خلفت مقتل شاب و7 جرحى، ووزير جزائري يصرح للبرلمان: “الطوابير سلوك حضاري”
عبدالقادر كتــرة
بشهادة الجزائريين أنفسهم على معاناتهم مع الطوابير اللامتناهية على كلّ المواد الغذائية جديرة بتسجيلها في كتاب “غينس” للأرقام القياسية، وتوثقها مشاهد مصورة على اليوتوب، يقضي الجزائريون معظم أوقاتهم، من الفجر إلى غروب الشمس، للظفر بنصف لتر حليب أو كيلو دقيق أو قنينة زيت أو سحب دينارات من البريد أو كيلو بطاطا أو …أو …، وهي إشارات لدخول الجزائر حقبة المجاعة ستنتهي باستعمال “البون” للحصول على حصة غذائية.
وتشهد غالبية المدن والبلدات الجزائرية، حسب وسائل الإعلام الجزائرية بالإجماع، طوابير منذ الصباح الباكر للحصول على بعض المواد التموينية، كالحليب والزيت، بسبب الندرة الكبيرة التي تشهدها الأسواق الجزائرية من هذه المواد، وإخفاق الحكومة الجزائرية في توفيرها، خاصة في شهر رمضان الذي تشهد فيه الأسواق ارتفاعا كبيرا للأسعار الخضروات واللحوم البيضاء والحمراء والبيض والأسماك والخضر والفواكه الطرية والجافة…
وبسبب التزاحم في الطوابير والمناوشات تصل إلى حدّ التشابك بالأبدي وحتى استعمال السلاح الأبيض بين المواطنين المغلوبين على أمرهم، اضطرت السلطات إلى الاستعانة بفرق الأمن لتنظيم عمليات بيع الزيت والحليب في بعض مراكز ونقاط البيع التي فتحتها بعض المؤسسات التجارية الحكومية التي بادرت إلى البيع المباشر لهذه المواد للمواطنين، لكنها تبقى مبادرات محدودة وفي مناطق معينة كالعاصمة، من دون أن تشمل كل المدن.
وبشهادة وسائل الإعلام الجزائرية، يضطر المواطنون إلى الوقوف في الطوابير في وقت مبكر، أمام المحال التجارية، لضمان الحصول على الحليب، وهي الطوابير التي كانت موضوع مساءلة وزير التجارة كمال رزيق، بشأن ندرة المواد التموينية الأساسية، وعبروا عن سخطهم الكبير من مظاهر الطوابير المهينة والمذلة في المدن الجزائرية لأجل اقتناء الحليب أو قنينة زيت.
ردُّ الوزير الجزائري كان غريبا كعادته ومُهينا للجزائريين، رذّ هو أقرب إلى السخرية والتهكُّم إن لم يكن نابعا من الغباء والبلادة والجهل، حيث اعتبر أن الوقوف في الطوابير “سلوك حضاري لا ينتقص من كرامة المواطنين”.
خلفت الطوابير الجزائرية المشهورة في العالم والتي وصلت حتى فرنسا وكندا حين طالب جزائريون استرجاع ثمن التذاكر من مكاتب الجوية الجزائرية التي لم تستطع توفير لهم رحلات خلال الصيف الماضي، خلفت ضحايا مواطنين جزائريين بجروح متفاوتة الخطورة في طابور لِشِراء شكارة الحليب، السبت 2 أبريل 2022.
وأصيب الأشخاص السبعة الذين تراوح أعمارهم ما بين الـ40 والـ55 سنة، بجروح متفاوتة الخطورة، حسب ما تناقلته وسائل الإعلام الجزائري، اثنان منهم وصف الطاقم الطبي، بالمستشفى الجديد، الشاذلي بن جديد بششار، حالتهما بالحرجة، استدعت التكفل الطبي بهما، وهذا بعد مشادة عنيفة، بين مجموعة من المواطنين، كانوا ضمن طابور خاص بشراء حليب الأكياس بأحد المحلات التجارية، بوسط مدينة ششار، جنوب ولاية خنشلة، وقد تدخلت مصالح الأمن، على الفور وتم تفريق المتشاجرين ونقل الجرحى إلى المصحات.
وأشارت نفس المصادر ، من مدينة ششار، أن مواطني المنطقة، افتقدوا في اليومين الماضيين الحليب نهائيا، وبعد انتشار خبر توفر أكياس الحليب بأحد المحلات التجارية، بوسط المدينة، سارعوا إلى اقتناء هذه المادة الأساسية، لا سيما في شهر رمضان، ليجد الجميع أنفسهم مجبرين على الانضمام لطابور طويل وغير منظم من المواطنين، في محاولة للظفر بكيس واحد، يشفي غليلهم، وأمام نقص المادة، وبداية قلتها بالمحل، نشبت مشادة بين المواطنين، استعمل فيها عدد من المشاركين في الشجار الأسلحة البيضاء من حجارة وعصي، انتهت بإصابة سبعة أشخاص، بجروح بين البليغة والمتفاوتة الخطورة، ما استدعى نقلهم إلى المستشفى، ليتدخل مصالح الأمن ما حال دون تأزم الوضع.
وسبق لولاية الطارف بالجزائر، نهاية شهر أبريل الماضي، أن شهدت جريمة قتل راح ضحيتها شاب على يد شخص بسبب شجار حول كيس حليب، حسب ما أوردته مختلف وسائل الإعلام الجزائرية.
وحسب المعلومات المتداولة فإن الجريمة وقعت في شهر رمضان أين تشاجر الجاني بائع الحليب مع الضحية بسبب الطابور، ليتطور الشجار ويقدم الجاني على توجيه ضربات بالعصا على مستوى الرأس أردته قتيلا متأثرا بإصابته علما أنه كان صائما.
وخلقت وفاة الشيخ الذي لقب ب”شهيد طابور البريد” حالة من الحزن والتذمر على مواقع التواصل الاجتماعي بعد تناقل الخبر، وصورة الشيخ الذي لم يكن يعني من أي مرض بحسب ما أكده ابنه في جنازته.
لقد أصبحت وكالات الأنباء الدولية والصفحات على مواقع التواصل تغص بالمقاطع التي توثق لطوابير طويلة يؤثثها المواطن الجزائري للحصول على “شكارة حليب”، مما جعل الحديث داخل هذا البلد على أشده، بسبب عدم قدرة الدولة والمنتجين المعتمدين من توفير مادة حيوية للجزائري البسيط، و زاد الأمر من غضب الشارع الذي احتج بعنف أكثر من مرة على نقص هذه المادة في السوق الداخلية، ولم تكد تنسى أزمة الحليب حتى شوهد جموع المواطنين من جديد يتجمهرون أمام مراكز توزيع الدقيق من أجل الحصول على مادة “السميد” التي ارتفع سعرها فجأة وقلت داخل مراكز التوزيع و نقاط البيع…
تلقي الأزمة الجزائرية القائمة الذي تسبب فيها النظام العسكري الجزائري المفلس بظلالها على الجزائر وبتداعياتها على الشعب الجزائري والذي يجسدها الحراك الشعبي عبر المسيرات والمظاهرات اليومية، في ظل تدني الخدمات المعيشية، حيث يهدد الوضع الاقتصادي، على غرار ما وقع في فنزويلا، بنشوب مجاعة طاحنة تضرب أطراف شعب الدولة الأغنى في العالم، وذلك في الوقت الذى أصبحت فيه الرفوف في الأسواق والمخازن فارغة والمواد الغذائية الأساسية نادرة ومكلفة، على إيقاع انخفاض أسعار المحروقات والانهيار غير المسبوق للدينار الجزائري مع ارتفاع التضخم بنسبة مهولة، حيث تستعد السلطات إلى استعمال “البونات” لاقتناء المواد الأساسية