الشق العلمي والمعرفي في مهرجان وجدة الوطني للفن الفوتوغرافي
اللجنة الإعلامية للمهرجان
إن ما يميز مهرجان وجدة الوطني للفن الفوتوغرافي في نسخته الثانية، والذي ينظم بشراكة مع جمعية مغرب الصورة بالدار البيضاء وجمعية نادي أكادير للتصوير الفوتوغرافي، هو كون جميع وحدات برنامجه تصب في بوثقة واحدة، إذ تعتبر صناعة الموسوعة المصورة والرقمية للتراث المغربي اللامادي كمحور يجذب إليه جميع الحلقات كما تنجذب ذرات الحديد إلى المغنطيس. وإذا كانت هذه الموسوعة المصورة هدفا ومبتغى يرجى تحقيقه في إطار تثمين وصون والتراث اللامادي المغربي، فإن الفنان الفوتوغرافي هو أهم أذات يمكنها تحقيق هذا الهدف، ولذلك تضمن برنامج المهرجان، إلى جانب المسابقة الوطنية التي تحمل عنوان نظرات فنية في الحرف التقليدية كبوابة لـتأسيس بنك الصور خدمة للموسوعة، هناك محاور علمية ومعرفية لدعم هذا الفاعل، منها المحاضرة الافتتاحية التي سيلقيها أحد أبرز الفنانين الفوتوغرافيين في المغرب، وبما أن قيمة المحاضرة، في الغالب الأعم، تكون من قيمة المحاضر لذلك وجب علينا أن نعرف بالفنان الفوتوغرافي وحيد التجاني، الفنان العصامي الذي عشق الفنون البصرية منها الرسم تحديدا، وهو في سن الرابعة عشر من عمره، إلا أن ظروفه العائلية لم تسمح له بالتسجيل في المدرسة الخاصة بالفنون الجميلة، لكنه آثر أن يكمل مسيرته الفنية متحديا جميع الظروف والإكراهات، وذلك عن طريق التكوين الذاتي، الى أن بلغ سن الثامنة عشرة، حيث اكتشف الفن الفوتوغرافي فتدرب على يد مجموعة من المصورين الفوتوغرافيين الذين عرفهم آنذاك، ورغم أن مجال دراسته كان بعيدا عن الفنون عامة، فقد شارك في مجموعة من التكوينات في كل من فرنسا وإسبانيا بالإضافة الى المغرب، كما شارك في معارض جماعيه وفرديه في مصر وتونس وليبيا والجزائر وإسبانيا وفرنسا وتركيا وألمانيا والسعودية وساحل العاج والإمارات العربية المتحدة.
اعتمد التجاني عضوا في لجان التحكيم في مهرجانات ومسابقات دولية، كما شغل منصب الكاتب العام لجمعية المصورين الشباب المغاربة لمدة تزيد عن أربع سنوات، وهو الآن رئيس جمعية مغرب الصورة بأكادير.
تم تكريمه لمرتين من طرف الاتحاد المصورين العرب لما قدمه للصورة العربية، كما تم تكريمه من طرف رئيس الحكومة ووزير التعليم العالي سنة 2016 على إثر مشاركته في لجنة التحكيم الخاصة بالمهرجان الأول للفنون والبصريات بمدينة الرباط
ومنذ 2018 تم اعتماده من طرف شركة كانون كمدرب معتمد في شمال إفريقي،
كما قدم محاضرات في ميدان التصوير الفوتوغرافي في مجموعة من الجامعات والمعاهد العليا بالمملكة.
إذا لا غرابة إذا قلنا بأن هذه المحاضرة هي نتيجة لتراكمات معرفية وميدانية حصلت للفنان التجاني والتي ستجعل منها منارة علم يستبصر في ضوئها الفنانون الهواة والمتمرسون على السواء.
وهي محاضرة عبارة عن قراءة كرونولوجية في المدارس الفوتوغرافية الكبرى، وتبرز قيمتها العلمية في كونها ستتطرق لعدة اتجاهات ومدارس سواء منها التي تراجعت وانحصرت لمجموعة عوامل لتستخلص منها الدروس التي وجب أخذها بعين الاعتبار لضمان الصيرورة باجتناب عوامل الفشل والتردي، أو تلك المدارس التي حملت معها بوادر البقاء والاستمرارية في الزمن مع ذكر أهم روادها ومؤسسيها من كبار الفوتوغرافيين وهو الأمر الذي يجعل الفنان الفوتوغرافي المغربي على بينة من أمره وهو يشق طريقه على خطى أكبر الفوتوغرافيين العالميين الذين رسخوا أقدامهم في عالم الصورة والضوء، وذلك تعلما واستفادة من تجاربهم التي صارت تشكل مراجع هامة في هذا النوع من الفنون.
أما المحاضرة الثانية فهي بعنوان: ” Lorsque la photographie devient peinture” يلقيها أحد أكبر الداعمين للفن الفوتوغرافي في المغرب والشغوفين به، وأكبر الساهرين على أن يبسط هذا الفن ليبلغ كل هاو أو دان يرجو مداعبة الآلة، إنه الفنان الفوتوغرافي حسين بومايلا. وهو من مواليد مدينة أكادير في سبعينيات القرن الماضي، من عشاق الصورة الفوتوغرافية والفن التشكيلي والخط العربي، وهو عضو بعدة أندية وجمعيات للتصوير الفوتوغرافي بفرنسا نذكر منها: نادي التصوير APM، نادي التصوير APV، جمعية ANIMACTION DEY، ويعمل بشراكة مع عدة جمعيات تهتم بإعادة تشخيص وتصوير مشاهد حياتية تعود لفترة معينة من تاريخ فرنسا بالتحديد انطلاقا من القرن الرابع عشر الميلادي نذكر منها:
le ballet impérial
la compagnie de l’ histoires et des arts
les temps passes
اشتغل كمصور رسمي لشركة ATEL PALM المختصة في صناعة الألبسة النسائية وتسويقها، كما صدرت له عدة كتب فوتوغرافية أولها كان في أكتوبر 2010 بعنوان DEDANS D’HORS يحتوي على عدة صور للمآثر التاريخية للمملكة وغيرها، وكانت أولى مشاركاته بمعرض للتصوير الفوتوغرافي بأكادير سنة 1985، كما نظم عدة معارض فردية بالعاصمة الفرنسية باريس، مما أكسبه خبرة خولت له القدرة على تقديم عدة جلسات تصويرية داخل وخارج المملكة خصوصا فرنسا وبلجيكا والولايات المتحدة الأمريكية، ومن أهم الأنشطة الداخلية أي التي أنجزها خدمة للبلاد تأسيسه لوكالة سياحية سنة 2015 لتنظيم رحلات فوتوغرافية لاستقطاب مصورين أجانب بهدف استكشاف جمال المغرب وتنوعه والتي لازال نشاطها مستمرا إلى الآن.
إذن تأتي محاضرة الفنان الفوتوغرافي لحسين بومايلا في سياق تجربته الطويلة في تعاطيه مع التراث والتاريخ الفرنسيين، من خلال إعادة تشخيص وتصوير مشاهد حياتية تعود لفترة معينة من التاريخ، وهو الأمر الذي سيحظى باهتمام خاص من لدن الفوتوغرافيين المغاربة على اعتبار أنها تجربة جديدة يتم التسويق لها لأول مرة من خلال عنوان يوحي بانتهاء الحرب التي عرفها هذان الفنان الرسم والصورة، ونرجو أن يكون ما جاء به الفنان بومايلا عبارة عن إعلان زواج بين الصورة والصباغة كما نرجو أن يكون هذا الفن الجديد في مستوى أن يجعل هذا الزواج كاتوليكيا لا خلع فيه ولا طلاق.