النظام العسكري الجزائري يعرف بتدخلها في أزمة ليبيا وترفض أي حلّ لا يرضيه
عبدالقادر كتــرة
في خرجة غريبة ومستفزة للأشقاء في ليبيا، وضدا على الأعراف والقوانين الدولية، يعترف النظام العسكري الجزائري بتدخلها في الشؤون الداخلية لليبيا ويصرح علنا بأن لا حلّ لأزمة الشعب الليبي إلى بما يرضي نظام جنرالات ثكنة بن عكنون، كما دأب على التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان المجاورة، مالي والمغرب وموريتانيا وتونس في محاولة لزعزعة أمنها واستقرارها .
وسبق للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أن صرح أن بلاده كانت مستعدة “للتدخل بصفة أو بأخرى” في ليبيا المجاورة لوقف تقدم قوات المشير خليفة حفتر نحو العاصمة طرابلس.
وقال تبّون، خلال مقابلة تلفزيونية مع قناة الجزيرة بثت الثلاثاء 8 يونيو الماضي “لا نقبل أن تكون أول عاصمة مغاربية وإفريقية يحتلها المرتزقة …كنا سنتدخل بصفة أو بأخرى ولا نبقى مكتوفي الأيدي ولم نكن لنقبل بتقدّم حفتر نحو طرابلس “.
وقال الرئيس الجزائري ردا على سؤال عما كان يعنيه بأن “طرابلس خط أحمر”، “كنا نقصد أننا لن نقبل بأن تكون طرابلس أول عاصمة مغاربية وإفريقية يحتلها المرتزقة. كنا سنتدخل”.
وعندما سأله الصحافي عما اذا كانت الجزائر تعتزم التدخل “عسكريا”، أجاب تبون “كنا سنتدخل بصفة أو بأخرى ولا نبقى مكتوفي الأيدي”، في الوقت الذي لم يكن الدستور الجزائري يسمح بتدخل الجيش الجزائري خارج الحدود، لكن تعديلا دستوريا في الأول من نونبر الماضي بات يتيح لرئيس الجمهورية “إرسال وحدات من الجيش إلى الخارج” بعد موافقة البرلمان.
تصريح الرئيس الجزائري بعزمه تدخل النظام العسكري الجزائري في الشؤون الليبية، أكده دبلوماسيون وسياسيون وأساتذة جامعيون خلال ندوة نظمها مركز الشعب للدراسات والبحوث بعنوان “مستقبل الأزمة الليبية: ليبيا إلى أين ..؟” بالجزائر العاصمة.
وأجمعوا على أنه لا يمكن الحديث عن أي تسوية للنزاع في ليبيا دون الجزائر، مشددين على أن أي حل لا بد أن يكون مرفوقا بالمبادئ الأساسية التي تضمنتها المقاربة الجزائرية لا سيما تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة الليبية باعتبارها الطريق الوحيد للخروج من الأزمة.
وأكد سفير الجزائر السابق في ليبيا، صالح بوشة، حسب ما نشرته جريدة الشروق الناطقة الرسمي باسم النظام العسكري الجزائري، أنه لا يمكن التحدث عن تسوية النزاع في ليبيا دون الجزائر أو أن يكون الحل ضد الجزائر، مضيفا أن “حل النزاع لا بد أن يكون مرفوقا بمقاربة تجمع بين المبادئ الأساسية التي تضمنتها المقاربة الجزائرية”.
وأبرز سفير الجزائر السابق في ليبيا، صالح بوشة “أهمية الحل الإقليمي لتسوية النزاع في ليبيا، وهو الأمر الذي أكده الخطاب السياسي الرسمي الجزائري والذي بدا واضحا من خلال عديد اللقاءات التي نظمتها الجزائر لتسوية الأزمة الليبية”، حسب نفس الجريدة العسكرية، داعيا في هذا السياق دول الجوار الليبي لأن تؤدي “دورا فاعلا وأن تكون الشريك الأساسي لليبيا للخروج من هذه الأزمة بالنظر إلى التحديات الأمنية والجيو سياسية”.
ويرى بوشة أن “الأزمة الليبية اليوم مستمرة بكل أشكالها وتعقيداتها ولاتزال تصطدم بالمسار الدولي”، مبرزا أن تأجيل الانتخابات العامة التي كانت مقررة يوم 24 دجنبر الماضي هو خير دليل على ذلك.
أما الدكتورة تسعديت مسيح الدين، أستاذة التعليم العالي بالمدرسة الوطنية العليا للعلوم السياسية ومديرة مخبر تحليل السياسات الشرق أوسطي بالجزائر، فتطرقت في مداخلتها إلى المشهد السياسي والأمني الحالي، مبرزة أنه “على الرغم من التحسن الذي شهده الملف الليبي لاسيما فيما يتعلق بوقف إطلاق النار وتخفيف حدة الانقسامات التي كانت موجودة على الساحة السياسية الليبية، غير أن ذلك يبقى غير فعال لغياب مؤسسات دولة قوية ترعى مصالح الشعب الليبي وتضعها فوق كل اعتبار”.
من جهة أخرى، وللتذكير، يصاب النظام العسكري بالعمى والصمم عندما يتعلق الأمر بالحديث عن اللقاءات والاجتماعات والمشاورات لحلحلة أزمة الفرقاء الليبيين التي احتضنتها المملكة المغربية الشريفة في أجواء أخوية ، ووصلت إلى وقف النزاعات المسلحة والحرب التي دامت العشر سنوات إلى ما وصلوا إليه اليوم.
وسبق أن اتفق وفدا المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ومجلس النواب الليبي ، السبت 23 يناير 2021 بمدينة بوزنيقة، في ختام جولة جديدة من الحوار الليبي، على تشكيل وتسمية فرق عمل مصغرة تتولى اتخاذ الخطوات الإجرائية بشأن شاغلي المناصب السيادية.
وجاء في البيان الختامي الذي توج أشغال هذه الجولة أنه تمت خلال هذا الاجتماع مراجعة ما سبق التوافق عليه بشأن تطبيق المادة 15 من الاتفاق السياسي الليبي الموقع بمدينة الصخيرات في دجنبر 2015. وستقوم فرق العمل، حسب البيان الختامي، على الخصوص بتصميم نماذج الترشح، ودعوة المترشحين لتقديم طلبات الترشح مصحوبة بالشروط والمعايير المتفق عليها، والتأكد من مطابقة الترشيحات للمعايير والشروط المقررة، وتلقي نماذج الترشح والسير الذاتية للمترشحين اعتبارا من منتصف يوم 26 يناير الجاري إلى نهاية يوم 2 فبراير المقبل.
وجاءت هذه الجولة الجديدة امتدادا لسلسلة جولات سابقة عقدها الطرفان بالمغرب، في شتنبر وأكتوبر ونونبر 2020 بكل من بوزنيقة وطنجة، توجت بالتوصل إلى “تفاهمات شاملة حول ضوابط وآليات ومعايير اختيار شاغلي المناصب القيادية للمؤسسات السيادية المنصوص عليها في المادة 15 من الاتفاق السياسي الليبي الموقع في دجنبر 2015 بالصخيرات”.
وسبق أن احتضنت المملكة المغربية الشريفة برعاية خاصة جلسات الحوار بين الفرقاء اللبيين بالصخيرات (17 دجنبر/كانون الأول 2015) ، ثم بوزنيقة 1 و 2 (6 شتنبر/أيلول 2020) ، بمشاركة ممثلي أعضاء مجلس النواب الموجود مقره في طبرق والذي يرأسه عقيلة صالح من جهة، وبين ممثلي المجلس الأعلى للدولة الموجود مقره في طرابلس والذي يرأسه خالد المشري من جهة ثانية في اطار مساعي المملكة لنزع فتيل الأزمة في ليبيا.
وسبق أن اجتمع أكثر من تسعين عضوا (90) بمجلس النواب الليبي، بطنجة عاصمة الشمال المغربي، اليوم الأحد22 نونبر 2020، في لقاء تشاوري بمدينة طنجة ، في محاولة لتفعيل دور المجلس.