رسائل،،الشرعي،، ونجوم مراكش
محمد شحلال
تمكن الناشط اليمني،،أسعد الشرعي،،المقيم ببريطانيا، أخيرا من قهر توجساته ،فزار المغرب طولا وعرضا ،من غير أن يلحقه شيء مما حذر منه بعض متابعيه الذين لكل منهم حسابات وأهداف.
لقد كان الناشط اليمني قبل اليوم، يوزع انتقاداته في كل الاتجاهات،إلى أن رسا به مركبه قبالة الجزائر والمغرب،لتتحول قناته إلى ساحة وغى، تجري فيها معارك طاحنة بين خدام النظام العسكري والنشطاء المغاربة حول قضيتنا الأولى التي تحظى دون غيرها بالإجماع الكلي للشعب المغربي.
كان الناشط اليمني فيما سبق، ينتقد نظام الحكم ببلادنا،ويتحجج بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، ليلتقي بذلك ومن حيث لم يدر، مع أبواق النظام العسكري الذين لايهمهم من الصراع المحتدم بين الدولتين ،إلا فصل الأقاليم الجنوبية عن المملكة،أما إسرائيل التي يحاربها نظام العسكر بالكلام،فهي واقع قائم رغم أنف كل الممانعين الذين لا يجرؤ أعتاهم ،على توجيه رصاصة واحدة لهذا العدو الذي تحول إلى ورقة توظف لاستمرار أنظمة غير شرعية.
وجد السيد الشرعي نفسه فجأة في خضم فريقين متناحرين حول خفايا نزاع طال أمده،فقرر البحث ليخلص في النهاية إلى الحقيقة المرة التي لا تعجب الخصوم،وهي أن الصحراء جزء لا يتجزأ من المغرب،وصرح بأنه يرفض كل تقسيم يطال أي بلد عربي.
لم يهدأ بال الناشط اليمني، فقرر أن يرى ويسمع رغم كل التحذيرات التي كان ذوو النيات الخبيثة يسعون من خلالها إلى ثنيه عن السفر، حتى لا تنكشف الحقائق التي ظلوا يسعون لحجبها عن ضحايا الدعاية المغرضة.
وصل الرجل إلى المغرب وحظي بحفاوة لم يحلم بها يوما،وجاب البلاد طولا وعرضا،وهو لا يخفي انبهاره بما يشاهده ويلاقيه في عفوية لا حدود لها،جعلته ينتشي ويبادر إلى تقاسم هذا الانتشاء على الهواء مباشرة حتى لا يترك للمتابعين الحاقدين مبررا يستندون إليه.
يمكن القول بأن وصول السيد الشرعي إلى مدينة فاس،كان منعطفا حاسما في نظرته للأمور،ذلك أنه سرعان ما تاه فجأة كسائر الزوار ، حينما وجد نفسه في حضرة التاريخ الذي جعله ينحني صاغرا لأمجاد المغاربة وملوكهم، وأنى له أن يصمد وهو يطل على الحقبة المرينية عبر المدرسة البوعنانية وأخواتها،قبل أن يقف على ورشات الزليج التي حاول أدعياء التاريخ نسبتها قسرا لأنفسهم فأخرسهم التاريخ الماثل هنا للعيان ولا مفر من سلطته.
لو كنت بفاس لطمأنت السيد الشرعي،فقد كنا ممن أعادتهم مآثر فاس إلى التاريخ بعدما عشنا خارجه، ثم اكتشفنا بأن هذا البلد جدير بأن يحسد قبل أن يستأثر بالقلوب والعقول !
أقر الرجل اليمني بسحر فاس التي تختزل حضارة المغرب المتراكمة عبر القرون،ووجد فيها كل دلائل ومقومات التميز ،ومع ذلك واصل رحلته نحو معقل المرابطين والموحدين،إلى مراكش حيث يرقد علمان من أعلام المجد المغربي : يوسف بن تاشفين والمعتمد بن عباد، وكفى بهما فخرا !
تزامنت الزيارة مع تواصل فعاليات المهرجان الدولي للفيلم،غير أن أجواء ،،جامع الفنا،،وقصر البديع ومنارة الكتبية،جعلت الناشط اليمني يهيم مرة أخرى في مفاخر المدينة التاريخية،وعفوية ساكنتها التي تبدع في القول وحسن المعاملة،حتى تمنى الاستقرار بها ،بعدما أنسته أجواء المدينة الحياة في المملكة العظمى التي كانت لا تغيب عنها الشمس ذات زمان !
إن من تابع أنشطة السيد أسعد الشرعي وهو يكتشف بلادنا،ربما أسره ما قام به الرجل لصالح بلدنا من غير أجندة معينة ولا مقابل ،عدا الافتتان بالبلد وطيبة أهله فقرر أن يرد الجميل بوصف الأشياء كما هي على الأرض،وهو ما سيجر عليه مزيدا من هجمات ذباب العسكر الجزائري الذي أصبحت بضاعته مزجاة !
وإذا كان السيد أسعد قد اعترف بهفواته في الماضي في حق بلادنا،فإنه قد تحول منذ الآن،إلى مدافع شرس عن المغرب ووحدته الترابية،بل عن تميز شعبه في تقبله للآخر متأثرا بعراقة حضارته،فإنه بالمقابل،لا يسع المواطن البسيط مثلي،إلا أن يتأسف ويتحسر حين يرى ،،نجماتنا،،المصنوعات،لا يقدمن إلا أجساما مستهلكة في ،،لوكات،،إيروسية ربما كانت هي سلاح أغلبهن !
رأينا كذلك كثيرا من ،،النجوم،،الذين صنعهم إعلام،،مخدوم،،وهم يتكلفون خلق هالة مهترئة عبر الهندام النشاز واللغة الهجينة التي تجعل منهم مخلوقات تثير الشفقة !
إن هذا الجيش من ،،النجوم،،الذي فرض علينا في أعمال مبتذلة،لم يفكر يوما في إبداع يعزز به موقف بلادنا في الدفاع عن الوحدة الترابية عبر المحافل الدولية،بل إنهم يتنافسون في تبخيس المرأة المغربية عبر إذلالها بقبول أدوار وفرت للأعداء مادة للنيل من نسائنا من خلال الأعمال الساقطة التي انخرطت فيها معظم الضحايا بدافع الحاجة أو اللهث وراء نجومية وهمية.
تتوالى المهرجانات السنيمائية،ولا يصيبنا منها إلا تلك الخرجات التي يتخفى فيها المستجوبون وراء عبارات فرنسية تفضح استلابا فكريا وحضاريا، تتجلى فيه حقيقة شخصيات هؤلاء الناس الغارقين في سراب الشهرة.
تحية صادقة للناشط اليمني أسعد الشرعي،الذي عرف قدر المغرب،فقرر أن يكون ناطقا بلسانه للرد على الخصوم،أما نجومنا الآفلة،فنتمنى أن تسخر ما بقي لديها من أثارة كرامة، في عمل وطني يكون شاهدا لهم يوم يلفظهم حكم التاريخ الذي لا يرحم ….