مونديال قطر وخيبة أمل العصابة!
اسماعيل الحلوتي
منذ أن خاب أملها في ضمان المنتخب الجزائري بطاقة العبور لكأس العالم، الذي حظيت دولة قطر بتنظيم فعالياته في الفترة الممتدة ما بين 20 نونبر و18 دجنبر 2022، على إثر الهزيمة التي تلقاها مساء يوم 29 مارس 2022 في عقر داره أمام المنتخب الكاميروني في مقابلة الإياب 2/1 من الدور النهائي في التصفيات المؤهلة للمونديال رغم فوزه ذهابا بنتيجة 1/0، والعصابة الحاكمة بقصر المرادية في الجزائر تصر على تكثيف حملتها الإعلامية المسعورة من أجل الإساءة إلى المغرب، معتمدة في ذلك على اختلاق الأكاذيب والاتهامات الباطلة…
ولعل من بين ما يؤكد حجم الإفلاس الفكري والأخلاقي الذي أصاب كل من الرئيس الصوري للجزائر “عبد المجيد تبون” وقائده “السعيد شنقريحة”، أنهما لم يكتفيا فقط بتسخير أزلامهما وأبواقهما الصدئة لترويج الشائعات، وإقحام رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم “فوزي لقجع” والكوميدي المغربي “جمال الدبوز” المقيم في فرنسا، من خلال توجيه الاتهام لهما بالتواطؤ في إقصاء المنتخب الجزائري من مونديال قطر 22، بدعوى أن الثاني لعب بإيعاز من الأول دور الوسيط بين حكم مقابلة الإياب الغامبي “باكاري غاساما” ورئيس الجامعة الكاميرونية “صامويل إيطو”، الذي يعد واحدا من أعظم المهاجمين الأفارقة على مر التاريخ…
بل إنها وإمعانا منها في الحقد والكراهية، أبت “العصابة” المنبوذة شعبيا إلا أن تصدر تعليمات صارمة لكل وسائل الإعلام الجزائرية سواء منها العمومية أو الخاصة، بالعمل على عدم نشر أي أخبار إيجابية حول المنتخب الوطني المغربي طيلة مشاركته في كأس العالم قطر 22، وزادت بأن دعتها إلى ضرورة فرض رقابة على أي محتوى يمكن أن يتم تفسيره على أنه إنجاز هام لصالح المغرب، الذي تعتبره عدوا لدودا للدولة الجزائرية ومصدرا لتهديد أمنها القومي. ولا أدل على ذلك أكثر من إقدامها على إقالة المدير العام للتلفزيون الجزائري العمومي “شعبان لوناكل” لا لشيء سوى أنه سمح بنشر خبر عن تأهل المغرب لدور نصف النهائي. وهو ما عرض الإعلام الجزائري للسخرية والاستهزاء من قبل عديد القنوات العالمية، ولاسيما حين تحدثتت إحدى المذيعات في التلفزيون الرسمي عن إقصاء المنتخب الإسباني بعد هدره لثلاث ضربات ترجيح دون ذكر اسم المنتخب الخصم الذي هو منتخب المغرب.
بيد أنه خلافا لما ظلت “العصابة” تتمناه مع بعض الحاقدين من إقصاء للمنتخب المغربي منذ الدور الأول، خاصة بعد أن وضعته القرعة في المجموعة السادسة التي أطلق عليها “مجموعة الموت” لكونها تضم إلى جانب المغرب، كل من كرواتيا وصيفة بطل العالم في النسخة 21 من مونديال 2018 بروسيا، وكذا بلجيكا المحتلة للرتبة الثالثة في ذات النسخة ثم كندا، استطاع هذا المنتخب الطموح أن يدحض كل التكهنات ويفوز بقلوب الملايين في سائر أقطار العالم، وأن يلم كذلك شمل الدول العربية، كما لم تستطع أي دولة أخرى تحقيقه.
حيث تمكن المنتخب الوطني المغربي من تحقيق إنجاز تاريخي غير مسبوق في تاريخ كأس العالم، وأصبح أول منتخب في القارة الإفريقية والعالم العربي يصل إلى المربع الذهبي لمونديال قطر 22. وهو الإنجاز الذي لم يأت عن طريق الصدفة، وإنما جاء عبر أداء متميز يعكس الروح القتالية والوطنية الصادقة والقيم الإنسانية النبيلة التي تتحلى بها جميع مكوناته، وبعد مسار موفق عقب تصدر مجموعته بسبع نقط في الدور 16، إثر تعادل سلبي مع منتخب كرواتيا (0/0)، وفوز على كل من منتخب بلجيكا (2/0) ومنتخب كندا (2/1). ثم إنه وبفضل أدائه الجماعي وانضباطه التكتيكي وقوة الإرادة، تمكن من إزاحة المنتخب الإسباني بضربات الترجيح (3/0) في دور الثمن، والمنتخب البرتغالي (1/0) في دور الربع. غير أنه ولظروف خارجة عن إرادته انهزم في دور نصف النهائي أمام بطل العالم سنة 2018 المنتخب الفرنسي (2/0)، وخسر مقابلة الترتيب (2/1) ضد كرواتيا، ليحتل بذلك الرتبة الرابعة عالميا.
وبهذا الإنجاز البطولي الذي لم يسبقه إليه أي جيل كروي آخر في القارة السمراء والعالم العربي، استطاع المنتخب المغربي أن ينافس بندية المدارس الكروية الكبرى ويخلف ارتسامات طيبة لدى الجماهير الواسعة، فضلا عن إثارة إعجاب الصحافة الأوروبية والعالمية التي رصدت تلك الاحتفالات البهيجة في العالمين العربي والإسلامي والقارة الإفريقية، ومعها كذلك شخصيات بارزة من مختلف المجالات الفنية والسياسية. بالإضافة إلى رؤساء وملوك بعض الدول الشقيقة والصديقة، وأبرز نجوم الكرة القدم العالمية وعلى رأسهم الأسطورة البرازيلية “بيليه”، الذي سارع إلى تهنئة “الأسود” على مشاركتهم القيمة، عبر حسابه الشخصي في “إنستغرام”، منوها بالوجه المشرف الذي ظهر به بين أعتى المنتخبات الدولية، والقيمة المضافة التي قدمها للكرة العربية والإفريقية.
إن على “العصابة” التي تكرس كل جهودها في مهاجمة المغرب ومعاكسة طموحاته المشروعة، استخلاص العبرة من الملحمة الكروية التي بصم عليها “أسود الأطلس” بقيادة الناخب الوطني وليد الركراكي، والتي ستظل راسخة في الأذهان عبر الأجيال، وستكون دافعا أساسيا لجميع المسؤولين في مجالات اشتغالهم. وأن تعلم جيدا أن هذه الملحمة ما كان لها أن تتحقق لولا تلك الرؤية الثاقبة لملك البلاد محمد السادس وسياسته الرشيدة التي ما انفكت تدعو إلى مضاعفة الجهود في اتجاه تطوير الرياضة عامة وكرة القدم خاصة، من خلال الاهتمام بالعمل القاعدي، النهوض بمستوى الأطر التقنية والمنشآت الرياضية كأكاديمية محمد السادس والتخطيط العقلاني، باعتبار الرياضة من بين أهم الوسائل الناجعة لإدماج الشباب ومصدرا للثروة الاقتصادية والسياسية…