كلمة السيد والي أمن وجدة عبد الخالق الزداوي بمناسبة تدشين المقر الجديد لولاية امن وجدة
باسم السيد المدير العام للأمن الوطني وأصالة عن نفسي ونيابة عن كافة موظفي الأمن الوطني بوجدة، أرحب بكم جميعا وأشكركم على تلبيتكم دعوة الحضور من أجل مشاركتنا حفل اللافتتاح الرسمي لمقر ولاية أمن وجدة.
أيها السيدات والسادة؛
إن إشراف السيد المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني على الافتتاح الرسمي لهذا المقر الجديد، بحضور الأطر العليا المركزية للمديرية العامة للأمن الوطني، يجسد عنايته الخاصة التي يوليها لهذه المنطقة ذات البعد التاريخي والاستراتيجي، وهي مناسبة أيضا تندرج في إطار تخليد ذكرى تأسيس الأمن الوطني على يد أب الأمة ومحرر الوطن المغفور له الملك محمد الخامس طيب الله ثراه، الذي أبى، ومنذ سبعة و ستين سنة خلت، أن يعطي أوامره السامية، بتاريخ 16 ماي 1956 من أجل تأسيس المديرية العامة للأمن الوطني، بمقتضى ظهير شريف، وهو ما يدفعنا إلى استحضار الأمجاد الخالدة، التي سجلها تاريخ المملكة المغربية، والتي بناها المغفور له الملك الحسن الثاني، باني الدولة الحديثة، الذي شرف هذه المؤسسة، خلال خطاب العرش لسنة 1992، حيث قال في حقها: ” نحن فخورون بشرطتنا، وأنا الذى تعاملت معها منذ أزيد من اثنتي وثلاثين سنة، أشهد الله أنها لم تخن شعارها أبدا الله الوطن الملك”، انتهى النطق المولوي الكريم؛
أقول، أمجاد اكتملت بتكريس دولة الحق والقانون وبناء المؤسسات من طرف عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده والذي أثنى جنابه الشريف، أعزه الله على المجهودات والتضحيات الجسام التي يبدلها نساء ورجال الأمن الوطني، حيث قال جلالته في خطاب العرش بتاريخ 29 يوليوز 2017 : ” في حين أن رجال الأمن يقدمون تضحيات كبيرة، ويعملون ليلا ونهارا، وفي ظروف صعبة، من أجل القيام بواجبهم في حماية أمن الوطن واستقراره داخليا وخارجيا والسهر على راحة وطمأنينة المواطنين وسلامتهم. ومن حق المغاربة، بل من واجبهم أن يفتخروا بأمنهم.” نهاية النطق الملكي السامي..
أيها السادة الحضور الكرام؛
في إطار التوجيهات الملكية السامية لتقريب الإدارة من المواطنين، وتحديث وتجويد الخدمات المقدمة للمواطن، مع تفعيل ثقافة أمنية، قوامها شرطة مواطنة”، ترتكز على الاتصال القريب والدائم مع الساكنة والعمل على المساهمة في إيجاد حلول فعالة ودائمة لمتطلبات المواطنين وتنفيذا لتعليمات السيد المدير العام للأمن الوطني الرامية إلى العناية بكافة مكونات الجسم الأمني، وتماشيا مع توجهات المديرية العامة للأمن الوطني الهادفة إلى توفير فضاءات وظروف ملائمة للاشتغال، وامتدادا للمجهودات الموصولة لتحقيق العديد من المنجزات في مختلف المناطق الحضرية، استجابة لحاجيات وانتظارات الساكنة، يتم إنشاء هذا المقر الجديد لولاية امن وجدة، الذي تم تشييده على مساحة تقدر ب 13060 مترا مربعا ويتألف من طابقين وآخر من أربع طوابق ويتوفر على عدة مرافق ومكاتب إدارية من شأنها خلق فضاء ملائم لاستقبال المواطنين وتسهيل الولوج إلى الخدمات الأمنية، إضافة إلى تحسين ظروف اشتغال الموظفين، مما سيحفزهم على بذل مزيد من الجهد والعطاء، وسينعكس إيجابا على جودة الخدمات المقدمة للمواطن..
إن هذا الصرح الجديد يشكل مفخرة وإضافة نوعية وقد روعيت في إنشائه أحدث المعايير مجال الهندسة والمعمار، وزود بكافة المستلزمات الضرورية والوسائل اللوجستيكية الحديثة الكفيلة بأداء خدمات أمنية لائقة لجميع المرتفقين، مع ضمان الولوجيات وحسن الاستقبال، علما أن هذه البناية تضم غرف أمنية روعي في إنشائها ضمان ظروف الوضع تحت الحراسة النظرية، في احترام تام لحقوق الإنسان المتفق عليها بالمواثيق الدولية، إضافة إلى مركز إنجاز وتسليم بطاقة التعريف الوطنية، قاعة للرياضات قاعة للندوات قاعة مواصلات بتجهيزات مهمة في أفق الإرتقاء بها إلى قاعة للقيادة والتنسيق والذي تجمع بين الاستجابة لنداءات النجدة الصادرة عبر خط الهاتف 19 وتدبير التدخلات الشرطية بالشارع ضمن فضاء معلوماتي وعملياتي موحد ومندمج بحيث يمكن تلقي ومعالجة أكبر عدد ممكن من اتصالات النجدة بشكل يتزامن وتدبيرها بشكل أني وفوري لتوزيعها على فرق شرطة النجدة العاملة بالشارع العام والدوريات الميدانية الأقرب جغرافيا، ومتابعة نتيجة هذه التدخلات وتوثيقها ضمن قاعدة معطيات معلوماتية ذات تحيين أني ووفق مدد زمنية مدروسة بشكل مسبق حسب المسافة الجغرافية..
أيها السادة الحضور الكرام؛
في إطار تكريس مفهوم الحكامة الأمنية في تدبير الشأن الأمني، فقد وضعت ولاية أمن وجدة إستراتيجية شاملة ومندمجة تستمد خطوطها العريضة من الإستراتيجية الأمنية للمديرية العامة للأمن الوطني لمكافحة الجريمة بكافة أشكالها خلال الفترة الممتدة بين سنة 2022 و سنة 2026 وذلك لتجويد خدماتها والرفع من جاهزيتها في جميع مستويات العمل الشرطي، وقد كان العنوان الأبرز لهذه الإستراتيجية هو مواصلة الوقاية من الجريمة وزجرها، حيث مكنت هذه المقاربة من تحقيق نتائج ايجابية سيكون لها الأثر الايجابي في انخفاض مؤشر الجريمة وتقزيم نشاطها، وبالتالي على تدعيم الشعور بالأمن لدى المواطنين.
أيها السادة الحضور الكرام؛
لا تفوتني الفرصة لأقف معكم على المهام النبيلة التي تقوم بها مختلف المصالح الأمنية في الحفاظ على الأمن والنظام العامين وحماية أرواح وممتلكات المواطنين، وكذا تثبيت دعائم دولة الحق والقانون واحترام حقوق الإنسان والحريات العامة، وترسيخ المفهوم الجديد والمتجدد للسلطة، الذي أرسى دعائمه الجناب الشريف أسماه الله وأعز أمره مع تدعيم جسور التواصل مع مختلف مكونات وفعاليات المجتمع المدني للعمل سويا في بناء مجتمع تسوده السكينة والطمانينة ويعمه الرخاء والازدهار.
وهي مناسبة أيضا لاستشراف استراتيجية المديرية العامة للأمن الوطني، التي تقوم على خدمة المواطن وتحيين السياسة الأمنية وذلك عبر تطوير منظومة الخدمات الأمنية، كركيزة للتنمية والتطور، ومحفزا للاستثمار وفق نظرة شاملة ومندمجة، غايتها الرقي بالأمن كخدمة مجتمعية من أجل إرساء أجواء أمنة وسليمة، للتمتع بالحقوق والحريات بعدما تم كسب رهان “الأمن المواطن”، وذلك عبر الانتقال من “الأمن” كمرفق إداري إلى الأمن كمؤسسة خدماتية”، ومن الأمن كقوة عمومية إلى الأمن كحق أساسي من حقوق الإنسان”، حيث أنه لا سبيل للتمتع بالحقوق والحريات بدون نعمة الأمن، ولا سبيل لإرساء الأمن والاستقرار بدون احترام حقوق الإنسان
السيد والي الجهة الشرقية؛
مما لا شك فيه فإن الأحداث التي تشهدها الساحة الدولية الوطنية، الجهوية والإقليمية، على كافة المستويات، وما تعرفه من أخطار تنامي التهديدات الإرهابية و ما يواكب ذلك من تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية وحقوقية، جعلت المديرية العامة للأمن الوطني تتبنى مقاربة أمنية شاملة ومندمجة تروم أساسا، تأمين البلاد من هذه الآفة و الحفاظ على أرواح وممتلكات المواطنين في احترام تام لكافة الحقوق والحريات وفق مفاهيم واستراتيجيات عمل حديثة، تتقدمها الحكامة الأمنية الجيدة، والشرطة المواطنة، والإنتاج المشترك للأمن، والتدبير العقلاني للموارد البشرية والمادية، وذلك بغرض جعلها تتماشى والوظائف الأساسية الموكولة إليها.
وفي نفس السياق، وكما تعلمون فإنه على المستوى الدولي، لا تزال المصالح الأمنية المغربية تبين عن كفاءتها و علو كعبها في رصد بعض أهم العناصر المتطرفة الحاملة لمشاريع تخريبية ببعض الدول الغربية، مما بوأها مكانة مرموقة في المنتظم الدولي، حيث يرى المحللون أن هذه الخبرة التي راكمها المغرب في مجال مكافحة الإرهاب وتفكيك خلاياه في ظل التهديدات المتنامية في المنطقة جعلت حلفاءه وشركاءه التقليديين من الدول الغربية يسعون في طلبه مع الإشادة بفعالية أجهزته الأمنية وقدرتها على العمل في إطار الحرفية والمهنية العالية.
أما على المستوى الوطني فإنه بفضل يقظة المصالح الأمنية بمختلف مشاربها، وفي إطار سياستها الإستباقية التي أظهرت فعاليتها ونجاعتها، تم رصد وإجهاض العديد من المشاريع التخريبية الخطيرة و الإرهابية التي كانت تحضر لها بعض التنظيمات المتطرفة، وما تفكيك الخلايا الإرهابية الأخيرة لخير دليل على نباهة المصالح الأمنية وجدية عملها للحفاظ على أمن واستقرار المواطنين وسلامتهم.
وبخصوص المستوى المحلي، فلابد من الإشارة إلى أن الحالة الأمنية تبقى مستقرة وأن معدل الجريمة يعتبر من أضعف المعدلات على الصعيد الوطني، وذلك بفضل المجهودات التي تبذلها كافة العناصر المكونة لهذا الأمن الولائي، عبر حضورها البارز والمتواصل بالشارع العام والاستجابة الفورية لطلبات المواطنين.
هذا ومما لا شك فيه، فإن جميع مكونات جهازنا ستبقى مجندة على الدوام لتوفير أجواء آمنة ينعم فيها الفرد والمجتمع بالسكينة والاستقرار عن طريق التصدي الحازم لكل مظاهر الإجرام والانحراف وذلك باعتماد حكامة أمنية تستند أساسا على المرجعية القانونية ونهج سياسة تواصلية منفتحة على جميع فعاليات وهيئات المجتمع المدني وكذا الوسط التعليمي، مع التركيز على التواصل الفعلي والمباشر مع المواطن ومعالجة قضاياه واحتياجاته الأمنية بشكل فوري، مع العلم أن توفير فضاء آمن يضمن السكينة والطمأنينة للفرد والمجتمع، لا يمكن أن يتم إلا بتضافر جهود الجميع بما في ذلك المواطنون الذين يعتبرون ركيزة أي نجاح وتطور مجتمعي.
حفظ الله مولانا الهمام بما حفظ به الذكر الحكيم، وأقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن وسائر أفراد الأسرة الملكية الشريفة، إنه سميع مجيب.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته