هل سيستخلص رئيس القوة الضاربة – المغبون- العبر والدروس من زيارته لدولة تركيا؟؟
سليم الهواري
قالت وسائل إعلام تركية إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أهدى تبون، في ختام مؤتمر صحافي مشترك، اول أمس الاثنين، وثيقة من الأرشيف التركي تتضمن رسالة تهنئة من الأمير عبد القادر إلى السلطان العثماني عبد المجيد الأول بمناسبة اعتلائه عرش السلطنة، أما الهدية الثانية فكانت لوحة فنية للأمير عبد القادر، رسالة الأمير كانت مكتوبة باللغة العربية إلى جانب ترجمتها باللغة التركية، ويعود تاريخ الرسالة إلى 14 دجنبر 1841، أي بعد 9 سنوات من بسط فرنسا سيطرتها على الأراضي العثمانية…وهذا ما يبين ان منطقة شمال افريقيا المتاخمة لحدود المملكة المغربية ، كانت ايالة تابعة للإمبراطورية العثمانية …
كما ان رسالة التهنئة التي أرسلها الأمير الجزائري إلى السلطان العثماني، كانت تدلّ على استمرار العلاقات بين الأمير (الذي برز كقائد ثورة شعبية ضد الاحتلال الفرنسي) والسلاطين العثمانيين… ودامت ثورته ضد فرنسا 17 عاما انتهت باستسلامه، وبعد نفيه في فرنسا، استقر بعد ذلك في إسطنبول حتى 1855 وزار السلطان العثماني عبد المجيد الأول.
ويتضح جليا ان الرئيس التركي اردوغان من خلال الهديتين ، يكون قد همس في اذن ال”تبون” بل وذكره ان بلده ،- المغرب الأوسط- لم يكن سوى ولاية عثمانية عند احتلاله من طرف فرنسا، و هذا ما تأكده الوقائع التاريخية ، من خلال ” حادثة المروحة ا ” وهي القصة لمعروفة التي بدأت في 29 أبريل 1827 الذي كان هذا اليوم يوافق أول أيام عيد الفطر عندما زار القنصل الفرنسي بيار دوفال قصر الباشا العثماني الداي حسين الذي تولى حكم الجزائر في سنة 1818، وكان من التقاليد السياسيّة حينها قيام قناصل الدول الأجنبية بزيارة الباشا في المناسبات المهمة، وخلال الجلسة دار حديث بين الداي حسين والقنصل الفرنسي حول الديون المستحقة للإمبراطورية العثمانية، لدى فرنسا، الاحداث توترت بين الطرفين ، و رد القنصل الفرنس على الداي حسين رداً غير لائق، و كان جوابه بأن ملك فرنسا لا يمكن أن يجيب والياً عثمانياً، فأمره الباشا بالخروج لكن القنصل لم يخرج، فلوَّح له الباشا العثماني بالمروحة التي كانت في يده وقيل إنه ضربه بها على وجهه، فسميّت هذه الحادثة باسم حادثة المروحة، آنذاك كتب القنصل الفرنسي لبلاده بما جرى، وضخّم الحدث فاتخذت فرنسا هذا السبب ذريعة لاحتلال الجزائر في عام 1830.
وحسب المتتبعين للأحداث التاريخية، فأكيد ان، ال “تبون” يكون قد استخلص الدروس والعبر من زيارته لتركيا (التي تربطها علاقات دبلوماسية متينة مع دولة اسرائيل)، وكذا الرضوخ الى الامر الواقع، بخصوص الهوية التي غالبا ما يتباهى بها- في كل مناسبة – الرئيس ال
” تبون… ” ، علما انه تاريخيا فمنطقة الجزائر (حاليا) ، كان يطلق عليها عبر التاريخ اسم ” المغرب الأوسط،” الذي تعرض لغزو شعوب مختلفة كالفينيقيين، والقرطاجيين ، والرومان، والوندال ، والبيزنطيين… وفي حقبة من التاريخ كان سكان أهل تلمسان ووهران يدينون بالطاعة والبيعة لسلاطين المغرب، و مند القرن السادس عشر أصبح –المغرب الأوسط- مقاطعة تابعة للإمبراطورية العثمانية، ولم تحكم طوال ثلاثة قرون إلا بواسطة البايات والدايات والانكشاريين ، لتتعرض هوية سكان المنطقة الى هزات أخرى ، مند 1830، بعدما بسطت فرنسا سيطرتها على المنطقة لما يقرب من 130 سنة، طمست فيها الهوية و تم مسخها ثقافيا و لغويا و عرقيا و تاريخيا …لتبقى هوية جزائر 1962 التاريخية مفقودة، بلا حاضر و لا مستقبل ، فالتاريخ لا يعيد نفسه ، ومع ذلك فالبعض لا يريد ان يتعلم ، فعلى الأقل ، كان يجب على ” الرئيس المغبون ” ان يقارن بين الحفاوة الكبيرة التي استقبل بها اردوغان نظيره الإسرائيلي إسحاق هرتسوع بمطار انقرة في مارس الأخير… و لماذا لم يحظى باستقبال من طرف الرئيس التركي كما تقتضيه الأعراف الدبلوماسية ، و حتى وسائل الإعلام التركية لم تول اهتماما كبيرا للزيارة، عدا الإعلام الرسمي…