اعلامنا العمومي في غيبوبة
عمر الشرقاوي
لا يستطيع أي مواطن أن يتابع ما يجرى من تحديات ومكتسبات و أخبار وأحداث وأزمات تواجه بلاده فى الإعلام العمومي الممول من دافعي الضرائب. حتى بدأنا نتساءل هل تمتلك بلدنا منظومة إعلامية عمومية مؤثرة قادرة على مساندة سياستها الخارجية والدفاع عن مصالحنا الوطنية أمام الخصوم والأصدقاء؟
نقول هذا الكلام لأنه تبين فى أحداث الأزمة مع ألمانيا واسبانيا وفرنسا كان الإعلام العمومي مقصرا للغاية رغم ان السياق كان صعبا على بلادنا ويستوجب التعبئة الشاملة في اداءه، بينما كانت فضائيات الدول التي نواجهها أو حتى الفضائيات الأجنبية التي لا دخل لها لا في العير ولا في النفير تغطى الأحداث دقيقة بدقيقة بينما إعلامنا العمومي غارق فى شبكة برامجه المعدة سلفا وكأن الاحداث تهم دولة أخرى وكأن القنوات ليست قنواتنا.
واليوم نعيش طعنة غادرة من الرئيس التونسي تطلبت استدعاء السفير المغربي للتشاور، لكن لم يأخذ هذا الموضوع اهتمام القنوات العمومية إلا القدر القليل من باب “اللهم إني بلغت”، فلا هي قدمت برامج حوارية مكثفة كما يتناسب مع السياق، ولا هي شرحت خلفيات ومخاطر هذه الأزمة ولا هي ناقش كل ما يدور حول هذا السياق الجيوستراتيجي الصعب الذي نمر به وكأن الخبر عاديا مثل كل الأخبار، ولا هي لعبت دورا في تقوية الجبهة الداخلية كما طالب بذلك الملك محمد السادس.
لو عدنا إلى العديد من الأحداث والحوادث الماضية، وبدرجة واضحة مع الأزمة التونسية سنجد أنّ هذا المبدأ -أي التواري عن الأنظار- يعمل بصورة فاعلة تماماً في اعلامنا العمومي، وفي بعض الأحيان يضطر المغاربة الى الانتظار لأيام وهم يرون كرة الثلج المتدحرجة تكبر أمامهم في بعض الأحداث قبل يجيبهم الإعلام عمومي ببضع دقائق في قضايا تحتاج الى العشرات من البرامج الحوارية والاخبارية والتحقيقات والمتابعات. فلم يكن الأمر عسيراً أو صعباً أن يوقف الإعلام العمومي برامجه الروتينية فور صدور الموقف التونسي واعداد باقة من البرامج، لوضع الرأي العام في السياق، ويقول له كل ما ينبغي ان يخدم قضيته الوطنية.
لقد تبين من أزمات متعددة أن الإعلام العمومي يعاني من فقر دم واضح بدوره الوطني، وعدم إدراك لأهمية مساهمته الدائمة في التعبئة الوطنية، والتغيب في قراءة أبعاد وتداعيات بعض الأحداث والأزمات التي دخلها المغرب، وكأنّه غير معني إلاّ عن مهمة البرامج اليومية وبعضها تافه.
ان الغيبوبة التى يعيشها الإعلام العمومي تمثل تهديدا حقيقيا للمصالح العليا للوطن فكيف يمكن أن نواجه حملات الاستهداف لمؤسساتنا السيادية وعلى رأسها استهداف المؤسسة الملكية والأمنية والقضائية وقضايانا الوطنية وإعلامنا غائب عن الانخراط التام بخلاف ما تقدمه مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المنابر الإعلامية المستقلة التي لولاها لتداعت علينا الحملات كما تتداعى الضباع على فريستها….