ما الداعي إلى تبني توقيت غرينتش خلال شهر رمضان المبارك؟
محمد إنفي
صراحة، لا أفهم الحكمة، إن كانت هناك حكمة، ولا أدرك الأبعاد الروحية، إن كانت هناك أبعاد روحية، لقرار العودة إلى توقيت غرينتش خلال شهر رمضان المبارك. وبمعنى آخر، فأنا، شخصيا، لا أستوعب مبررات ودواعي هذه العودة ما دامت تخص شهر رمضان فقط. فما الهدف (أو الأهداف) المتوخى، إذن، من وراء هذا القرار؟
نتذكر جميعا الممانعة والمقاومة التي قوبل بها التوقيت الرسمي الجديد للمغرب، والذي عوَّض توقيت غرينتش. وقد بذل المغاربة، كبارا وصغارا، مجهودا كبيرا للتأقلم، بهذا القدر أو ذاك، مع هذا التوقيت الرسمي الجديد (توقيت غرينتش زائد ساعة). ولم يكن ذلك من السهل، أبدا. لكن، مع المدة، حصل، تدريجيا، نوع من التطبُّع مع التوقيت الجديد.
لهذا، أرى، شخصيا، أن الرجوع إلى توقيت غرينتش، أي تأخير التوقيت الحالي بستين دقيقة، ليس حكيما ولا مفيدا؛ بل سوف يحدث لخبطة واضطرابا في الساعة البيولوجية التي انضبطت تماما، أو كادت، على التوقيت الرسمي الجديد.
قد يكون المبرر موعد الإفطار وموعد الإمساك. فإن كان الأمر كذلك، فهو في رأيي غير مقنع؛ إذ ما الفرق بين أن تمسك في الرابعة والنصف صباحا وتفطر في السابعة مساء، وبين أن تمسك في الخامسة والنصف صباحا وتفطر في الثامنة مساء؟ فمدة الصيام لا تتأثر ولا تتغير، والموعد الشرعي للإفطار (غروب الشمس) والإمساك (طلوع الفجر) غير قابل للتصرف. وهذا مثال فقط؛ فموعد الإمساك والإفطار يتغير حسب طول وقصر الليل والنهار. فعدد ساعات الصوم في شهر دجنبر، ليس نفسه في شهر أبريل، على سبيل المثال.
كثير من المؤمنين والمؤمنات يصومون الاثنين والخميس، إما دائما وإما حسب المستطاع، ويصومون، أيضا، الأيام البيض في الشهور القمرية (13، 14، 15). فهل يجد هؤلاء صعوبة في ممارسة شعيرة الصيام خارج شهر رمضان؟ ثم، هل للتوقيت الرسمي الجديد أثر على أوقات الصلاة؟ فالمؤذنون ينادون للصلاة في وقتها حسب التوقيت الرسمي، وتقام الصلوات في وقتها كذلك، دون اضطراب أو خلط في المواعد، سواء كان النهار أطول من الليل أو العكس.
لكن، لا نضمن ألا يحصل الاضطراب والخلط، في بداية رمضان وبداية شهر شوال، كما سبق وحصل، مرارا، عند تأخير أو تقديم الساعة بمناسبة التوقيت الصيفي أو التوقيت الشتوي، عندما كان معمولا به في بلادنا. فكم من مؤذن أذن خارج الوقت، إما تقديما أو تأخيرا. ثم إن تغيير التوقيت سوف يحدث تشويشا ذهنيا، خصوصا لدى التلاميذ؛ وذلك بفعل اضطراب الساعة البيولوجية.
أما إذا كان داعي العودة إلى توقيت غرينتش هو التغيير الذي يقع، بمناسبة رمضان، في مواعد الدخول والخروج بالنسبة لموظفي الإدارة المغربية، وكذا بالنسبة للمدارس (تلاميذ وأساتذة وإداريين)، فإن هذا المبرر غير مقنع أيضا. ففي شهر رمضان، يتم تقليص مدة العمل في الإدارة ومدة الدراسة في المؤسسات التعليمية؛ لذلك، يمكن الحفاظ على الساعة 9 صباحا بالنسبة للإدارة وتعميم هذا الموعد على المدارس أيضا. وسوف يستفيد الجميع من بعض الساعات للراحة خلال الفترة المسائية.
ويمكن تكييف موعد الدخول والخروج مع طول النهار أو قصره. فبما أن ساعة العمل في الإدارة المغربية، خلال شهر رمضان المبارك، تتحدد في ست ساعات، فيمكن، خلال شهر رمضان المقبل، على سبيل المثال، تأجيل ساعة الدخول إلى العاشرة صباحا والخروج في الساعة الرابعة عصرا. وحين يصادف الشهر الفضيل الشهور الأقصر في السنة، يؤخذ هذا المعطى بعين الاعتبار.
هذا رأيي في الموضوع، وليس لي من هدف سوى التنبيه إلى ما يمكن أن يحدث من ارتباك أو اضطراب بفعل تغيير التوقيت؛ وذلك بهدف تجنبه. ولأصحاب القرار واسع النظر.
مكناس في 17 مارس 2022