وجهة نظر رجعية
شحلال محمد
لم تعد لي من علاقة بالقنوات التلفزية الوطنية منذ انطلاق مسلسل المسخ الاعلامي، قبل سنوات لايقاف مد جهات مزعجة للدولة،حيث اكتفي بترقب موعد النشرة الجوية ،لأتابع الحالة في البوادي التي لا يهتم بها الا من تمتد جذوره عميقة في تربتها.
ولعل الحالة في مسقط رأسي ومحيطها،قد بلغت هذه السنة ذروتها في شح الطبيعة وتداعياتها المأساوية،حيث من المنتظر أن يفر المزيد من الناس بعدما غاب الزرع وجف الضرع.
أمس،ورغبة مني في معرفة جديد الأسبوع من حيث المناخ،استوقفتني المذيعة عندما بثت مقطعا غنائيا لثنائي مغربي : شاب وأخته.
قدمت المذيعة،،للنجمين،،بما يليق من الاطراء ،ثم احالت الكلمة لمذيع اخر كان برفقة النجمين ليضع المشاهد في الصورة.
بثت القناة مقاطع من ،،ابداع،،الثنائي الذي خيل لي في البداية بأنه يتعلق بعشيقين يصرفان شبقية سمجة ،لا تجد طريقها الا الى الاذان التي ترعرعت في الوقت الضائع ،الذي أعقب اختفاء رواد الفن الأصيل.
لم يخف الثنائي انتشاءه بالبضاعة التي تنتظر المعجبين ، والتي لن تتأخر كثيرا لتغزو الساحة وتفعل فعلتها في هذه الشريحة من الشباب التي قالت عنهم المطربة فيروز ذات يوم :، ،،يسمعون الموسيقى ببطونهم،،!
أصغيت للثنائي بكل اهتمام ،حتى أتبين الخيط الأبيض من الأسود في هذه الموجة من الغناء التي لا أعلم عنها شيئا،فاذا الشابان يتكلفان في ترديد كلام سوقي عبر حركات تثير الشفقة على الأذواق التي، روضها تجار الفن الرخيص.
حظي الأخوان بما يكفي من الاهتمام الاعلامي،ولا شك أنهما اكتسبا معجبين عديدين بفضل هذه الاطلالة عبر شاشة القناة الاولى،وما كان علي الا أن أتمنى لهما ما يستحقان من تألق مادام رايي المخالف، ليس في نهاية المطاف غير نشاز، ربما جر علي شتائم مجانية لأنني لا أساير العصر.
انسحب الثنائي وعلى محياهما كل ما يحيل على الاحساس بالانتشاء والزهو،أما عبد ربه،الغارق في بريق الماضي،فقد تذكرت رجالا ونساء أعزاء في وطننا،قدموا للبلاد خدمات جليلة في مجال الابداع الفكري وفي الثقافة،لكنهم رحلوا دون أن يسمح لهم يوما بالظهور في قنواتنا التي تفضل من يفجرون مكبوتاتهم على الأسر المغربية عبر المسلسلات المقرفة،والبرامج التي تؤسس لتيار من الثقافة الهدامة التي اصبحنا نتعايش معها ونحن لا نملك الا الصمت غير المسؤول !
كم من النقاد والكتاب والمبدعين…عرفناهم عبر الجرائد والمجلات،لكنهم ظلوا غائبين عن القنوات الوطنية التي يراد لها أن تشجع ،،العصرنة،،التي تظهرت ثمارها المرة تباعا.