المبادرة تماما في التصدي للأزمات المتفاقمة التي تتردى فيها البلاد على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ولم يعد امامهم من خيارات سوى محاولة تغطية شمس الواقع المزري للبلاد بغربال انتصارات وهمية على عدو وهمي هو المغرب.
على الشعب الجزائري ان ينتبه إلى أن الأمر يتعلق فعلا بمجرد انتصار بسيط ومقابلة عادية، جرت اطوارها في بطولة بدورها عادية وغير مصنفة على غرار البطولات القارية والدولية المعروفة، حتى انها لم تكتس بعض الأهمية في عالم كرة القدم الدولية إلا بفعل استعمالها من طرف الفيفا كبروفة تحضيرية لكأس العالم العالم قطر – 2022، .
وليدرك هذا الشعب الشقيق أن التشويش عليه بانتصارات وهمية واصطناع عدو جار “يريد بالمنتخب الجزائري وبمدربه الوطني السي بلماضي شرا” من طرف الرئيس تبون، هو مجرد تضليل مقصود من النظام، لن يوفر للعاطلين مناصب شغل، ولن يطعم الجاءعين، ولن يساعد الجزاير على استعادة خيراتها واموالها المنهوبة، ولن يحيي ضحايا قوارب الهجرة السرية، ولا الفارين من ابناء الجزائر نحو الخارج تحت ضغط الظلم والفقر والمرض والحكرة !!!
ع.ط