وأخيرا سيارات مغربية الصنع!
اسماعيل الحلوتي
بالقصر الملكي العامر في عاصمة الأنوار الرباط، ترأس العاهل المغربي محمد السادس يوم الإثنين 15 ماي 2023 بحضور وزير الصناعة والتجارة رياض وعدد من الشخصيات، حفل تقديم نموذجين أولين لسيارتين من صنع مغربي صرف، تعمل إحداهما بالهيدروجين بعد أن قام أحد الشباب من الكفاءات الفكرية المغربية الناجحة بتطويرها. وهما مشروعان مبتكران من شأنهما تعزيز علامة “صنع في المغرب” وتدعيم مكانة المملكة المغربية كمنصة صناعية تنافسية في إنتاج السيارات.
وعلى هامش هذا الحفل التاريخي أبى جلالته إلا أن يوشح بوسام الكفاءة الفكرية من درجة قائد، صدر كل من السيدين نسيم بلخياط المؤسس المدير لشركة “نيو موتورز”، وفوزي نجاح المؤسس المدير لشركة “نامكس”. فيما أكد وزير الصناعة والتجارة رياض مزور خلال تصريح صحفي، على أن الصناعة المغربية بشكل عام ومنظومة صناعة السيارات خاصة، تدشن اليوم لعهد جديد بفضل نموذجي السيارتين المشار إليهما أعلاه، مشددا في ذات الوقت على أن المشروعين يشكلان مفخرة كبرى للصناعة المغربية، التي قطعت أشواطا عملاقة بفضل التعليمات الملكية السامية، وأن الحفل الشرفي يعتبر تكريما لمقاولين مغربيين مبدعين، فضلا عن أن هاتين المبادرتين الصناعتين تنسجمان كليا مع الرؤية الملكية الثاقبة، والهادفة إلى توجيه القطاع الخاص ناحية الاستثمار المنتج، خاصة في القطاعات المتطورة والمستقبلية، وتحفيز انبثاق جيل جديد من المقاولات في المملكة المغربية.
وهو نفسه الذي سبق التصريح مع مطلع السنة الجارية بكون السيارات الكهربائية تصنع بالمغرب منذ الولاية الحكومية السابقة في عهد الوزير مولاي حفيظ العلمي، وهي مصممة ومصنعة بالمغرب مائة في المائة، وقد اقتنت إدارة البريد من هذا النوع 225 سيارة وأصبحت اليوم تعرف ا إقبالا منقطع النظير. مبرزا أن المغرب يتوفر على طاقة إنتاجية تقارب 40 ألف سيارة سنويا، وعلى وشك أن يصل إلى إنتاج 100 ألف سيارة كهربائية في أفق 2025، لأن هناك علامات تجارية عبرت عن رغبتها في الاستثمار بالمغرب. والأهم من ذلك أن نسبة الإدماج في صناعة السيارات وصلت 69 في المائة، أي أن 69 في المائة من قطع الغيار المستعملة في صناعة السيارات هي من صنع مغربي، وهناك رهان آخر على صناعة البطاريات الكهربائية، حيث تتراوح قيمتها في السيارات الكهربائية بين 20 و25 في المائة.
فبقطعه هاتين الخطوتين الهامتين في المجال الصناعي، اللتين استأثرتا باهتمام الرأي العام الوطني والصحافة الدولية، يكون المغرب قد كسب الرهان واستطاع تحقيق أحد أبرز الأهداف المسطرة منذ عقدين للنهوض بقطاع السيارات، الذي يعد واحدا من أكبر القطاعات الواعدة بجلب مزيد من فرص الاستثمار. كما يكشف المشروعان عن مستوى النبوغ الفكري الذي بلغه عدد من الشباب المغاربة المتأهبين للعطاء الهادف والمثمر، ويؤكدان كذلك قوة الإرادة الملكية الرامية إلى التنمية المستدامة وتعزيز الطاقات المتجددة، خاصة في قطاع الهيدروجين الأخضر الواعد، وحرصه الشديد على تشجيع المبادرات المقاولاتية الوطنية الرائدة والقدرات الإبداعية لدى الشباب المغربي.
وجدير بالذكر أن شركة “نيو موتورز” قامت بإحداث وحدة صناعية لتصنيع سيارات موجهة للسوق المحلية وللتصدير كذلك، بعين عودة (جهة الرباط-سلا-القنيطرة)، ويتوقع أن تصل الطاقة الإنتاجية السنوية 27 ألف وحدة، بنسبة إدماج محلي محددة في 65 في المائة، وأن يبلغ الاستثمار الإجمالي في هذا المشروع وحده 156 مليون درهم مع إمكانية خلق ما لا يقل عن 580 منصب شغل. كما سبق للوكالة الوطنية للسلامة الطرقية أن منحت خلال شهر فبراير 2023 المصادقة النهائية للسيارة الأولى، وأشرفت المقاولة على إطلاق السلسلة الأولية للإنتاج. كما أنها تسعى إلى تدشين هذه الوحدة الصناعية في شهر يونيو المقبل وإطلاق عملية التسويق، دون إغفال أن هناك كفاءات وطنية تشرف على هذا المشروع، الذي يعد إيذانا بميلاد أول علامة سيارات مغربية للعموم، ويعتمد بالأساس على منظومة محلية لتجهيز سيارات يطورها المغرب.
وفيما يرتبط بالنموذج الأولي لسيارة الهيدروجين لشركة “نامكس”، فقد صمم بشراكة مع المكتب الإيطالي المرموق للتصميم والمتخصص في هياكل السيارات (بينينغارينا)، بينما تم إبداع المظهر الداخلي للسيارة من قبل كفاءات مغربية خالصة. وسيعمل على تزويد مركبة الهيدروجين النفعية بالهيدروجين عبر خزان مركزي سيعزز بست كبسولات قابلة للإزالة، مما سيؤدي إلى تأمين قدرة مهمة للبطارية وتسهيل شحن الهيدروجين في دقائق جد معدودة، ويضع المغرب في قلب الدينامية المتجددة والرامية إلى تطوير أشكال حديثة للنقل، تجمع بين النجاعة واحترام البيئة.
إنه على الرغم من وجود عديد النقائص والاختلالات في ظل فشل الحكومات المتعاقبة في الارتقاء إلى مستوى تطلعات المواطنين والاستجابة لانتظاراتهم، إن على مستوى الإصلاحات الكبرى في التعليم والصحة والقضاء، أو على مستوى مكافحة الفساد والحد من معلات الفقر والبطالة والفوارق الاجتماعية والمجالية، وتفعيل مقتضيات الدستور خاصة ما يرتبط بالحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة، فإن المغرب ما انفك بفضل السياسات الرشيدة لعاهله المفدى وتعليماته السامية، يبصم على عدة قصص من النجاح في مختلف المجالات، ويبرهن على أنه هو كذلك قادر على منافسة البلدان المتقدمة والرائدة في التصنيع وخاصة صناعة السيارات وأرفع العلامات العالمية، لما له من طاقات فكرية شابة ذات خبرات عالية في الخلق والابتكار.