النجم حكيمي وحيدا وسط العاصفة!
اسماعيل الحلوتي
ليس هناك من قول ينطبق في الوقت الراهن على ما يتعرض له المغرب من ضربات موجعة خلال هذه الأيام، سوى تلك المقولة المنسوبة للشاعر العربي الكبير أبو الطيب المتنبي “المصائب لا تأتي فرادى”. إذ بعد الحملة الإعلامية المسعورة التي جاءت على إثر الاتهامات الباطلة بتورطه في فضائح تجسس ورشاوى وانتقاد البرلمان الأوروبي لعدم احترامه حرية التعبير والإعلام والمحاكمات غير العادلة في حق بعض الصحافيين.
وفي الوقت الذي مازال فيه المجتمع المغربي يتفاعل مع حكم القضاء الفرنسي الصادر يوم الجمعة 24 فبراير 2023 والقاضي بإدانة الفنان المغربي سعد لمجرد بست سنوات سجنا في قضية اعتداء جنسي على شابة فرنسية تدعى “لورا بريول” خلال شهر أكتوبر 2016، مع إمهال هيئة الدفاع عنه عشرة أيام لاستئناف الحكم، الذي خلف الكثير من ردود الفعل المتباينة في أوساط المغاربة والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث هناك من اعتبره حكما مسيسا ويندرج في إطار الأزمة الصامتة بين المغرب وفرنسا، وهناك من يرى بأن للفنان سوابق في الاغتصاب ويستحق حكما أكثر تشددا، وغير ذلك من الآراء
فإذا بخبر آخر ينزل كالصاعقة على رؤوس المغاربة عامة والجمهور الرياضي خاصة، حيث أن البطل هذه المرة نجم من نجوم الكرة المغربية وواحد من “أسود الأطلس” الذين رفعوا راية المغرب عاليا في سماء العاصمة القطرية الدوحة بمناسبة كأس العالم قطر 22، لما حققوه من إنجاز تاريخي مشرف وغير مسبوق من قبل المنتخبات العربية والإفريقية، بعد أن تمكن المنتخب الوطني من بلوغ المربع الذهبي واحتلال المرتبة الرابعة عالميا خلف كل من الأرجنتين حاملة اللقب، ووصيفتها فرنسا، ثم كرواتيا ثالثة. إنه نجم نادي الفرنسي “باريس سان جيرمان”: أشرف حكيمي.
إذ أنه حسب إفادة مكتب المدعي العام في نانتير بالضاحية الغربية للعاصمة الفرنسية باريس، وجهت رسميا يوم الجمعة 3 مارس 2023 تهمة الاغتصاب لنجم المنتخب المغربي ونادي باريس سان جرمان أشرف حكيمي، وذلك بعد استماع المحققين يوم الأربعاء فاتح مارس 2023 إلى المدعية التي قالت محاميتها “راشيل فلور باردو” لإحدى الصحف الباريسية: “أخذنا علما بقرار الاتهام، الذي تحافظ فيه موكلتي على كل أقوالها، واختارت حفاظا على سلامتها عدم نشر قضيتها والاكتفاء بالتحدث حصريا إلى العدالة”. وكذا بعد استجواب “المتهم” يوم الخميس 2 مارس 2024 من قبل “المدعون العامون” على خلفية اتهامات من امرأة تبلغ من العمر 24 سنة بكونها ضحية اغتصاب في منزله الموجود في شارع “بولوني بيلانكور” يوم 25 فبراير 2023
وهي الاتهامات التي فضلا عن أنها جاءت متزامنة مع حفل الاتحاد الدولي لكرة القدم وتوزيع جوائز “ذا بيست” في العاصمة الفرنسية الذي حظي فيه النجم المغربي أشرف حكيمي بإحدى الجوائز، باعتباره واحدا من أفضل اللاعبين في العالم، وعن نفيها من قبل محاميته فاني كولين”، التي اعتبرت موكلها شخصا هادئا ومستعدا للتعاون مع السلطات القضائية مادام واثقا من براءته، ووصفت قضية الاغتصاب المزعوم بالقصة الكاذبة وأن الاتهامات باطلة ولا أساس لها من الصحة، فإن المتهم حكيمي كان قد خرج يوم الثلاثاء 28 فبراير عن صمته معلقا عن تهمة الاغتصاب التي طالته ونفى بشكل قاطع تلك الادعاءات بالقول إنها “خاطئة تماما”
بيدا أنه بعيدا عن ملابسات القضية المعروضة أمام القضاء الفرنسي ومدى صحة الاتهامات من بطلانها، وخلافا للفنان سعد لمجرد الذي كان مؤازرا من زوجته التي رافقته إلى العاصمة الفرنسية والوقوف بجانبه إلى حين إيداعه السجن، فإن ما يحز في النفس كثيرا هو أنه عوض أن تسارع زوجته الممثلة الإسبانية ذات الأصل التونسي هبة عبوك إلى طي صفحة خلافاتهما ولو بصفة مؤقتة، وتهب إلى دعم والد طفليها في محنته مراعاة لتلك اللحظات السعيدة والأيام الجميلة التي قضياها معا داخل وخارج البيت، اختارت للأسف أن تواصل إجراءات الانفصال عنه التي سبق لها أن باشرتها من قبل لأسباب شخصية، لا علاقة لها على الإطلاق بتهمة الاغتصاب الموجهة إليه.
عموما إنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها اتهام أحد نجوم الكرة بالاغتصاب ولن تكون هي الأخيرة، إذ سبق تسجيل عدد من قضايا التحرش والاعتداء الجنسي على النساء هنا وهناك، همت لاعبين من مختلف الجنسيات، غير أنه طالما أسقط الكثير منها لعدم وجود أدلة صريحة وكافية أو بسبب تراجع المدعيات، مما يقتضي أن يحرص نجوم الكرة وغيرهم من الفنانين والمشاهير على أن يشكلوا قدوة حسنة للأجيال الصاعدة، وأن تسهر السلطات القضائية في جميع الدول على عدم التساهل مع كل من ثبت في حقهن محاولة التشهير بالغير وتضليل العدالة، لما قد يترتب عن ذلك من إساءة لمستقبل ضحاياهن من الأبرياء.