للإنسانية شكل إحساس !
بقلم يوسف بولجراف
من سخرية الحياة أننا نتخلف عن مواعيد هامة بينما معظم أوقاتنا تضيع في أمورغير هامة ! حين لا نفهم الحياة بشكلها الصحيح ، تقسوعلينا و تعاكسنا و نصبح دوما متسابقين مع ممثلها الدائم السيد ”وقت ” ، في محاكات ومجارات معه( شد لي، نقطع لك) و لا قضية تربح معه إلا حين يريد فترة راحة فيترك مكانه أحيانا للبديل المؤقت السيد “وقت مثالي” وهذا الوقت المثالي تصادفه فقط في أشياء غير مهمة أحيانا تافهة تفاهة هذه الحياة و كأنه يعرفك جيدا ومطلع على أهواءك يعرف رذائلك كلها و ماذا تريد بالضبط هههه ، أنا لست متأخرا بطبيعتي كما وصف أحد عراب الأدب ذلك في مقالته المتأخرين ! لكني تخلفت عن مواعيد هامة جدا كان بالإمكان أن تغير شكل و نظام حياتي اليوم .. هي مواعيد أسميها ضياع الفرص ! ومن سخرية الحياة أن الفرص مهما قلت أو كثرت عند أي شخص تبقى مفاتيح مهمة لفتح أبواب المراحل و جعل المستقبل أكثر اطمئنانا ، لكن بشكل أو آخر عندما تصل أحيانا في الوقت المناسب و تريد الدخول ، لا تجد المفتاح أو تجد قاعة إنتظار و طابور مثلك وصل في الوقت المناسب ، لأن السيد “وقت مناسب” هو شخصية مهمة و عليه إقبال شكله ذلك المسؤول الكبير المكلف بمهمة و صاحب قرار يغير حياتك فتبقى مدة تدور في نفس المكان لعل و عسى و السيد وقت ينتشي بذلك عندما تتوقف عن الدوران دون راحة تجد سنوات من العمر ضاعت هباءا منثورا
لكن و مع ذلك في لحظات تأمل مع النفس و رغم ذلك ف حياتك تبقى أفضل ممن توفرت له عدة فرص و استغلها و نجح ب المفهوم المتعارف عليه …المهم ! ولو تعتقد أنك قد تصل في الوقت المناسب حتى لا تنتظر أو تسمع جئت متأخرا و تصادف ربما معيقات التأخر إما مكانا محجوز دون علم الغاشي و الماشي و لمن سيأتي بعدك أو جاء قبلك ، أو بند ميزانية غير جاهز لمشروع لم يسطر بعد لكنه يدخل في المخطط الخماسي، خماسي خماسي شخصية خمس أجزاء علمية أو أوا أو أوأوا أو أو هكذا هي سخرية الحياة و هي مطبات في الطريق تجعلك تنتبه للسرعة التي تسير بها نحو الوصول إلى الأفضل ، أليس كذلك !! أليس كل ما يصبو إليه أي إنسان هو تحقيق الأفضل له؟ و هذا في حد ذاته إشكال لأن غالبا الأفضل يصبح غاية فيها منافسة و نحن أصلا لا نعرف ماذا سيحدث خلال دقيقة أو شهر أو عشر سنوات ، فبسبب الأفضل الكثير منا ينسى أنه إنسان ، و غايته تبرر الوسيلة فتغيب الإنسانية مع هذه الفكرة ، نفقد الصورة الإنسانية بداخلنا لنصبح متهافتين على المادة ، حب المادة يقتل إنسانيتنا و يفقدنا الشعور بحب الخير للآخر ، “أحب لغيرك ماتحب لنفسك ” المهم و مع كل هذا و ذاك ليست الصورة قاتمة بعد لأن طبيعتنا الأولى هي الخير و إذن إنسانية بطبيعتها ، لكن نفتن حين ننشغل في كل الأمور و نريد كل شيء و نأخذ كل الأمور بجدية ، لكن حين لا نبالي بها و لا نأخذها محمل جد نستمتع بالوقت و يصبح بجانبنا ف نستانس كذلك ب أمور خارج نطاق كل هذه السخرية حين نجعلها بسيطة و سهلة ، و نحب الوقت الراهن بما فيه و لنا ، أشياء ، و أشخاص إلى ما ذلك نقدم الجمال إليها و يعود إلينا بالجمال لأننا فهمنا المهم أحببنا أعز ما عند السيد وقت و هو سيد وقت الراهن و بذلك فهو لن يعاكسنا و يضبط وقتنا على وقته هذا بالضبط ما يجعل الأمور بعدها تتزن و يتزامن وقتنا مع أوقات جميلة أخرى ربما من يدري..فنضج الإنسان في بعض المواقف هو الذي يعطي للإنسانية لون الحياة ، يقترب الإنسان أكثر إلى الله عندما يصبح قادرا على وضع نفسه مكان الآخرين و فهم مشاعرهم الدفينة دون التعبير عليها ، و التعاطف معها دون أي مرجعية فقط من باب الحب الغير مشروط للمحيط و كل من يتقاسمه معه هي أسمى علاقات الإنسان مع الكائنات،
ما يجعل الفرق بيننا هو فقط الإحساس و الشعور بالآخر و بعض التعابير! كم الإحساس الذي بداخلنا هو وحده الذي يجعلنا في مراتب مختلفة ، نكون إنسانيين أكثر حين تتداخل مشاعرنا بالآخر و نشعر به ، نحس ولو بالقليل مما يشعر به أو ما يعيشه ، عندما نشعر بالآخر نرتقي لمرتبة إنسان و عندما نعبر عن الصورة ب إنسانية نرتقي أكثر ب أرواحنا لتصبح نورانية ، و عندما نحاول الشعور في صورة أدبية نسمى أدباء ! و نصف دواخل آخرين رأوا نفس الصورة أو المشهد و خانهم التعبير، و أحيانا أخر نكون قادرين على التعبير لكننا لا نستطيع وصف الصورة ، لأن كم الإحساس بداخلنا تفاقم صعد و إرتفع و تضخم ف أغلق فوهة الخروج ، كتلة مشاعرصعدت و تضخمت فمنعت خروج التعبير و إن حاولنا التعبير يكون غصة هكذا ببساطة شكل الإنسانية داخلنا ، هذا هو العالم الغير مرئي فينا ، أما و ربما حين يلتقي الغني بالفقير أحيانا يشعر به ولو أنه لا يعرف معاناته و لكنه يوبخه على فقره ، يقول له أنت من أراد ذلك !! في ضرب لكل مبادئ التعاملات الإقتصادية و يمحي كل أشكال الأزمات الإجتماعية و السياسية و التاريخية و يحمله مسؤولية فقره دون مراعاة للشعور في حد ذاته ،الشعور الإنساني الآني كأنه يلومه على فقره لأنه لم يفعل شيئا مما فعله هو عالمه الداخلي يقول ذلك ، لم يغامر أو يكتشف أو يحاول أن يجازف ، لم يقم بما قام به الغني حتى أصبح غنيا !! هل نبحث ماذا فعل ذلك الغني العصامي حتى أصبح غنيا في زمن الأغنياء الجدد !! لا يحتاج ، قد يكون ربما أقصى ما فعله بعد أن كد و جد و تابر و غامر و فشل ثم سقط و نهض من جديد لم ييأس ثم واصل و سقط من جديد حتى جاءته مكالمة من أمريكا بأن أحد أقاربه توفي و له أملاك كثيرة مليونير و ليس لديه أبناء و هو الوريث الوحيد ، نعم هكذا ممكن ؛ لكن في المقابل لم يقدم للفقير أي فكرة مهمة لتجاوز فقره ، بل حتى أنه لم يساعده في الخروج من حالته المزرية تلك ولو لدقيقة ! لماذا !! بينما حين يلتقي الشاعر أو الأديب في طريقه مشهد معاناة إنسانية، فقلبه يدمع قبل عينيه و يخرج ما لديه من تعبير و هو يمد يد المساعدة بما يستطيع ، و إن لم يسعفه الحظ في المساعدة يتألم أكثر هكذا ببساطة يكون الكتاب و الشعراء دوما مرتبطين أشد الإرتباط بالمجتمع الذي يعيشون فيه و يصورون كل المشاهد لتصل إلينا حارة بتعابيرهم القوية ،لو كانوا يريدون السياسة أو الإقتصاد لحكموا العالم ،لكنهم وصلوا قلوبنا دون ذلك بنقاوة قلوبهم دون خبث ، طرقوها دون إستئذان سمحنا لهم بالدخول لأن قلوبنا من قلوبهم نظيفة وجدناهم أحباب الإنسانية ، كلمات الشعراء و الأدباء لها وقع كبير في نفوسنا ،لأنها قبل ذلك خرجت من أعماقهم ،و شعروا بما كان يشعر به الآخر، المنفلوطي بكى حين رأى الأرملة الرثة ووبخ الزمن في أروع قصيدة وصفت فيها قسوة الحياة ،كذلك و مثال نجيب محفوظ و طفل إشارة المرورالذي يبيع الحلوى و وصفه الرائع من حلم طفل بالحلوى إلى طفل يبيع حلمه ، و قبلهم فيكتور هوجو ، كل هذا إن دل على شيء فهو يدل على أن للإنسانية عدة أوجه و أجمل وجه فيها هو وجه الإحساس بها ! حين نحلم بالحلوى فلن نبيعها ، كذلك كل الأحلام ، نحلم و نحاول الحصول على ما حلمنا به هذه هي حقيقتنا !