عمار بلاني: البوق الجزائري الصدئ!
اسماعيل الحلوتي
لأن عمار بلاني مطالب كغير من أبواق العسكر الجزائري الصدئة والمسخرة لإزعاج المغرب، بتبرير وتأكيد أحقيته في ما يصرف له من أجر شهري سمين ويتمتع به من امتيازات مغرية، ونيل رضى أولياء نعمته من “كابرانات” قصر المرادية، فهو ملزم بألا يترك أي صغيرة أو كبيرة تهم المغرب تمر دون أن يحشر أنفه فيها، ويحاول بكل ما يضمره من حقد وكراهية لي عنق الحقيقة وتشويهها في ظل الحملة الإعلامية المسعورة ضد بلادنا…
وعمار بلاني هذا ليس سوى الناطق السابق باسم وزارة الخارجية، الذي فصل له مهندسو العسكر منصبا على المقاس ضمن “مناصب وهمية” أخرى تابعة لذات الوزارة التي يرأسها رمطان العمامرة، تحت عنوان “المبعوثون الخاصون”، حيث وضعت لهم تسميات ومهام مثيرة للسخرية والاستغراب، وإلا فما معنى “مهمة مبعوث خاص إلى الصحراء” التي أسندت لهذا البوق المهترئ؟ وليس يهمنا هنا الحديث عن أسباب النزول، بقدر ما يهمنا الإشارة بإيجاز تام إلى بعض الخرجات الإعلامية المسمومة لهذا الرجل الفاقد للمصداقية ولكل حس إنساني رفيع.
فسيرا على نهج أسياده وبمجرد ما وجهت جامعة الدول العربية مذكرتها إلى جميع المنظمات والهيئات المنضوية تحت لوائها، توصي من خلالها بضرورة اعتماد “خريطة المملكة المغربية كاملة” في الفعاليات التي تنظمها، مطالبة بالحرص على الالتزام بفحواها، حتى ثارت ثائرته وقام مساء الأحد 26 دجنبر 2021 بتصريح لوكالة الأنباء الجزائرية، يدعي فيه بأن ما أوردته وسائل الإعلام المغربية عن كون الخريطة الجديدة تتضمن إقليم الصحراء “الغربية”، لا يعدو أن يكون تضليلا سافرا و”خدعة أخرى” من المغرب، وما إلى ذلك مما صار عليه من هذيان منذ أن تم تكليفه بمهمة المبعوث الخاص بقضية الصحراء الغربية وبلدان المغرب العربي…
وقبل حتى أن يتبخر صدى تصريحه الأهوج في الهواء، عاد ثانية إلى مسلسل التضليل والمغالطات المكشوفة التي تنم عن عداء مقيت، وذلك بمناسبة حلول الذكرى 46 للجريمة النكراء التي أقدمت عليها السلطات الجزائرية عام 1975، عندما قام الرئيس الجزائري الراحل الهواري بومدين مباشرة بعد تنظيم المغرب مسيرته الخضراء في 6 نونبر 1975 من أجل استرجاع أقاليمه الصحراوية، بإصدار قرار يقضي بطرد 45 ألف أسرة مغربية صباح يوم عيد الأضحى الذي يصادف 18 دجنبر من تلك السنة “السوداء”. وهي المأساة الإنسانية التي كانت سببا في تشرد آلاف المواطنات والمواطنين المغاربة كبارا وصغارا، وأدت إلى تفريق الزوجات عن أزواجهم والأبناء عن آبائهم وأمهاتهم، فضلا عما تعرضوا إليه من إهانات واغتصاب وتجريد من ممتلكاتهم، واقتيادهم تحت حراسة مشددة من قبل الجيش والدرك والأمن الجزائري إلى المركز الحدودي المسمى “جوج بغال”.
حيث أنه أنكر بشكل قطعي أن تكون السلطات الجزائرية قامت بطرد تلك الأسر ومصادرة ممتلكاتها، زاعما أنهم غادروا الجزائر من تلقاء أنفسهم. والأفظع من ذلك هو نعتهم ب”الخماسين” الذين لا يتوفرون على أي ممتلكات، فأي حقارة ووقاحة أكبر من هذه؟ ثم متى كان الدبلوماسيون عبر العالم يستعملون في تصريحاتهم عبارات ساقطة ويحطون من كرامة الإنسان في واضحة النهار؟ فالحقيقة التي تكاد تفقأ عيون الناقمين ولا يمكن إخفاؤها أو طمس معالمها، هي أن بعض تلك العائلات المطرودة بشكل تعسفي كانت تملك قطعا أرضية ومتاجر وأملاك خاصة، وأن محاولة للإنكار والتملص من المسؤولية، يؤكدان بشدة أن النظام العسكري الجزائري الفاسد والمستبد تشبع كثيرا بنظرية وزير الدعاية الألماني “جوزيف جوبلز” في عهد “هتلر”، الذي كان يعتمد مبدأ “اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس”.
ويعد “جوبلز” صاحب هذه القولة الشهيرة من بين أكبر الشخصيات التي اشتهرت بالدها في الحروب النفسية، وعرفت كيف توظف في أكثر من مناسبة وسائل الإعلام وتستثمرها في قلب الحقائق، حيث كان بطلا في ممارسة الكذب الممنهج والمبرمج، الذي يعتمد الترويج لمنهج النازية وتحطيم الخصوم، ويؤمن بقوة أن من يملك وسائل الإعلام يملك الكلمة الفصل في الحروب بشتى أصنافها. لكن شتان ما بين “جوبلز” و”بلاني” من فروقات كبيرة جدا! إذ تبث بما لا يدع مجالا للشك أن السمة البارزة التي تجمع بين أعضاء “العصابة” من شنقريحة وتبون والعمامرة وبلاني وغيرهم من الأفاقين، هي أنهم من أكبر الأغبياء عبر التاريخ، كما يشهد بذلك الجزائريون أنفسهم الذين لن ينساقوا خلف الحملة الدعائية المغرضة، والرامية إلى نشر قيم البغض والكراهية ضد أشقائهم المغاربة…
فما لا ينبغي أن يغيب عن أذهان “العصابة” المنبوذة، هو أنهم رغم كل ما ينفقونه من ميزانيات هائلة من أموال الشعب في استفزاز المغرب ومعاكسة مصالحه، لن يستطيعوا الاستمرار في لعبتهم القذرة إلى ما لا نهاية مهما حاولوا خلط الأوراق. حيث أنه لم يعد هناك أحد داخل الجزائر وخارجها يصدق ترهاتهم، بعد أن تكشف خبث نواياهم وانفضحت أطماعهم التوسعية، فالصحراء مغربية شاء من شاء وكره من كره، وستظل كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
ثم عليهم ألا ينسوا كذلك أنه حتى وإن لم يطالب المغرب بعد وبصفة رسمية باسترجاع حقوق أبنائه ضحايا الطرد الجائر من الجزائر، فإن فعاليات المجتمع المدني عاقدة العزم على مواصلة الدفاع المستميت عن ملفهم، وأنها إيمانا منها بعدالة قضيتهم ستستمر في الترافع القانوني والسياسي إلى حين انتزاع إقرار السلطات الجزائرية بجريمتها الشنعاء…