تفوق الكابرانات في بث الحقد وتبديد الثروات!VIDEO
اسماعيل الحلوتي
يوما عن يوم يتأكد للعالم أجمع أن “الكابرانات” في قصر المرادية من صانعي القرار والماسكين بقبضة حديدية كل الملفات الأمنية والإقليمية والدولية، الجاثمين على صدور الجزائريين منذ 1962، ماضون في غطرستهم حتى باتوا لا يجيدون من شيء عدا العداء الاستراتيجي للمغرب، بث الحقد والكراهية في أذهان الجزائريين ضده، عبر إنتاج الكذب وترويج الإشاعات المغرضة، فضلا عن تبديد الثروات الوطنية في سبيل ضرب وحدته الترابية ومحاولة تعطيل مساره التنموي…
فالنظام الجزائري البئيس تجاوز كل حدود الخبث والمكر وصرف كل مداخيل الغاز والبترول في شراء ذمم بعض القادة الذين تعاني بلدانهم من أزمات اقتصادية واجتماعية وعلى عدد كبير من المرتزقة هنا وهناك، وخاصة رؤوس الفتنة في جبهة البوليساريو الانفصالية، الذين أصبحوا اليوم ينعمون بالرفاهية وبحبوحة العيش، حيث يسكنون الشقق الفخمة بمختلف أنحاء العالم ويركبون السيارات الفارهة ويملكون أرصدة مالية ضخمة في البنوك الأجنبية، فيما يصطف الجزائريون في طوابير لساعات طويلة مقابل الظفر بعلبة حليب فاسد أو قنينة زيت مغشوش أو كيلوغرام بطاطس أو نصف كيلوغرام دقيق، ويعانون من الفقر والقهر والظلم والبطالة…
ولا أدل على تردي الأوضاع أكثر من تلك الشعارات التي رفعها نشطاء الحراك الشعبي الجزائري، الذي انطلق في فبراير 2019 لإرغام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة على الاستقالة، رغم تعرض نشطائه للقمع شديد والاعتقال والمحاكمات الصورية قبل وبعد الاحتجاجات، التي كانت تنتظم في مسيرات حاشدة كل يومي جمعة وثلاثاء، إلى أن أوقفه تفشي جائحة كورونا. وهي الشعارات التي يتهمون بواسطتها كابرانات العسكر أو من أسموهم “العصابة” الحاكمة بنهب أموال الشعب الجزائري، وتبديد ما لا يقل عن 500 مليار دولار على ميليشيا البوليساريو قصد استفزاز المغرب ومعاكسة وحدته الترابية، فيما الغالبية الساحقة من الشعب الجزائري تتجرع مرارة الجوع والحرمان وتعيش أقصى درجات الإقصاء والتهميش. فما علاقة هذا الشعب الذي يضطر شبابه إلى الانتحار في عرض البحار، بالسفاح إبراهيم غالي زعيم الانفصاليين الملقب بابن بطوش أو العميلة المسماة “أمينتو حيدر” أو زميلتها “سلطانة خيا” وكذا حفيد نيلسون مانديلا “شيف زوليفوليل” وغيرهم كثير من العملاء والمرتزقة المنتشرين في مختلف بقاع العالم، ممن يستنزفون ملايين الدولارات من خزينة الدولة على حساب قوت المواطنين الجزائريين الأبرياء؟
فمن الخزي والعار ونحن في القرن الواحد والعشرين أن يواصل نظام عسكري بائد وفاسد هدر ثروات البلاد في أمور لا تخدم إطلاقا مصالح العباد، حيث يصر على التمادي في توجيه كل الإمكانيات والقدرات لدعم قضية خاسرة والتحرش بالمغرب الذي يشكل له عقدة نفسية عميقة منذ حرب الرمال عام 1963، ولاسيما بعد اتساع دائرة الدول الإفريقية والعربية والأمريكية والأوروبية التي تدعم سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية ونجاح دبلوماسية القنصليات والتمثيليات الدبلوماسية في الصحراء المغربية، وهي الانتصارات الدبلوماسية التي ما انفك المغرب يراكمها منذ عام 2017 إثر عودته المشهودة تاريخيا إلى أحضان الاتحاد الإفريقي.
ترى أي عقل سليم يقبل بأن ينشئ الكابرانات صندوقا بملايين الدولارات ليس للمساهمة في التنمية البشرية أو مواجهة الفقر والبطالة وغيرها، وإنما بهدف تمويل أعمال الضغط في بلدان الاتحاد الإفريقي لإفشال مخططات ما أسموه ب”اللوبي المغربي ومشروعه التوسعي”، أو أن تلجأ الجزائر الغنية بعائداتها من الغاز والبترول التي تقدر بمئات الملايير من الدولارات، إلى تمويلات خارجية من مختلف بلدان العالم؟ إذ أنه في ظل تعاقب الحكومات الفاسدة والمبذرة تجاوزت المداخيل 1500 مليار دولار منذ “الاستقلال”، بينما هناك فئات عريضة من المجتمع لم تفتأ تزداد فقرا وهشاشة، والحال أن بمثل هذا المبلغ الضخم يمكن ليس فقط ضمان العيش الكريم للشعب الجزائري، بل بناء قارة بأكملها.
فمنذ أن جيء بالرئيس “تبون” إلى هرم الدولة والعلاقات الرسمية بين الجارتين الجزائر والمغرب في تدهور وتوتر، حتى بات الوضع ينذر بالانفجار في أي لحظة، بدليل إقدام السلطات الجزائرية على قطع العلاقات الدبلوماسية من جانب واحد في غشت 2021 تحت ذرائع واهية واتهامات باطلة. حيث أنه وعلى غرار الأنظمة السابقة، لم يجد النظام الحالي بدوره من وسيلة أخرى لإلهاء الشارع الغاضب من سوء التدبير وتبديد ثرواته، سوى التمسك الأعمى بعقيدة العداء للمغرب وتحويله إلى عدو خطير يهدد أمن واستقرار الجزائر، كما تزعم افتتاحيات مجلة الجيش التي تفرغت كليا لمهاجمته، بدل القيام بدورها في نقل أخبار وأنشطة الجيش. حيث تصر “العصابة” الحاكمة على عدم ترك أي مناسبة تمر حتى لو تعلق الأمر بتظاهرات رياضية دون استغلالها في اتجاه إفراغ ضغائنها وأحقادها على المغرب، لأنها لم تستوعب بعد فشل استراتيجيتها البئيسة المعادية له، علما أنه يحرص فقط على حماية وحدته الترابية…
إن إقدام النظام العسكري مثلا على استغلال مناسبة افتتاح بطولة كأس أمم إفريقيا للمحليين “الشأن”، التي يفترض أن تكون محطة لإشاعة روح المحبة وسمو القيم النبيلة وتذويب الخلافات بين الشعوب، في حرمان المنتخب المغربي من المشاركة للدفاع عن لقبه، برفض الترخيص لطائرة بعثته الرياضية برحلة جوية مباشرة، تجييش الجمهور ضد المغرب ورموزه واستقدام المرتزق حفيد الزعيم الكبير “مانديلا”، الذي استهدف خطابه المقيت المغرب ووحدته الترابية، ليس له من دلالة سوى أن “الكابرانات” ماضون في تعنتهم وحقدهم الدفين، مهما كلفهم الأمر من خسائر مادية ومعنوية فادحة.