النظام الجزائري ….والعقل النمطي
….. محمد شحلال
يمكن الجزم بدون مبالغة بأن النظام الجزائري قد حاز الريادة ومن غير منازع ،في تحويل الشعب الى نسخ نمطية حيثما كان، بالداخل والخارج.
ان الأنظمة العريقة في الديمواقراطية ببلاد الغرب،لم تصل بعد كل هذه القرون الى ازاحة هذه الريادة من يد الجزائر التي نشأت منذ ستة عقود فقط ،ومع ذلك كسبت الرهان ،وتركت حكومات العالم تتجرع غصصها وهي ترى شعبا مدجنا لا يستمد افكاره واراءه الا من مرجعية نظام يجيد التلقين المستمد من مقولة العسكر التقليدية :Exécutez sans discuter !
في كل بلاد العالم،نسمع اراء وأفكارا مخالفة، بل مناقضة في كثير من الأحيان لاديولوجية الأنظمة الحاكمة،ومع ذلك يظل النسيج الاجتماعي متوافقا ومتعايشا من غير خوف من عواقب محتملة،فكانت هذه الانجازات الفكرية والحضارية التي نحلم بها جميعا،لكننا لا نمتلك ادوات تحقيقها في المدى المنظور.
أمأ في الجزائر- بلاد الشهداء الذين لا يستقر عددهم على حال-،فان ،،الحق ما قالت حذام،،حيث يسري كلام الحكام في العقول بانسيابية لا مثيل لها حتى ليخيل للمتابع وكأن تلقف هذا الكلام وتمثله،لا يقل أهمية عن الماء والهواء لاستمرار الحياة !
والأدهى في الأمر ،ان هذا النظام يعتبر كل ،،خروج عن النص،،بمثابة زعزعة للدولة،والا كيف تحركت الدولة بأكملها لترد على تغريدة للاعلامي فيصل القاسم وتكشف عن ضعفها وبؤسها لتتجند لهذه المعركة المصيرية ؟
لقد تعودنا في المغرب أن نتعامل مع جيراننا بالأسلوب الذي يجعلهم يكتفون بالقذف والسباب ولا يصلون الى مأ هو أهم،بينما لم تكتشف باقي الشعوب العربية هذه الحقيقة المرة الا بعد احتدام الأزمة بيننا وبين النظام الجزائري الذي يقود خلفه قطيعا مجردا من كل حس انساني معاصر.
بالأمس،تمكنت ناشطة سورية من اظهار المهرج الرياضي دراجي على حقيقته،فكان الاجماع في كل الجزائر داخليا وخارجيا للهجوم على هذه المرأة وتهديدها بأبشع أساليب السفلة والصعاليك مما جعل الأمور تصل الى القضاء.
وبعد ذلك جاء الدور على الناشط اليمني اسعد الشرعي الذي اقتنع أخيرا بأن الصحراء مغربية بالدلائل القاطعة،حيث انهالت عليه الهجومات من قطيع النظام المطواع،وهي هجومات مستنسخة تثبت بأن أصحابها اشخاص بدون أصول،ذلك أن تنوع المحتل وهيمنته التي عمرت طويلا، قد خلطت الجينات حتى ظهر في البلاد،،السايبة،،نموذج بشري لا يقبل الراي الاخر، ولا يعترف بفضل لأحد لأن تركيبته تجعل الاعتراف بالغير اضعافا لوجوده بل تهديدا له.
لقد كان الناشط اليمني صاحب رحابة صدر متميزة وذكاء لافت ،حين سمح بسماع نماذج من الردود على موقفه من مغربية الصحراء،وكانت كلها ردودا يندى لها الجبين،ولا تقبل التحليل المنطقي اطلاقا،وهو ما يقدم دليلا اخر للشعوب العربية لتتأكد بأنها مدينة للمغاربة في تحمل هؤلاء الأنذال الذين لم يعد لديهم من سلاح الا الشوفينية في أوضع صورها.
ولعل اخر فظاعات النظام المترهل في الجزائر،هو الموقف البئيس الذي سجله أمس حين غض الطرف عن اجلافه ليعتدوا على فريق كرة القدم الوطني للصغار،وهو اعتداء مدبر ومتعمد يبرز الحاجة الدفينة للانتقام ولو في أتفه اشكاله بعد الاخفاقات المتوالية للنظام في المجال الدبلوماسي.
ان الاعتداء على لاعبين ضيوف وأبرياء،لن يمنع من عرض خريطة المغرب كاملة خلال المؤتمر المنتظر،ولن يمنع فتح المزيد من القنصليات في الداخلة والعيون،وليشرب النظام العسكري ماء المتوسط،أما المحيط فسيظل من أحلام الليل التي يمحوها النهار