الكاتب يوسف بولجراف
من سخرية الحياة أن يبحث المواطن عن المسؤول ولا يجده ، و المسؤول كذلك يبحث دائما عن أحد أبنائه و لا يجده لأن كلا الطرفين وفر للآخر حاجياته فلم يعد يحتاجه ،المواطن وفر لذلك المسؤول تلك المكانة بفضله وصل و المسؤول كأب أو أم وفر لأبنائه حاجيات و بفضلهم وصلوا إلى ما هم عليه ولم يعودوا يروهم إلا في المناسبات ، هكذا ببساطة هي الحياة ،الإشكالية المعيقة لسعادتنا هي دوما في توقعاتنا المستقبلية ، طالما العقل يفكر في النتائج و ما ينتظره من الآخر ، لا يهنئ أبدا ! هذا هو سبب إخفاقاتنا ، ننتظر و نريد النتيجة كما نتوقعها وإن حدث العكس ، نرد ذلك إلى الفشل أو ندعي أننا غير محظوظين أو نقول إن العالم ضدنا ! و هذا خطأ في التصور و الإدراك و نكرس مفهوم الفشل و الحظ بافكار نمطية ، مبنية على التوقع و الإنتظار ، بينما الحياة ليست هكذا ، السعادة و الحب و الرضى مفاهيم روحية آنية متناغمة مع العالم من حولنا لأنها موجودة و منفصلة عن برامجنا و مخططاتنا ، العالم الخارجي لا يرضخ لأهوائنا إرضاءا لكبرياءنا الصغير ، نحن ملزمين أن نقبل الوضع كما هو ، و كما نجده ، عندما نحب مثلا علينا أن نتقبل ما نحب دون أن ننتظر شيء آخر غيره ، أو أن نتوقع تغييرات حسب ما نريد لنحب أكثر ، كل مخطط إرضاءي في التغيير هو هراء ! لأنه في الأصل سيغير معالم ذلك الحب ؛ غالبية أسباب فشل العلاقات تكون مرتبطة أساسا بمفهوم التغيير أو إنتظار التغيير من الآخر على حسب معايير فصلناها مسبقا مرتبطة أساسا بترسباتنا البيئية و التقافية و الإيديولجية و المبادئ ،و يعتبرها العقل مكتسبات ثابتة بينما الحب لا يخضع لهذه المعايير، هوعنفوان روحي كذلك الشأن في الرياضة و السياسة و كل المجالات ، عندما يرفع السياسي حجم التوقعات بوعوده لنا ، يجب أن لا نحصر سعادتنا بتحقيقها ،حتى لا نشعربالخذلان عندما يخدعنا و لا ينفذ وعوده .لا أقول لايجب أن نحلم ولكن يجب أن لا نرفع حجم توقعاتنا عن إطار المعقول و إن توقعت أن يحصد المنتخب المغربي مثلا أربع نقاط من مقابلتين ، ربما تكون نتيجة مقابلة واحدة حاسمة في تأهله للدور الثاني،هذا لا يغير شيء فيما أنا فيه ،كما لو أتوقع انخفاضا طفيفا في أسعار النفط مع اقتراب الإنتخابات الرئاسية الأمريكية ، و رغم إنخفاض النفط في الأسواق الدولية لن يتراجع ثمنه إلى ما كان عليه قبل بداية الأزمة ، أي مستحيل أن تعود إلى ثمن رئيس الحكومة السابق ، رغم وعده ب تسقيف الثمن في حدود أقصاه عشر دراهم ، لماذا كل هذا إذن!ألم يكن يعرف أن هذا سيسبب الخذلان ! و عدم الثقة فيه مستقبلا ، أ لم يكن يتوقع رئيس الحكومة السابق إرتفاعا لاتمنة المحروقات و هو يرفع يد الدولة عن الدعم ، ألم يكن في مكتبه خبراء إستراتيجيون يتوقعون أسوأ النتائج قبل طرح قرار اصلاح صندوق المقاصة و بالخصوص في مادة البترول ! حين يبرر اليوم الرئيس السابق قراره في هذا الشأن و هو اليوم ينتقد الرئيس الحالي ،يريد أن يعيد لنفسه الدعم و قد رفعه عن صندوق المقاصة في خصوص المحروقات أي إنتقاد و أي تبرير منه يعود عليه لأنه ببساطة هو السبب ، حين تطرح قرارا جريئا ك هذا يخص جوهر الإقتصاد العمومي ، لأن تأثيره السلبي يكون واضحا على جل القطاعات ، فكان لازما رفق قرار التحرير ب شروط حمائية تخص القدرة الشرائية ! و هذا مثال بسيط على عدم الدراية و على عدم الاكثرات بحالة و وضعية فئة عريضة من المجتمع كانت هي السبب الأول و الأساسي لنجاحه و وصوله لمركز القرار ،فيجازيها بهذا القرار ، أما عن الرئيس الحالي فلا أعرف كيف سيفعل آليات الدولة الآن لحماية جيب المواطن من إرتفاع هذه المادة و هو أصلا يشاع أنه المستفيد الأول من هذا القرار لأن شركته في المحروقات ! إلى حين توضيحه صحة هذه الإشاعة ، حقيقة خيال علمي ، صراحة أنا كمواطن لا يمكن أصدق فكرة إغتنائه بهذا الشكل الوحشي ، لا يمكن ، و مستحيل و إن صح كل هذا يجب أن لا تؤثر هذه الحقيقة عن السعادة ، يجب أن نبقى شعبا سعيدا ،لأن المال لا يصنع السعادة و هي منفصلة عن توقعاتنا . هنا تتضح جليا الإختيارات الصعبة للفرد أمام الجماعة و ليست أي جماعة و لكنه شعب و أمة ، هنا يكون الإنسان المسؤول أمام قرار لا يحسد عليه ، إما أن يقرر لصالح الشعب و يتنازل و يمكن يخسر مصالحه و يضر شركته أو لا يقرر و يترك القرار كما هو و يبقى المستفيد الوحيد مع شركات المحروقات الأخرى ، هذا ما كان ! لكن يبدو إن غلب حس الوطنية سيتجاوز ما فوق هذا القرار و ب إستطاعته أن يضحي بكل مصالحه في سبيل إزدهار بلاده و حتى القرض من البنك الدولي يمكن تجاوزه ، ذلك المليار و نصف دولار في إستطاعته بكل روح وطنية أن يسحبها من ماليته الخاصة ! و بذلك يعطي القدوة لكل أغنياء العالم الثالت بهذه الخطوة الجريئة ، يصبح بطلا قوميا مشهورا ،قبل كل هذا كان في الأول عندي سؤال فقط لكم سيدي رئيس الحكومة و أمر لكن كما ترى ،هل تتذكر ذلك الشخص الذي يخيط شباك الصيد في مرفأ الحسيمة ، تذكرته ! الذي كانت لديكم معه دردشة سريعة ، أيام الحراك عندما لم يجرأ رئيس الحكومة الذهاب بنفسه و سؤال الناس ، و سألته ما ينقصه من حاجيات ، قال لكم تنقص أشياء كثيرة لكن ليس لدي الوقت الآن ! تقبلتم الأمر بابتسامة و في الإبتسامة معنى كبير ، لا أعرف لماذا ضحك كل من كان من حولكم! لكن سؤالي هل عدتم إليه مرة أخرى عندما كان لديه الوقت لتعرف ما يحتاج !. السؤال على الرصيف هو عابر يكون جواب ليس بعده جواب فقط أمل في جواب ،و بعدها ننسى الشخص و الظروف التي جمعتنا به ، خصوصا عندما تكون عندنا مسؤولية كبيرة و انشغالات ، بينما الشخص الذي لم تكن ظروفه تسمح لعرض كل مشاكله و فقط في ظرف وجيز ،أنتم بالنسبة له الحل ، حل كل المشاكل ،و رغم ذلك أوضح أنه ليس لديه وقت كاف لعرض كل مشاكله …كشخص يجتاز اختبار شفوي مدته خمس دقائق ليحكم على مصيره خمس أشخاص تشكل لجنة هل يصلح لعمل يشتغل فيه مدى الحياة ، و ظروفه النفسية لا نعرفها ،ربما لم ينم طيلة الليل و أصبح عند اللجنة ، و هذا هو عمق و روح المسؤولية ، أن لا ننسى أبدا أضعف المخلوقات تحت امرتنا ، أن لا نعتبر الأشخاص فقط أرقام في وقت من الأوقات و نمر ! أن نتابع مصير الناس بقراراتنا ، نرصد كل التفاصيل فتلك هي المسؤولية الحقيقية ، ألم يكن التجاهل هو سبب الإحتقان ، الخطأ الكبير في السياسة تجاهل المطالب ، و فرض رؤية واحدة غير واضحة ، و سيظل الإهمال و التجاهل و عدم الاكثرات بهموم الناس هو السبب في فشل السياسة ، يجب الإنصات للناس ليس بدافع الإشهار و تلميع الصورة بل بدافع المسؤولية و الذمة و الأخلاق ، ننصت نسمع النبض ،نبحث عن العلة و نجد الدواء ! أما و أن نجسد دور الطبيب دون علاج فهذا هو ما يفسد الجانب المشع في كوكب زحل . وسوف أظل متفائلا و إيجابي ولكن رغم الإيجابية يا صديقي أقول لك إنه مجعد ليس من أبي الجعد ! لا يمكن أبدا السكوت عن هذه المهزلة التي نعيشها ، زيادات في كل شيء “و الله طالب يا الغالب” ، لا يمكن و حتى من كان يعتقد أنه بعيد عن الفقر بدا يتراءى له طيفه قادم من جهة أول الشارع برأس أسود مجعد و مكعلل ، هو شبح مخيف بأرجل طويلة كالقصب و رأس مثلث أجعد ، قاتم حافي القدمين يظهر في أول الزقاق و هو في الجهة الدائرية لم يطل بعد لكنه بدء يسمع جعجعتة تقترب ، عظام تصطك ،إحتكاك للعظام تلك الخطى السريعة لهيكل عضمي كأنه يسرع يجري وراءه ، و هو مذهول يقف و ينتظر ، حتى أنه لم يعد يتذكر فيما يجدي هاشطاغ لا لغلاء الأسعار و رئيس الحكومة إرحل ، فيما يفيد رحيله أو عدمه و قد إقترب منه الوحش الآن ، لكن في الحقيقة إنها لحظة تاريخية إن رآها شخصيا ، يجب أن يسعد فليس يوميا يمكن رؤيته ،الفقر ك الخسوف أو الكسوف ، عندما تعتقد أنك هناك قريبا من الطبقة المخملية و يجب توثيقها كما أفعل الآن ، و من حق المساكين أصحاب السميك بالرائحة فقط ومن حق متوسطي الحال أصحاب الزيادة على السميك ب “بز بز” على دفعات أن يدخلهم الفزع و هم من وراء الزقاق كانوا فقط يسمعون عن هذا الوحش المفزع أو يقرأون عنه في التلاوة المفسرة ورواية إيميل زولا و شيخوف و لم يرونه أبدا في الواقع، و أنت لست هنا !،تقول الخبيرة الناعمة أن الدولة العميقة تخاف الصامتون ، أنا لا أعتقد هذا ، إن كان صحيح فلأن الدولة لم يعد لديها معارضة حقيقية تفهم منها حقيقة الوضع و الخوف كل الخوف كما قال الدكتور من الإجتياح الشعبي كأمواج من التسونامي و لا يمكن إيقاف ذلك و باي ثمن ، عند وصول هذا الوحش عند الكل ، يجب أن تخاف أيضا من الوحش و تحاربه من هذه اللحظة لكن!هذه لحظة مميزة جدا ، أن تبحث عن الزيت و السكر و الدقيق و كل الحاجيات الأساسية تنتهي في لحضة واحدة و عليك شرائها و تخذلك سيارتك وسط الطريق ليس بسبب عطل ميكانيكي بل لأنك عبأت من البنزين مايكفي فقط مرة ذهابا و مرة إيابا إلى العمل”عند حده قده ” ذكروني أن أختار هذا الإسم عندما أفتح مشروعا تجاريا مربحا ، آه قد نسيت و انعرجت لمكان آخر تنسى فيه ثقل الحياة أو دخلت زقاق و خرجت جهة المنطقة التي يسكن فيها صديق أو زميلتك مطب ثم مطب ، هناك وصلت ، إنزل إشرب الشاي ، في المرة القادمة إن شاء الله شكرا ، لاعليك عندي الحل لهذه المشكلة إجعل سيارتك في خدمة الناس “اسرق” الأماكن بها و خفف السير عنهم يساعدونك في البنزين ،و المخزن !! آه و الواد و الواد ، لا داعي لهذه الفكرة ، متوسطوا الحال كانوا يرون الفقر فقط فيمن فتك بهم و لم يكونوا يتوقعون يصل إليهم أبدا لم يبالون أو يتوقعون يصلهم أبدا أبدا بصوت سميرة سعيد ، ما هذا ، عدت للتوقع من جديد .. أبدا !! لأن الحكومة كانت دائما تحميهم منه ، نعم ، لم يكونوا يظنون يوما أن تتركهم لمصيرهم معه أو تخذلهم ناهيك تتحالف معه ،أبدا ، ماذا حدث اذن! بالله عليك إشرح لي ! هل تخاف أنت من الفقر ،إن صرفت تروثك لمحاربته ، لماذا وثق فيك الناس و رشحوك سيدهم ، أليس لمحاربة هذا الوحش ! وقد كانت بادية علاماته الصغرى ، إلى حين هذه الإلتهابات اليوم و الركوض ، و لتفعل أي شيء لجلاءه و تصبح البطل ، و حتى عندما يود يسألك فقير “الله يسقسيك بغيت نخليك ” لسان حاله يبين أن الحالة الإجتماعية غيرت تبطينة تفكيره و لم يعد يفرز الكلام ، هل هذا مايفعله الفقر بالناس ! أو مايفعله صندوق النقد الدولي و البنك العالمي ، أيها الدرويش الفاني أترك السوسيال و شأنه ، يسألون في أدب و يحدثونك في هدوء ،لكنهم في الأصل لا يحتاجون لأي كلام و الشرح ! الحالة حالة الله ، لكن إياك أن تتحدث عن الفقراء في مجمع يتحدث عن المشاريع و الصفقات، أو أمام كريستي ، إياك أن تظهر ولو قليلا من المشاعر و الرحمة نحو الطبقة الفقيرة ! تحدت وسط المجمع كأنك من عالم مخملي متميز ذو دم أزرق ، لا شيء يقف في طريقك سوى نجاح الصفقة و تغليظ الثروة و نسبة الربح بعد دراسة نسبة النجاح ، تحدث بثقة في النفس و أنك تعرف السيد رئيس الحكومة و هو صديق لك على الفيسبوك أو كأنك عفوا أنت هو رئيس الحكومة شخصيا و أنه الله يحسن العون كم تحمل من الشجاعة لمواجهة كل هذه السطحية و اللامعنى ! تبا كم هو متعب هذا الشعب بهمومه و الله، صدقيني كريستي لم أعد أنام ، لم تأكلي من هذا النوع من الكافيار، خدي تذوقي هذا و قلولي قو لي لي رأيك بصوت كاظم الساهر