مظاهرات بفرنسا للقبائليين للمطالبة بالاستقلال والنظام الجزائري يشعل الحرائق في غاباتها
عبدالقادر كتــرة
التأم شمل الآلاف من النشطاء القادمين من مختلف دول أوروبا المعارضين للنظام العسكري الجزائري الجاثم على صدر الشعب الجزائري المحتل لمنطقة القبايل الحرّة، وقفة احتجاجية حاشدة بالعاصمة الفرنسية وذلك بمناسبة تخليد الربيع “الأسود” الأمازيغي الذي راح ضحيته أكثر من 128 قبايلي برصاص الدرك الجزائري.
واستباقا لإفشال مظاهرات كان سكان القبايل يعتزمون تنظيمها في منطقتهم، يوم 20 أبريل 2022، احتجاجا على الاعتقالات المستمرة لنشطاء القبايل والتعذيب الذي يمارسه النظام الجزائري في حق أبناء القبايل، سارع جنرالات ثكنة بن عكنون وكهنة معبد المرادية بالعاصمة الجزائرية إلى إضرام النيرات في غابات القبايل كما وقع ذلك خلال الصيف الماضي.
النظام العسكري الجزائري صنف، مؤخرا كلاًّ من حركتي “الماك” و”رشاد” في خانة المنظمات الإرهابية، واتهمتهما بالتسبب في اشتعال حرائق غابات مدمرة في الجزائر مدعيا أن إحداهما مدعومة من المغرب وإسرائيل، اعتقلت إثرها الشرطة الجزائرية 22 شخصاً وجهت لهم تهمة إشعال تلك الحرائق.
وفي خطوة غير مسبوقة للتحرر من قبضة استعمار النظام العسكري الجزائري ، طالب “فرحات مهني” رئيس حكومة القبائل المؤقتة، بإدراج “منطقة القبايل باللجنة الأممية الرابعة لتصفية الاستعمار”، وتسجيل “حكومة القبايل المؤقتة” في قائمة الشعوب التي لا تتمتع بحق تقرير المصير.
وسبق لفرحات مْهني الرئيس المؤقت لحكومة منطقة القبايل أن رفع العلم الوطني الرسمي لبلاده “جمهورية القبايل المستقلة”، الأحد 11 أكتوبر 2015، أمام مقر الأمم المتحدة، في خطوة للتعبير عن رغبة “شعب القبايل” في التحرر من قبضة النظام العسكري الجزائري.
ويطالب الرئيس مْهني باستقلال منطقة القبايل التي تعيش، منذ سنوات، على وقع الاحتجاجات التي تقابلها السلطات العنصرية الجزائرية بانتهاكات وحشية لحقوق الإنسان، باستقلال “منطقة القبايل” الحالمة بالحرية في ظل دولة مستقلة متعاونة مع كل الدول المحيطة مساهمة في تقوية اقتصاد ومكانة المغرب الكبير، دون أن تشكل عبئا جديدا على شمال إفريقيا المفككة بسبب المناورات السياسية والدبلوماسية الجزائرية.
ومنذ الإعلان عن “جمهورية القبايل المستقلة” بالخارج خلال شهر أبريل 2010 بباريس بفرنسا، لم يتوقف فرحات مهني رئيس “الحكومة قبائلية مؤقتة لشعب القبائل بالجزائر” عن التحركات والتنقلات والسفر، يجوب مدن فرنسا وبعض بلدان أوروبا للتعريف بهذه “الجمهورية” التي أعلن تأسيسها في الخارج وتتموقع في قلب الجمهورية الجزائرية بمنطقة القبايل الأمازيغية، ورفع علم هذه الجمهورية وترديد نشيدها، كما هو الشأن في جميع الدول القائمة بذاتها، كما يقوم بمراسلة رؤساء الدول ومسؤولي المنظمات الدولية بصفته رئيس “جمهورية القبايل المستقلة”.
جمهورية القبائل تتوفر على جميع مقومات الدولة بحيث لها أرض وعاصمة (تيزي وزو) وحكومة في المنفى برئيس (فرحات مهني) وعشرة وزراء في فرنسا وراية وطنية وبطاقة تعريف وجواز سفر وممثلين للجمهورية القبائلية في بعض البلدان وملف ثقيل بهيئة الأمم المتحدة.
يعاني سكان منطقة القبائل تحت حكم النظام العسكري الجزائري الويلات والقمع والاعتقالات والتجويع والتفقير واتهامهم بالإرهاب والعقاب في أشد تمثلاته، حيث سجن القبائليون لمجرد رفعهم الشعار الأمازيغي ورفضهم خوض الانتخابات والاستحقاقات والاستفتاءات وخروجهم للتنديد بالقهر والتهميش والتظاهر…
بل تجاوز سلوك وممارسات النظام العسكري الجزائري كلّ الحدود برفض توفير اللقاحات ضد وباء “كوفيد -19″، ومعاقبته القبائل بإشعال حرائق الغابات مهولة وجهنمية في صيف 2021 ، خلّف الخسائر في الأرواح والمدنيين والجنود والقتل المروع للراحل جمال بن إسماعيل…
وارتفع عدد ضحايا حرائق الغابات “المفتعل من طرف النظام العسكري الجزائري من سكان منطقة القبايل بعد رفضهم الانتخابات المزورة والمطالبة بالاستقلال”، حسب تصريحات مسؤولي الحكومة المؤقتة للشعب القبائلي، إلى 65 شخصا بين مدني وعسكري. وأوضح التلفزيون العمومي أن من بين الضحايا 28 عسكريا و37 مدنيا أغلبهم بولاية تيزي وزو، في حين يتواجد 12 عسكريا في حالة حرجة بالمستشفى.
واتهمت حكومة القبايل المؤقتة، بتورط النظام العسكري الجزائري في إشعال حرائق منطقة تيزي وزو، داعية المجتمع الدولي للضغط على النظام الجزائري لوقف معاناة شعب القبايل عقب اندلاع حرائق مهولة بمنطقة تيزي وزو كبرى مدن جمهورية القبايل.
بلاغ صادر عن قيادة الحكومة القبايلية، تناقلته وسائل الإعلام الدولية، قال: “إن النظام العسكري الحاكم في الجزائر، تعمد إشعال النيران والتسبب في سقوط عشرات القتلى عقب الحرائق التي شهدتها ولاتزال تشهدها منطقة القبايل التي تطالب بتقرير مصيرها”.
البلاغ الذي وقعه، فرحات مهني، شدد “على أن النظام الجزائري، يريد إبادة شعب القبايل، حيث عمد لإختلاق الحرائق، بعدما ترك مواطني منطقة القبايل يموتون بسبب “كوفيد 19″ وتم منع وصول الأكسجين لمدن منطقة القبايل من طرف الجيش والأمن الجزائري”.
“تنسيقية قرى منطقة القبائل” أصدرت بيانا بعنوان “أوقفوا شيطنة منطقة القبائل”، ندّدت فيه بالمعاملة البوليسية والإعلامية لمواطني منطقة القبائل.
وقالت التنسيقية في بيانها إنّ “سكان منطقة القبائل يمرّون بأشد فترات من الألم، ناهيك عن سجن الناس لمجرد رفع الشعار الأمازيغي، وباء “كوفيد -19″ إلى جانب الصدمات التي خلفتها حرائق الغابات في صيف 2021، والخسائر في الأرواح والمدنيين والجنود والقتل المروع للراحل جمال بن إسماعيل، كلها مكونات التي تعقد حياة هؤلاء السكان يوميًا”.
وأكّدت التنسيقية أنّ “في الوقت الذي تحولت فيه هذه المنطقة إلى رماد بسبب الحرائق وتوقع إعلانها منطقة منكوبة بخطة إنعاش مناسبة، نشهد للأسف في الأشهر الأخيرة أعمال اعتقال وترهيب وسجن سقطت دون تمييز على المثقفين والفنانين والشخصيات السياسية وحتى المواطنين العاديين في هذه المنطقة من البلاد “.
وأشارت ذات الجهة إلى أنّ “الدافع المعلن لتبرير هذه الأعمال هو تفكيك شبكات حركة سياسية مصنفة على أنها “منظمة إرهابية” تطالب بشكل صريح بفصل منطقة القبائل عن باقي البلاد”، مضيفة: “وفي الآونة الأخيرة، قامت حملة إعلامية تعمل من قبل نفس التعبئة بتقديم مواطنين للرأي العام الوطني والدولي الموقوفين قبل محاكمتهم على أنهم “إرهابيون” ينشطون في الحركة الانفصالية المذكورة “.
ولفتت التنسيقية أنّ “هذه الحملة الإعلامية المتحيزة تطورت في النهاية إلى صورة نمطية وشيطنة ذهبت إلى حد تعامل وسائل الإعلام الحكومية الثقيلة الى وصف منطقة القبائل على أنها “منطقة إرهابية”.
في ذات السياق، شدّدت التنسيقية على أنّ “عرش الاربعة ناث اراثين مسقط رأس مهندس حرب التحرير عبان رمضان، منذ اندلاع الحرائق هي في جو من الحرب مع التعزيزات الأمنية، خاصة مع الزج بالعشرات من الأشخاص في السجون، لكن هذه السلوكيات تظهر أن الهدف ليس هذه المنطقة بل هو أحد رموز (نوفمبر) 1954”.
وقالت تنسيقية قرى منطقة القبائل : “ما زلنا نجهل الدوافع الحقيقية وراء هذه المعاملة البوليسية والإعلامية لمواطني منطقة القبائل، هذا الوضع ولد شعور عميق بالقلق والظلم لدرجة أن هؤلاء المواطنين يشعرون بالتهديد في حريتهم وأن يكونوا هدفا للاعتقال من قبل مختلف الأجهزة الأمنية مثل “الإرهابيين” للاشتباه في ارتباطهم بهذه الحركة أو بمناضليها “.
وطالبت التنسيقية من السلطات العليا في البلاد بالإفراج الفوري عن المواطنين المحتجزين وإنهاء جميع الإجراءات القضائية بحقهم، إلى جانب وضع حد لأعمال التوقيف والإجراءات القانونية ضد المواطنين بسبب آرائهم السياسية التي لا تشكل أي تهديد حقيقي لوحدة الوطن أو مؤسسات الدولة أو مقومات الدستور.
كما دعت إلى “اتخاذ تدابير مناسبة لحماية المواطنين من أي حملة سياسية وإعلامية مشيطنة تصنفهم ظلماً على أنهم “إرهابيون”، واحترام المكاسب الثقافية والهوية الأمازيغية التي تعتبر الآن تراثًا مشتركًا لكل الشعب الجزائري “.