الرئيس الجزائري”بوتفليقة” والجنرال “نزار” مَنَعا نشْر “الجزء 2 من مذكرات الرئيس الشاذلي” لكشفه فسادهما
عبدالقادر كتــرة
في خطوة جريئة وخطيرة، صرح الإعلامي الكاتب والمترجم الجزائري عبد العزيز بوباكير، بأن الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، ووزير الدفاع الوطني الأسبق الجنرال خالد نزار، هما من وقفا وراء عدم نشر الجزء الثاني من مذكرات الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد.
وأكد بوباكير، في مداخلة له، الإثنين 28 مارس 2022، حسب ما نشرته أحد المواقع الإعلامية الجزائري، على هامش حضوره اللقاء الإعلامي المسمى “ضيف الجامعة” المنظم من قبل مخبر بحوث ودراسات في الميديا الجديدة بقسم علوم الإعلام والاتصال بجامعة محمد بوضياف بالمسيلة: “أن الجزء الثاني من المذكرات الذي يتكون من 380 صفحة قام بتسليمه إلى إحدى دور النشر قبل سبع سنوات، التي لم يكشف عن اسمها وذلك باللغتين العربية والفرنسية، من صعود الشاذلي إلى الحكم إلى غاية استقالته، بأن بعض الأطراف وقفت خلف عدم نشر هذا الجزء المهم من بينهم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة وكذا خالد نزار اللذان سعيا حسب قوله إلى منعها من النشر، لأن مضمونها يزعجهما ويزعج عدة جهات أخرى لم يكشف عنها.”
وحسب الإعلامي الكاتب والمترجم الجزائري، استنادا إلى نفس المصدر، فإن جانبا من المذكرات يتحدث فيه عن نهب المال العام في عهد حكم بوتفليقة وعدة اتهامات له بذلك، إضافة إلى بعض الأعمال التي ارتكبها نزار والعديد من المواضيع، على أن تصدر قريباً سواءً في شكلها الحالي على حد تأكيده أو في كتاب له سيرى النور خلال هذه السنة.
وفي السياق ذاته، جدد ذات المتحدث التأكيد على أن الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد قدم استقالته بمحض إرادته، ولم يتم دفعه إلى ذلك من أي جهة كانت، مضيفا بأن الرجل الذي عرفه قبيل وصوله إلى سدة الحكم بست سنوات تعرض للظلم وظلمته الجزائر ومحيطه، في ظل الصراعات المشاكل التي كانت أنذاك.
وسبق للكاتب عبد العزيز بوباكير أن أصدر كتابا عنونه ب”بوتفليقة رجل القدر”، أثار حفيظة اللواء المتقاعد بطل العشرية السوداء المحكوم ب20 سنة سجنا نافذا وكان هاربا إلى فرنسا قبل أن تتم دعوته من طرف الفريق السعيد شنقريحة قائد الأركان الجزائرية بعد اغتيال الفريق قايد صالح، ويسمح له بالعودة على متن طائرة رئاسية، وأصبح ضمن الفريق الحاكم اليوم.
مباشرة بعد صدور الكتاب، أرسل اللواء المتقاعد خالد نزار للكاتب عبد العزيز بوباكير والناشر كمال قرور، إعذارا “شبه قضائي” عن طريق محاميه عجال حميد لمؤسسة “الوطن اليوم” مُطالبا بـ “حذف كل ما يسيء للواء المتقاعد” في الكتاب الجديد لعبد العزيز بوباكير المُعنون: بوتفليقة رجل القدر.
وأكّد بوباكير، في حوار أن نزار لم يطلع على حرف من الكتاب الذي صدر يوم 28 ماي 2019، ولكنه استبق الحدث وقرّر إرسال إعذار “شبه قضائي”.
ورجّح بوباكير، حسب نفس المصدر، أن يكون سبب هلع نزار هو قُرب بوباكير من الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، بحكم أنه كاتب مذكراته، خاصة أنه قال منذ أيام للصحافة أن شخصيات من نظام الشاذلي كانت سببا في عدم صدور الجزء الثاني من مذكراته.
أما بخصوص الإعذار “شبه قضائي” فقد جاء في منشور لمدير دار نشر “الوطن اليوم”، كمال قرور، على صفحته بفيسبوك بتاريخ 28 ماي 2019 ما يلي: “في سابقة خطيرة، تخنق الرأي وتكمم الأفواه ، محامي الجنرال خالد نزار يطالب الوطن اليوم للنشر، بحذف كل ما يسيء الى الجنرال نزار في كتاب “بوتفليقة رجل القدر” للأستاذ عبد العزيز بوباكير الذي صدر اليوم ، و يهدد بالمتابعة القضائية “.
“والحقيقة أن “الوطن اليوم”، يقول عبد العزيز بوباكير ، مؤسسة محترمة ولها سمعة ومصداقية، التزمت بنشر الكتاب من باب تنوير الرأي العام لفهم تاريخنا المعاصر الذي تتشابك فيه مصائر شخصيات وطنية كثيرة، وكلفت من قرأ المخطوط فأثنى عليه وزكاه للنشر “، وزاد قائلا: “ولو رأت المؤسسة في الكتاب ما يمس بخصوصية أحد من الشخصيات الكثيرة المذكورة فيه، ما أقدمت على نشره”.
وحتم تصريحه ب”لهذا تفاجأنا بهذه الرقابة القبلية. الجديدة التي تحاكم. النوايا. وتهدد بالقضاء ، وتصادر حق المواطنين في المعلومة ،وتعيق حركية. النشر في بلانا وتسيء الى عهد ما بعد 22 فبراير ، الذي اتخذ موقفا صارما ضد الارباب و الشمولية .”
للتذكير فقط، مذكرات الشاذلي بن جديد. هو كتاب من تأليف الشاذلي بن جديد، وتحرير عبد العزيز بوباكير، طبع الجزء الأول منه ملامح حياة 1929 – 1979 عدد صفحاته 279 صفحة. هذه المذكرات أقرب إلى الترجمة من السيرة لأن صاحبها تفادى سرد كل الجوانب الحياتية ويعلل ذلك لسببين الأول ضياع بعض الوثائق أو أتلافها لأسباب مختلفة، والسبب الثاني تمثل في تذبذب الذاكرة. كما أسقط عامدًا بعض الأمور التي يمكن أن تؤول كإساءة إلى بعض الأشخاص كتصفية حسابات شخصية. فكانت هذه المذكرات ترجمة عن صاحبها والتي سماها “ملامح حياة”.
كان بن جديد وزيرًا للدفاع من نونبر 1978، وحتى فبراير 1979. وأصبح بعد وفاة هواري بومدين رئيسًا للجزائر خلافًا لما كان يعتقد أن يخلف بومدين في الرئاسة مرشحون مثل عبد العزيز بوتفليقة أو محمد صالح يحياوي. حيث كان بن جديد يحسب على أنه تحرري موالي للغرب. أثناء فترة رئاسته، خفف من تدخله في الاقتصاد وخفف المراقبة الأمنية للمواطنين.
في أواخر الثمانيات، ومع انهيار الاقتصاد بسبب انخفاض أسعار النفط بسرعة، اشتدت حدة التوتر بين أجنحة النظام الداعمين لسياسة بن جديد الاقتصادية من جهة ومن المعارضين لسياسة بن جديد والمطالبين بالعودة إلى النهج المؤسس.
في أكتوبر 1988، اندلعت احتجاجات شبابية ضد بن جديد احتجاجا على سياسات التقشف مما أدى إلى انتشار اضطرابات هائلة في مدن وهران، وعنابة، وأخرى أدت إلى أن يقوم الجيش بقمعها بشكل وحشي وأدى هذا إلى مقتل المئات. وفي سعيه للبقاء سياسيًا، دعا بن جديد إلى الانتقال للديمقراطية والسماح بالتعددية الحزبية. على أية حال، تدخل الجيش الجزائري لإيقاف الانتخابات الديمقراطية من جلب حركة الجبهة الإسلامية للإنقاذ (FIS) إلى السلطة. مما أدى إلى استقالة بن جديد ودخول البلاد في حرب أهلية دموية وطويلة.
بعد يناير 1992 ابتعد بن جديد عن الحياة السياسة. في أواخر 2008، ظهر بن جديد عندما ألقى خطابًا مثيرًا للجدل في مدينته الأصلية الطارف.
وتوفي يوم السبت 6 أكتوبر 2012، الرئيس الجزائري الأسبق الشاذلي بن جديد عن عمر ناهز 83 عامًا، في مستشفى عين النعجة العسكري بالعاصمة الجزائرية حيث كان يرقد في قسم العناية المركزة إثر تعرضه قبل أيام لأزمة قلبية حادة.