سلطة،،النجوم،،
شحلال محمد
ترتبط النجوم التي ،،نعرفها،،بما توارثناه في ثقافتنا التقليدية،حيث تعتبر مصابيح تكشف بعضا من عتمة الليل،وتساعد الناس على معرفة سبلها،ناهيك عن تحديد الأوقات.
جاء القرءان الكريم ليكرس هذه الاعتبارات مثلما ورد في الاية 16 س: النحل : (وعلامات، وبالنجم هم يهتدون)،ومن ثم ظلت المخلوقات العجيبة مكونا أساسيا من مكونات هذا الكون الغامض، يستمد منها الانسان ما ييسر أمور حياته دون أن يراوده تفكيره في المساس بقدسية هذه المصابيح البعيدة عن متناوله.
اذكر أن أهالينا في البادية ،كانوا قد ابتدعوا لهم قاموسا خاصا حول النجوم،حيث صنفوا معظمها بالتواتر،وأصبحت مرجعا في شؤون حياتهم.
وهكذا،عرف أحد هذه النجوم ب،،اثري نلغرار،،ومهمته الايذان باقتراب موعد الفجر ليستعد الناس للسفر أو الصلاة،
كما سموا مجموعة أخرى متقاربة من النجوم: ،،طرية،،( الثريا)،وأخرى : ،،أبريذ أولوم،،( طريق التبن)…
وكما سلف،فان لكل من هذه النجوم السالفة وغيرها ،أدوارا ودلالات ،توارثها الناس الى عهد قريب ،قبل أن يسقط في أيديهم فجأة،حين ذاع الخبر ،،الصادم،،بوصول الانسان الى القمر !
كان الخبر صاعقا لأهالينا الذين كان معظمهم يقسمون بالنجوم، حين ،،أهينت،،مقدساتهم على يد اقدام،،الكافر،،الذي تجاوز ملكة المشي الى الطيران ،قبل أن يصعد عموديا لزيارة الأجرام السماوية !
لقد ضم كثير من الفقهاء وعلماء الدين التقليديون، صوتهم الى صوت الأهالي فاستنكروا ،،هذه البدعة،،وجزموا بأن هؤلاء الكفار قد تجاوزوا كل الحدود ،حين زعموا غزو الفضاء رغم الاشارة الايحائية الواردة في سورة الرحمان : ( يا معشر الجن والانس ان استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والارض فانفذوا،لا تنفذون الا بسلطان)،وكان سلطان العلم !
لنترك هذا المجال لأهله ،وللعلماء الذين يسفهون بعض قناعاتنا التي طال أمدها يوما بعد يوم،وحسبنا أن نكون ممن ينعمون بثمار العلم دون أن نقر لأهله بفضل : ألا يخجل المتشددون منا، من ركوب الطائرة لأداء مناسك الحج ،ثم لا يترددون في شتم صانعها الكافر ،والدعاء له بالثبور وهو الذي مكنه من تصوير حضوره بالحرمين واطلاع أهله على احواله بالمباشر؟
واذا كانت العقول الغربية قد سمحت بغزو الفضاء وكشف العديد من أسرار الكون،فان ما يحز في النفس،أن جهات ماكرة قد تفطنت مبكرا لخدع الكسب الرخيص فأسبغت صفات النجومية على طينة من الناس بما يكسبها هالة تجعلها نخبة متفردة يلهث الناس وراءها، ويستلهمونها في كل شيء.
لقد اتساع مجال النجومية في حاضرنا،فشمل الفن بكل تمظهراته والرياضة ،لكنه لا يخرج عن محددين أساسيين:
أولهما موضوعي،وهو أن بعض ،،النجوم،،قد شقوا طريقهم ،وحققوا من الانجازات ما لا يتاح لغيرهم،أم ثانيهما فهو مجرد تلفيق اعلامي فرض على العامة بقوة الدعاية التي لا تقاوم،ومن ثم أصبح كثير من النكرات البشرية أسماء لا مفر من شهرتها القسرية !
لا أحد ينكر كم الانتشاء الذي يصنعه بعض لاعبي كرة القدم على سبيل المثال، وهم يبرعون في الأداء مثلما فعل فريقنا الوطني في كأس العالم بقطر،لكن التنافس الدولي والصراعات حول الصناعة الرياضية،يجعل المرء يقف حائرا أمام العروض التي تقدم بسخاء لمعظم،،نجوم،،كرة القدم من اجل الانضمام لفريق من الفرق.
كانت المملكة العربية السعودية وراء استقطاب لاعبين عالميين خلال هذا الموسم، وفي مقدمتهم البرتغالي ،،رونالدو،،مقابل شروط يصعب الالمام بكل تفاصيلها،لكن ما استوقفني اليوم،هو الخبر الذي ورد في أحد المنابر الاعلامية العالمية حول شروط اللاعب البرازيلي،،نايمار،، للانضمام الى فريق سعودي.
وهكذا وبالاضافة الى بنود العقد وما فيها عرض خيالي،فان ،،النجم،،قد اشترط وفق المصدر المذكور ،ان تخصص له سيارات فارهة من اختياره،وأن تؤدي كل نفقات تحركاته واقاماته بالفنادق المصنفة- طبعا- والقائمة مفتوحة.
لا أظن بأن،، النجم،،نايمار،،سيرد له طلب ليعزز صف النجوم الذين سبقوه،لكن المواطن،،البلدي،،مثلي،الذي لا يفقه كثيرا في أمور المستديرة،يسائل نفسه حول مال الأمور في بلاد الاسلام وخاصة منها من يحمل مفاتيح مهبط الوحي،حيث لا يمكن التغاضي عما يحصل في اليمن السعيد الذي ظل يتلقى الضربات الموجعة عبر التاريخ على يد بلاد الحرمين،وماذا لو تخلت الجامعة السعودية عن صفقة،،نايمار،،لصالح الشعب السوداني الذي يعاني الويلات ؟
أليس في توصيف،، النجومية،،ما يتعارض مع عقيدة المسلمين حيث ان الانسان في الأرض،ملزم بأن يدع ما في السماء مما يجهل لشأنه ولا يؤتيه مخلوقا زائلا؟
تلك اسئلة من ضمن أخرى يبثها شخص تحت وقع تداعيات بوادر الشيخوخة وما يرافقها من هذيان،فلله الامر من قبل ومن بعد….