بعد فشل عملية الإطاحة ب”سانشيز”، النظام الجزائري يُخطط لاستعمال ورقة انفصالي كتالونيا
عبدالقادر كتــرة
أصاب اعتراف إسبانيا بالسيادة المغربية على أقاليمه الصحراوية الجنوبية وكذا دعم الحكم الذاتي المقترح من طرف المغرب، أصاب النظام العسكري الجزائري بصدمة قوية وكانت الضربة القاضية زيارة “بيدرو سانشيز” رئيس وزراء إسبانيا للمغرب وجلوسه صحبة أعضاء حكومته على مائدة الإطار لجلالة الملك محمد السادس، مغرب يوم رمضان المبارك.
هذا النظام الخبيث دخل في أزمة هيستيرية وحالة من السعار الكلبي وفقد البوصلة والعقل والتمييز والتفكير وتجاوز كلّ الحدود والأعراف والمواثيق والقوانين الدولية وأقام الدنيا ولم يقعدها، رغم ادعائه بأنه ليس طرفا في قضية الصحراء المغربية ولا مطالب له ولا دخل له وهي في أيدي الأمم المتحدة، ففتح أبواب خزينة الدولة وخصص ملايين الدولارات من أموال الشعب الجزائري ومن قوته اليومي والذي لم يجد كيس حليب ولا قنينة زيت ولا كيلو سميد…، لصرفها على مرتزقة إسبانيين وأحزاب انفصالية وصحافة مرتشية وبرلمانيين في سوق النخاسة، بهدف تمويل حملات شعواء وخسيسة في محاولات لإسقاط حكومة “بيدرو سانشيز”.
وبعد فشل محاولاته البائسة واليائسة والخبيثة لإسقاط الحكومة الاسبانية انبرى النظام العسكري الجزائري المارق إلى ممارسة وسيلة أخرى أكثر دناءة وقذارة وخسة وجُبنا، باستعمال ورقة انفصالي كتالونيا وهي طريقة ليست بالجديدة على نظام جنرالات ثكنة بن عكنون الذين دأبوا على دعم المنظمات والجماعات الإرهابية في إسبانيا منذ سنة 1970، بالمال والعتاد والسلاح خاصة منها منظمة “إيتا” الباسكية (منظمة وطن الباسك والحرية “Euskadi Ta Askatasuna”المعروفة اختصارا باسم “إيتا”، منظمة إسبانية مسلحة تشكلت من طلبة غاضبين، وسعت منذ نهاية خمسينيات القرن العشرين إلى انفصال إقليم الباسك عن إسبانيا وتأسيس دولة مستقلة).
مخابرات النظام العسكري الجزائري المارق كثّفت من تحركاتها خلال الأسابيع الأخيرة، حسب مصادر إسبانية، بكلّ من إسبانيا وفرنسا وسويرا لإيجاد خارطة طريق للإحياء ودعم استقلال كتالونيا.
وفي نفس السياق، حذر وزير الخارجية الإسباني السابق “خوسيه مانويل غارسيا مرغالو” من خطر الإرهاب، في ظل الأزمة الدبلوماسية مع الجزائر، وقال :”إن هذا البلد هو أصل ومنبع الإرهاب في قارة إفريقيا”.
وقال في حوار مع جريدة “الموندو” الاسبانية حول الأزمة الدبلوماسية الأخيرة بين مدريد والجزائر: “بدون شك مع الجزائر الآن لسنا أصدقاء، بل لدينا مشكلة أمنية في الحرب ضد الإرهاب… ولا يخفى على أحد أن الجزائر كانت أصل الإرهاب في إفريقيا” والأكيد سنواجه مشكلة مراقبة الهجرة، وسنراها قريبا لأن حركة المرور التي كانت تذهب الى بلدان أخرى، وخاصة الى إيطاليا ، سيتم تحويلها الى إسبانيا”.
واستنادا إلى أخبار تم تسريبها في الإعلام الإسباني تتعلق “بضخ الجزائر لأموال طائلة من أجل إسقاط حكومة “سانشيز”، شرع النظام العسكري الجزائري في تمويل المعارضة الإسبانية لرفع حماسها في العمل من داخل البرلمان لحجب الثقة عن الحكومة، ومحاكاة ما حصل في باكستان لـ “عمران خان” بعد زيارته لروسيا أثناء الحرب الأوكرانية، رغم أن القضيتين لا مقارنة بينهما.”
موقع إلكتروني دعائية لجبهة بوليساريو عاتب أحد نشطائه في إسبانيا الذي نسب تظاهرات المرتزقة وتصويت البرلمان الاسباني ضد قرار حكومة “سانشيز” لمجهودات ممثل الجبهة الانفصالية في تدوينته جاء فيها ما يلي: “تصويت الأحزاب الإسبانية ضد قرار رئيس الحكومة هو ثمرة لعمل الكواليس الذي قام به ممثل جبهة البوليساريو بإسبانيا طيلة الأيام الماضية”…
هذه التدوينة دفعت عدة حسابات جزائرية إلى التعليق بغضب شديد اتهام المرتزقة بنكران الجميل وعضّ اليد التي تمد إلهم،….. مذكرين بما قدمه النظام العسكري الجزائري بسخاء ودون حساب ولا يزال للإبقاء على هذه القضية المفتعلة.
وذكّر الموقع البوليساري الدعائي هذا الناشط المرتزق قائلا :” تذكر أنهار الغاز التي كانت ولا تزال تضخ في صهاريج مدريد ومنازلها وشركاتها، بشكل شبه مجاني فقط لقاء أن يحصل الأخ القائد على الرعاية الطبية التي أنجته من طاعون العصر،…. وتذكر ملايين الدولارات التي ضخّها قصر المرادية في حسابات رؤساء الأحزاب الإسبانية من أجل تكرار جملتين أمام وسائل الإعلام، تدعم حق تقرير المصير وتصفنا بالشعب المقهور وصاحب الحق التاريخي…، كان عليك أن تعلم بأن الأمر لو ترك للبيت الأصفر لهلكت القضية الصحراوية بالقاضية، منذ ربع قرن على أضعف تقدير…، لهذا وجب منك التدوين دون إجحاف، لأن من لا يشكر الناس لا يشكر الله.”
كانت الزيارة التي قادت رئيس الحكومة الإسباني إلى الرباط من أجل تأكيد الاعتراف بالسيادة المغربية على أقاليمه الجنوبية، ضربة قوية وقاضية أقوى من صدمة اعتراف الولايات المتحدة الأميركية بالسيادة المغربية على صحرائه، إذ اعتبرها النظام العسكري الجزائري مؤامرة وخيانة تأتي من دول الإتحاد الأوروبي، والإتحاد الإفريقي والجامعة العربية والأمم المتحدة…، حسب الموقع الدعائي، معتبرا “قرار “سانشيز” بدعم مقترح الحكم الذاتي وبالتالي دعم الرباط في السيادة على الصحراء المغربية، رافقه دعم أوروبي وأمريكي مطلق، وأنه مع وصول طائرة رئيس الحكومة الإسباني إلى مطار الرباط، قدم وزراء خارجية حلف “الناتو” تصريحات رسمية لوسائل الإعلام الأوروبية وهم في اجتماعهم لأجل الأزمة الأوكرانية، وقالوا بالإجماع أنهم فرحون جدا بتسوية الخلاف الإسباني – المغربي الذي كان يقلق كثيرا الحلف والإتحاد الأوروبي، وأضافوا أن الناتو تدعم هذا التقارب بشكل كبير وتباركه، وأنه سيساهم في تحسين التعاون الأمني بين شمال إفريقيا و أوروبا.
وعبر عن تخوفاته من حذو بريطانيا وكندا وبلجيكا والدنمارك وفرنسا وأيسلندا وإيطاليا ولوكسمبورغ وهولندا والنرويج والبرتغال واليونان وتركيا وألمانيا وإسبانيا وبولندا والمجر والتشيك ورومانيا وسلوفينيا وسلوفاكيا وبلغاريا ولاتفيا وليتوانيا واستونيا وألبانيا وكرواتيا والجبل الأسود وشمال مقدونيا… تبارك هذه الخطوة، حذو إسبانيا، لأن جميع دول الحلف أصبحوا يؤيدون الموقف الإسباني ويدعمون خطوة حكومة مدريد، وهم مطالبون بجعل مواقفهم تتناسب وموقف الحلف، مع التذكير بأن الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وفرنسا يؤيدون مقترح الحكم الذاتي ويقودون قاطرة الاعتراف، ويدعمون سيطرة الرباط على الصحراء.
بعد التعبير عن صدمته وغرابته للقرار الاسباني، لم يجد النظام العسكري الجزائري ما يهدد به إسبانيا والتعبير عن غضبه، بعد الاستفاقة من آثار الصدمة، إلا تعليق معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون التي أبرمتها مع إسبانيا قبل 20 عاما وألزمت الجانبين بالتعاون في السيطرة على تدفقات الهجرة، سرعان ما تراجعت عن تصريحها بعد تأديبها وتهديدها من طرف الاتحاد الأوروبي، بل بكى النظام العسكري الجزائري المارق واشتكى وتوسل وتودد مبررا أن الاتحاد الاوروبي لم يفهم بياناته وأنكر أن يكون تجرأ على ما قاله.
وسبق لجنرالات ثكنة بن عكنون أن قاموا باستدعاء سفيرهم في مدريد للتشاور لكن سرعان ما سيعود من النافذة إلى خُمّه كما فعل سابقه في فرنسا، وأطلق العنان لمزابله الإعلامية نباح قنوات صرفه الصحي لترويج أخبار انتقامية حيث جاء في إحداها “أن قصر المرادية يدرس إمكانية مراجعة أسعار بيع الغاز لإسبانيا”، لكن كاتب المقال نسي بأن الجزائر مصفدة بعقد لن ينتهي إلا سنة 2030، وأن العقد حدد فيه الثمن بشكل قطعي ويخضع لمساطر الوفاق الدولي والتعاقدات…، وأن أي مراجعة أحادية الجانب قد تسبب كارثة للجزائر.