الجالية الجزائرية ترفض السفر على متن البواخر الجزائرية لمخاطرها وفقدانها للسلامة والتأمين
عبدالقادر كتــرة
رفضت الجالية الجزائرية المقيمة بالخارج ركوب البواخر الجزائرية المنطلقة من موانئ بلدان أوروبا المتجهة إلى موانئ الجزائري للمخاطر التي تهدد حياتهم وانعدام الأمن والسلامة الواجب توفيرها للركاب المسافرين وأسرهم وعائلاتهم وسياراتهم، حيث تُبحر من وإلى الجزائر هذه البواخر شبه فارغة رغم الضغط الذي تشهده العطل الصيفية والأعياد الدينية.
وانطلقت باخرة “برج باجي مختار 3 ” من مارسيليا إلى الجزائر شبه فارغة ، حيث كان على متنها 72 مسافر و25 سيارة فقط رغم أنها تتسع لـ 1800 مسافر ، فيما انطلقت في باخرة “طاسيلي 2 ” من مرسيليا إلى ميناء سكيكدة بالجزائر أيضا شبه فارغة بداية الشهر الجاري وعلى متنها 39 مسافرا فقط و21 مركبة رغم أن قدرة استيعاب الباخرة المذكورة محددة بـ 1300 مسافر وأكثر من 300 مركبة ، مع العلم أنها قامت برحلة من الجزائر نحو مرسيليا فارغة تماما.
وكشفت التحقيقات المتواصلة التي شرع فيها القطب الجزائي الاقتصادي والمالي، بخصوص المؤسسة الوطنية للنقل البحري للمسافرين، عن حقائق خطيرة في مخطط لتحطيم ممنهج للشركة.
وكشفت التحقيقات أن هذه العملية مدبرة بتواطؤ من مسؤولي المؤسسة الوطنية للنقل البحري للمسافرين، خاصة وأن اللجوء إلى تسخير باخرة فارغة لا يكون إلا في حالة وجود حجوزات كبيرة في الخارج.
ويوم 10 يونيو أمر قاضي لدى القطب الاقتصادي والمالي بسيدي أمحمد، بإيداع عدة مسؤولين بالشركة الوطنية للنقل البحري الحبس المؤقت ووضع آخرين تحت الرقابة القضائية، بعد سماعهم في القضية المتعلقة بعودة باخرة جزائرية شبه فارغة من مرسيليا قبل أيام والتي كانت تقل 72 مسافرا فقط.
ولم يجد النظام العسكري الجزائري إلى التضحية بمسولين كعادته، إذ وجه وكيل الجمهورية لدى القطب الاقتصادي والمالي بسيدي محمد، بأمر من جنرالات ثكنة بن عكنون، تُهما ثقيلة لكل من المدير العام للمؤسسة الوطنية للنقل البحري للمسافرين ورئيس قسم التسويق والشحن ورئيس محطة التوقف بالمؤسسة والمدير التجاري لذات المؤسسة ، ونائب المدير العم للشركة ورئيس خلية تطوير أنظمة الإعلام المتعلق بالحجوزات ورئيس الإدارة العامة للشركة الوطنية للنقل البحري للمسافرين بفرنسا ورئيس الاستغلال للشركة الوطنية للنقل البحري للمسافرين بفرنسا، تتعلق بالتبديد العمدي والاستعمال على النحو غير الشرعي لممتلكات وأموال عمومية واستغلال النفوذ وإساءة الوظيفة والمنصب، ومنح منافع غير مستغلة للغير وعدم التصريح بالممتلكات والإثراء غير المشروع.
لكن الواقع يؤكد أن البواخر الجزائري مهترئة وتهدد حياة الركاب وأمتعتهم وسبق أن سجلت باخرة “طاسيلي 2” لنقل الركاب الجزائرية، للمرة الثانية، خلال نهاية الأسبوع من الشهر الماضي، إلى حادث كاد يتحول إلى كارثة عظمى وخطيرة على مئات المسافرين الجزائريين المغتربين القادمين من مختلف دول أوروبا إلى الجزائر لقضاء عطلتهم الصيفية ومشاركة أهاليهم فرحة مناسبة عيد الأضحى، والتي كادت أن تتحول إلى مأتم، بعد انهيار سقف مرأب السيارات للباخرة وتسرب المياه إلى الغرف وقاعات وفضاءات الركاب الذين أصابهم الفزع والهلع والرعب.
واعترفت الشركة الجزائرية للنقل البحري بالتصدع الذي طال باخرة “طاسيلي 2” بعد رحلتها الأخيرة من ميناء “أليكانت” بإسبانيا نحو وهران، وأكدت في منشور على صفحتها الرسمية على الفايسوك، أن الخلل التقني الذي طال الباخرة لم يتسبب في أضرار وخسائر، والباخرة تواصل رحلتها بشكل عادي، ولم تشر الشركة إلى طبيعة الخلل التقني وأسبابه، غير أنها طمأنت أن الأمر تم تجاوزه وسفينة “طاسيلي 2” باشرت رحلاتها البحرية في نقل المسافرين بين مختلف الموانئ الأوروبية والجزائر.
وتداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات وصور لانهيار جزئي وانزلاق الطابق العلوي لمرآب السيارات، ما تسبب في خوف وتذمر كبيرين وسط المسافرين، كما أكد شهود عيان أن سبب التصدع هو ركن عدد كبير من السيارات المحملة بالبضائع في الطابق العلوي، مقابل خلو الطابق السفلي من المركبات، حيث أدى هذا الخطأ في ركن السيارات إلى تصدع وانزلاق المرآب العلوي، وتم أيضا تداول فديوهات لتسربات كبيرة للمياه داخل نفس الباخرة، والتي أغرقت السلالم وتسربت إلى الغرف وتسببت في جدل كبير حول إجراءات السلامة في هذه السفينة .
وسبق أن سجلت نفس الباخرة، خلال نهاية شتنبر 2019، حادث تسرب مياه إلى إلى جوف الباخرة “العجوز” “طاسيلي 2” على مستوى غرفة المحركات الأمر الذي استدعى من الطاقم البحري تأجيل الرحلة من وهران إلى أليكانت الإسبانية.
كارثة باخرة “طاسيلي2 ” تنضاف على فضائح أخرى سبقتها كانت آخرها حجز باخرة جزائرية أخرى بميناء “أنفرس” (Anvers) البلجيكي بعد حجز سابق لثلاثة سفن بفرنسا وإسبانيا وبلجيكا قبل تسوية وضعيتها خلال سنة 2021، في الوقت الذي لا زالت وضعية السفينة الخامسة المسماة “تيمقاد” المحتجزة تنتظر تسوية وضعتها لإطلاق سراحها، وقد تعرف طريقها على عملية البيع بالمزاد العلني.
وتقبع هذه السفن الستة، “الساورة” و”تمنراست” و”قسنطينة” و”خراطة” و”تين زيران” و”سدراتة” دون الحديث عن باخرة “طارق بن زياد” التي وضعت في المزاد العلني بعد شيخوختها وإهمال صيانتها لعدم توفير ميزانية لذلك والتي تذهب إلى جيوب مرتزقة بوليساريو وأبنائهم وأسرهم وتنقلاتهم وتسليحهم وصرف أموال طائلة على لوبيات في مختلف مناطق العالم لدعم أوهامهم وأحلامهم، في الوقت الذي يقضي الجزائريون أوقاتهم في طوابير لا متناهية بحثا عن شكارة حليب أو قنينة زيت أو كيس سميد…إن وجدت.
حجزت السلطات البلجيكية، خلال شهر أبريل الجاري، باخرة “سدراتة” التابعة للمؤسسة الوطنية للملاحة البحرية شمال، وهي سادس باخرة يتم الحجز عليها، بميناء “أنفرس (Anvers)” ببلجيكا، بسبب انتهاء عقود التأمين الخاصة بها، وهذه المرة الثانية التي يتم الحجز فيها على باخرة جزائرية من طرف السلطات البلجيكية بعد حجز سفينة “تيمقاد” خلال شهر شتنبر الماضي.
وفي عملية غريبة وعجيبة لا يمكن أن تقع إلا في بلاد الجزائر، قام أحد المهربين بتهريب سفينة “امدغاسن” خارج الجزائر في وقت كانت محل حجز قضائي إثر التحقيق في قضية فساد، كما تم إصدار أمر بالإيداع في حق المتهم المتورط في هذه الواقعة ووضع متهم ثان تحت الرقابة القضائية.
وفي خطوة أخرى غير غريبة على الجزائر، قررت الدولة الجزائرية بيع باخرة “طارق بن زياد “الراسية بميناء الجزائر حديدا بالميزان، بعد توقفها عن الإبحار ونقل المسافرين لما تشكله من أخطار وعجز الدولة عن إصلاحها.
وتشكل باخرة طارق بن زياد الخاصة بالشركة الوطنية الجزائرية للنقل البحري للمسافرين خطرا على مسافريها وعلى الشركة على حد سواء، اعتبار من سنة 2015 بسبب قدمها، الأمر الذي جعل مدير المؤسسة يدق ناقوس الخطر ويؤكد على أن التوقف من استغلال الباخرة سيقلص من عدد بواخر الأسطول البحري، ويؤثر مباشرة على خدمات المؤسسة.
وتقرّر إخراج الباخرة من الملاحة البحرية بعد 4 سنوات على أكثر تقدير، لتحوّل إلى الأسواق العالمية لبيع الخردة، بسبب الخطورة التي أصبحت تشكلها هذه “الباخرة العجوز” على سلامة المسافرين، بسبب الأعطاب الكثيرة والمتكررة التي أصابت الباخرة حتى في عرض البحر.
وكانت الشركة الوطنية الجزائري للنقل البحري للمسافرين، قد قررت إحالة الباخرة الأسطورة “طارق بن زياد” على التقاعد، واقتناء باخرة جديدة لنقل المسافرين خلفا لباخرة “طارق بن زياد” التي دخلت للخدمة منذ أكثر من 20 سنة.