صدر حديثا للشاعرة بشرى تبوعي كتاب تحت عنوان: ” القتل الرحيم للصمت”
من مواليد مدينة الأضواء الرباط وأصل امازيغي، بشرى تبوعي، الشغوفة بالشعر وبالفن التشكيلي كفنانة عصامية، تكسر حاجز الصمت وتصدر مولودها الشعري الأول تحت عنوان: ” القتل الرحيم للصمت” (Euthanasie des Silences) بدار النشر “الرباط نيت”
هذه المجموعة الشعرية الجديدة “القتل الرحيم للصمت” للكاتبة بشرى تلخص حياة كاملة: ماض ثقيل حيث كانت أداة مصممة للخضوع للأوامر! هذه الفوضى الداخلية، التي تتعارض أحيانًا بين الرغبة في تأكيد الذات والخوف من المطالبة بحقوقها لفظيًا، كانت مهمة صعبة المنال بالنسبة لها.
إرضاء الآخرين دون شكوى كانت حكمتها. ومن هنا تقول الكاتبة،” يستقر الصمت المهيب! كان حليفي وصديقي ومرآتي وملاكي الحارس! يا لها من سعادة أن تدلل نفسك بأقكار عابرة! لإبقائها في زنزانة الروح! لتقييدها حتى لا تكون مشاعة!”. الغموض الأيقوني يمشي جنبًا إلى جنب مع الطيبوبة الفطرية تضيف الشاعرة.
بالنسبة لبشرى تبوعي. “الكتابة بحبر عروقي سطرت مساري في شبه ضل الصمت. لقد كانت حاجة ماسة لزعزعة الأوامر ونوع من التمرد والانتقام الذي لا رجعة فيه لإعادة ترتيب الألغاز المتناثرة وتأليف تقاسيم جيدة في النهاية للإستمتاع بسمفونية الروح! ”
لماذا الصمت بصيغة الجمع تقول الشاعرة: “لأنني أتحدث عن صمت الطفولة، صمت المراهقة وصمت الشباب، وخلال كل هذه الفترات العمرية كنت مهزوزًة في صمت وكان لي حليفا مقربا، هذا الصمت الذي ساعدني في الارتقاء بنفسي وإنضاج روحانيتي … كنت أعيش في صمت، لا أتحدث كثيرًا، كنت أتحدث إلى نفسي ومع صفحتي، الحبر والألوان هما اللذان ساعداني كثيرا لكي استمتع بهذا العالم المبهر الذي سطرته ورسمته بنفسي”
بعد إجازتها في الأدب الفرنسي، مارست بشرى تبوعي، مهنة التدريس من خلال استغلال خبرتها الفنية والتعليمية. ساهمت بقصائدها في مجموعة شعرية جماعية: “مائة شاعر شمال أفريقي” التي أشرف عليها المرحوم أحمد البقالي. عضو رابطة كتاب المغرب و: “القتل الرحيم للصمت” هو أول مولود لها.
عطر الصمت المقفل ينثر رائحته بمجرد ظهوره على السطح ومن الواضح أن الكتابة تشفي جراح الماضي المزعجة و”القتل الرحيم للصمت” حسب الكاتبة، يكشف عن المشاعر التي لا توصف ويردد أصداء المشاعر الأصيلة للحياة، وتقلباتها، تاركا خلفه الحب، الشباب، الأوهام، الجمال، الموت، الفشل والأحلام التائهة …..
الصمت بالنسبة لبشرى تبوعي مرحلة زمنية أساسية، لأنه يقدم لنا هذا النضج الفكري والروحي. وفي الواقع، يرتقي الرضيع في صمت، يخزن، يتلعثم، يتأرجح، ويخرج أخيرًا من قوقعته ويكسر أصداء الصمت لسماع صوته، الصوت الذي يشجعه على الاحتفال بحضوره!
محمد دريهم