حكومة أخنوش بين الخطاب و الواقع … !
اسماعيل فيلالي .
دشنت حكومة أخنوش ولايتها بتواصل ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية ، وكذا الزيادة في أثمنه البنزين بشكل مبالغ فيه ، هذه المادة التي تعتبر مدخلا أساسيا للعديد من القطاعات الإنتاجية الأساسية التي ترتبط بالمعيش اليومي للمواطن البسيط الذي اكتوى بنار هذه الزيادات الصاروخية غير المبررة طيلة هذه المدة التي تسلمت فيها الحكومة دواليب تسيير الشأن العام .. في مقابل هذا وضده أصبح تبذير المال العام سيد المرحلة ، فبالرغم من اعتماد الحكومة على مستوى الخطاب ، سياسة التقشف المالي لتخفيف الآثار الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن الجفاف و جائحة كورونا، و تقليص ميزانية التسيير والاعتمادات المخصصة للنفقات المشتركة ، و محاولة إقرار الدولة الاجتماعية في مشروع الميزانية … إلا أن الواقع يكذب كل هذه الادعاءات بحيث تم تخصيص الملايير لسداد أجور أعضاء الحكومة و أعضاء دواوينهم ( أصحاب الريع بامتياز ) ومجلس النواب وموظفيه و مجلس المستشارين و موظفيه ، كما خصصت ميزانية تقدر بالملايير للتعويضات عن المهام بالداخل و الخارج و استعمال سيارات المصلحة ومخصصات الفندقة والإيواء والإطعام ومصاريف الاستقبال و شراء الهدايا و غيرها من الامتيازات المالية المرتبطة بخدّام الوزراء و المستخدمين داخل منازلهم و خارجها ، و الأرقام المثبتة في مشروع ميزانية 2022 خير شاهد على ذلك … تضاف إليها التعويضات التي تلقاها وزراء حكومة العثماني المنتهية ولايتها ، بعد نهاية الخدمة ، ( تعويض يعادل مرتب عشرة أشهر ل 24 وزيرا !! ) و التي كلفت خزينة الدولة ملايير السنتيمات ، و كذا تعويضات توزع دون رقيب أو حسيب على الفرق البرلمانية ، هذه الفرق التي تحظى بحصانة مطلقة تجاه المراقبة وافتحاص المجلس الأعلى للحسابات الذي لم يستطع أن يضع يده على هذه الأموال التي تصرف لها كل سنة والذي ينص عليه قانون تنظيمي تم إصداره في سنة 2015 ، أقرته حكومة العدالة والتنمية ، ولا أحد يجرؤ على الاقتراب من هذا الموضوع لأنه يتم في سرية تامة … ، كما خصصت الحكومة ميزانيات ضخمة لمجالس الجهات و المجالس الإقليمية التي تستهلك في تعويضات الأعضاء و تنقلاتهم و تغذيتهم و فنادقهم المصنفة و لا يصل منها للمواطنين الفقراء الذين يعيشون أسوا أيامهم مع الجفاف والغلاء و الوباء سوى الفتات …
هذا التناقض الذي يعيشه المجتمع المغربي بين حكومة تعيش في برج عاج و شعب فقير يعيش ضنك العيش ، هو قمة العبث و السخرية في السياسة الحكومية التي تبقى بعيدة كل البعد عن انتظارات المواطنين و عن وعودها الانتخابية …
لتدارك هذا الوضع الهش و المقلق ، و لإعادة الأمل للمواطنين المستضعفين ، يجب التراجع عن كل هذه الزيادات الحارقة والحد الفوري من كل هذه النفقات التكميلية وغير الأساسية ، من خدمات التنقل ، وشراء السيارات، والإقامة، والإطعام، والبنزين، والاستقبالات، و تنظيم الندوات و المؤتمرات والدراسات غير الأساسية أو المستعجلة، وتجهيز المكاتب، و التعويضات الجزافية للوزراء و البرلمانيين و الموظفين فوق العادة و المسئولين في المؤسسات العمومية الذين عاثوا فسادا في المالية العمومية ، و التخلي في هذه الظروف عن تنظيم المهرجانات و المؤتمرات وتحويل كل الاعتمادات المالية الناتجة عن ذلك إلى صندوق التضامن الاجتماعي ، مادام أن هناك حديث عن الدولة الاجتماعية ، و الذي سيوفر ، حسب الخبراء ، أكثر من 500 مليار سنتيم في السنة يستفيد منها الشباب المعطل و أبناء الشعب الفقراء في الأرياف و البوادي و القرى المهمشة ، و مواجهة الجفاف الذي ستكون له عواقب وخيمة على الوضع الاقتصادي و الاجتماعي للبلاد بصفة عامة …