قرار اعتزالك غير حكيم يا زياش!
اسماعيل الحلوتي
بداية لا يسعني إلا أن أنوه باللاعب الدولي المتميز ونجم أسود الأطلس حكيم زياش ذي الثمانية والعشرين ربيعا، الذي رغم استبعاده من تشكيلة المنتخب المغربي بسبب ما وجه إليه من انتقادات حادة من قبل الناخب الوطني البوسني وحيد هاليلوزيتش، أبى إلا أن يظل هادئا وملتزما الصمت، بل ورافضا حتى التعليق على تلك الاتهامات وقرار الإبعاد، طيلة مباريات نهائيات كأس أمم إفريقيا التي استضافتها الكاميرون في نسختها الثالثة والثلاثين برسم سنة 2021 خلال الفترة الممتدة ما بين 9 يناير و6 فبراير 2022، التي خرج منها المنتخب المغربي في دور الربع، فيما آل الفوز بالكأس لأول مرة لمنتخب السنغال على حساب نظيره المصري بالضربات الترجيحية يوم الأحد 6 فبراير 2022 بملعب أحمدو أهيدجو بالعاصمة ياوندي، ليعلن (زياش) عن قراره اعتزال اللعب ضمن صفوف منتخب بلاده، بعد أن خاب ظنه في العودة إلى أحضانه ثانية.
ذلك أن حكيم زياش الذي سبق له أن رفض اللعب لمنتخب “الطواحين” الهولندي مفضلا الانضمام لمنتخب بلاده الأم، لم يكن حكيما هذه المرة في التصريح الذي خص به قناة “أبو ظبي” الرياضية يوم الثلاثاء 8 فبراير 2022، حيث أعلن عن قراره النهائي بعدم العودة لتمثيل المنتخب الوطني من جديد، وهو جد محبط وحزين بسبب تمادي الناخب الوطني وحيد هاليلوزيتش في الكذب والافتراء، مبديا احترامه لقراره القاضي بإبعاده حتى وإن كان جائرا، وتفهمه لحجم الغضب الذي سيحس به المغاربة تجاه قراره، مؤكدا على أنه سيتفرغ للتركيز الكامل مع فريقه الإنجليزي “تشيلسي”.
وجدير بالذكر أن الناخب البوسني وحيد هاليلوزيتش كان قد اتخذ منذ حوالي سبعة شهور قرارا باستبعاد حكيم زياش من المشاركة في عدة ومباريات ونهائيات كأس أمم إفريقيا “طوطال إنيرجي” الكاميرون 21، بدعوى عدم انضباطه واحترامه لقميص المنتخب الوطني الذي يعتبر مقدسا بالنسبة له، إذ أنه أكد الأمر أمام وسائل الإعلام خلال ندوة صحفية عقدها إبان الإعلان عن اللائحة النهائية للنخبة الوطنية، مشددا على رفض السماح بعودته مادام مسؤولا على قيادة العارضة الفنية للمنتخب المغربي، ليغلق بذلك الباب أمام كل الجهود الرامية إلى محاولة رأب الصدع بينهما وإشراك زياش ضمن عناصر المنتخب ولو بعد حين.
ولأن جرح الإقصاء المر والمبكر من نهائيات ال”كان” مازال ينزف ولم يندمل بعد، وفي خضم الشعور بالتذمر الملازم للجمهور الرياضي العريض، الذي يطالب بقوة إقالة المدرب وحيد العنيد ومعه رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم فوزي لقجع، فإن قرار الاعتزال الذي فجره حكيم زياش أمام مرأى ومسمع من العالم لم يزد نيران الغضب إلا تأججا. كما أنه أثار موجة عارمة من الجدل وردود الفعل الساخطة، ليس فقط في الأوساط الرياضية بالمغرب، بل تفاعلت معه كذلك بعض الصحف الرياضية الدولية ومنها مثلا صحيفة “أ دي” الهولندية و”ديلي ميل” البريطانية، اللتان اعتبرتا أن إقدام زياش على هذه الخطوة كان متوقعا، جراء العلاقة المتشنجة بينه وبين الناخب الوطني هاليلوزيتش، الذي لم يفتأ يتهمه في خرجاته الصحفية بكونه غير احترافي، فضلا عن رفضه التدرب ومحاولة نسف المجموعة…
ومن جهة أخرى نزل قرار زياش باعتزال اللعب مع منتخب بلاده كالصاعقة على رؤوس عدد كبير من المغاربة، الذين رأى فيه بعضهم نتيجة طبيعية لما يبديه الناخب الوطني من إصرار على إبعاده، والتمادي في جعله مشجبا لتعليق إخفاقاته وسوء اختياراته، رافضين بشدة أن يظل منتخبهم الوطني محروما من خبرات نجمهم المتألق، الذي لمع اسمه في سماء الكرة العالمية وفي أعرق الأندية الرياضية بأقوى البطولات الدولية، لاسيما بعد أن جدد المدرب قرار استبعاده في ندوة عقدها يوم الخميس 3 فبراير 2022 حول حصيلة المنتخب الوطني في نهائيات كأس أمم إفريقيا بالكاميرون، حيث قال: “لا يمكنني استدعاء لاعب يمكنه تفجير المجموعة، حتى لو كان اسمه ليونيل ميسي” في رده على مطالب الجماهير والإعلام المحلي بطي صفحة الخلافات الشخصية وإعادة التفكير في الاستعانة بخدمات زياش الكروية الذي لم تنفك الصحف الرياضية البريطانية تشيد بتألقه اللافت في الآونة الأخيرة مع فريقه اللندني تشيلسي.
إننا وكما أبدينا بالأمس احتراما لقرار المدرب وحيد هاليلوزيتش عندما أسقط حكيم زياش من مفكرته، نعلن اليوم عن احترامنا كذلك لقرار اللاعب زياش في التخلي عن حمل قميص وطنه الأم. بيد أنه وبعيدا عن دواعي الخلاف القائم بينهما الذي لن يزيد استمرار الحديث عنه الأمور إلا تعقيدا، فإننا في ظل حاجتنا الملحة إلى كل نجومنا القادرة على تغيير النتائج وقلب موازين القوة لصالحنا في أي مباراة مصيرية، بما تملكه من مهارات فنية وتمريرات حاسمة وتسديدات مركزة وقوية، نناشد رئيس الجامعة ومعه كل ذوي النيات الحسنة من الغيورين عن كرة القدم الوطنية، التدخل العاجل ودعوة الرجلين إلى الاحتكام للعقل من أجل إنهاء الخلاف القائم، الذي يبدو وبكل تأكيد أنه لا يعدو أن يكون سوء تفاهم أو تقدير، والعمل بكامل المسؤولية والجدية على تقريب المسافة بينهما بما يخدم المصلحة العليا للوطن.