رسالة إلى الاتحاد الأوروبي و لوبي الفساد.
يحي طربي
لقد حقق المغرب من الديمقراطية و احترام حقوق الإنسان، خلال العشرين سنة الماضية، ما لم تحققه كل الدول العربية و الإفريقية، أو حتى روسيا أو الصين. إذ، من جهة، عرفت حرية التعبير و الصحافة و الرأي، ببلادنا، تقدما ملموسا، و تطورت حرية الفكر و النقد و الابداع تطورا كبيرا، في انتظار الإفراج عن حرية المعتقد و الحرية الجنسية، كما هو معمول به في أمريكا و إنكلترا مثلا، و ما هي إلا مسألة وقت فقط لبلوغ هذه الغاية، و من جهة أخرى، نجحت بلادنا في تنزيل و أجرأة مبدإ المناصفة و المساواة بين الرجل و المرأة، في كل المجالات و على جميع الأصعدة، وصولا إلى تنزيل مشروع الحماية الاجتماعية و النموذج التنموي الجديد، لتكريس هذه المكتسبات و تحقيق العيش الكريم للمغاربة؛ لاستكمال بناء دولة الحق، و فرض سيادة القانون على نطاق واسع و شامل. و قد دفعت هذه الانجازات العديد من دول العالم إلى التحالف مع المغرب قصد الاستفاذة من خبرته و تجربته الديمقراطية و التنموية.
صحيح لقد وقعت و قد تقع تجاوزات، من حين لآخر، تضر بسمعة الوطن، بسبب الشطط في استعمال السلطة و القانون من طرف بعض المسؤولين، أو بسبب أمية أو تهور أو غباء أو طغيان أو لامبالاة و” كلاخ ” بعض المنتخبين الذين وضعت فيهم وزارة الداخلية و المواطنون ثقتهم لتدبير الشأن المحلي. كما أن التصرفات المشينة للوبي الفساد، المتجدر في بعض المؤسسات الحكومية و المنتخبة، الذي يستغل الصلاحيات و النفوذ ليتفنن في اختلاس المال العام و السطو على السلطة و ممتلكات الدولة، و يعرقل المسار الديمقراطي و التنموي الذي يوليه جلالة الملك أهمية كبرى، تصرفات لا مسؤولة، تضر بالمصلحة العامة للوطن و تعطي لخصومه في الداخل و الخارج كل الفرص للنيل من سمعة و مكانة البلاد. من تم فإن المجلس الأعلى للحسابات و النيابة العامة و المنظمات الحقوقية مطالبة، كل حسب اختصاصه، أكثر من أي و قت مضى، بتسريع البحث و التحري و التدقيق في كل ما من شأنه إلحاق الضرر بالمال العام، و خرق القوانين الجاري بها العمل، و عرقلة تنمية البلاد و العباد، و ذلك من أجل تطهير المجتمع من الرشوة و القضاء على بؤر و رؤوس الفساد إلى الأبد، مع العلم أن الحرب ضد الفساد قائمة و مستمرة.
بالرغم من هذه النسبة الصغيرة المتبقية من الفساد، التي تعتبر نقطة سوداء في المسار الديموقراطي للبلاد و التي تحول دون تحقيق دمقرطة شاملة للمجتمع، ورغم مؤامرات الخصوم و الأعداء و تداعيات جائحة كورونا، حقق المغرب إنجازات إقتصادية و إجتماعية و حقوقية عملاقة، كما أن كل المؤشرات تدل على أن بلادنا تسير نحو المزيد من التقدم و الازدهار بخطى ثابتة و جريئة، و لم نعد في أمس الحاجة إلى فرنسا أو إسبانيا أو باقي دول القارة العجوز؛ إذ لدينا فلاحتنا و صناعتنا و طاقتنا النظيفة و موانئنا و جامعاتنا و مستشفياتنا و أطرنا و علماؤنا و جيوشنا و أسلحتنا و أقوى الحلفاء، و بحورنا و أسماكنا و خاصة سمكة التونة ” العنيدة ” التي يلهث وراءها صيادوهم، وعندنا الشمس و الشطئان و الصحاري و الجبال. لدينا كل شئ تقريبا و يعد نظامنا السياسي من أحسن الأنظمة في العالم، لدا، على دول الضفة الأخرى للمتوسط أن تدرك بأن الوقت قد حان و أصبحت كل الظروف مناسبة للاعتراف بمغربية الصحراء، دون قيد او شرط، و أن يبادروا إلى فتح قنصلياتهم بالأقاليم الجنوبية المغربية، و أن يعتبروا المغرب عضوا كامل العضوية بالاتحاد الأوروبي، علما أنه أقرب إلى أوروبا من ايرلندا و مالطا… وأن يعيدوا لنا مدينتي سبتة و مليلية السليبتين و كذا الجزر المجاورة، بدون تفاوض و بالتي هي أحسن، و إلا فالكل يعلم بأن الديبلوماسية المغربية سلاح دو حدين.