هكذا تسقط من جريدة “الإنسانية” انسانيتها، ليحل محلها شيطان اخرص
عبد المجيد زياش
دخلت جريدة “الإنسانية” ،لسان حال الحزب الشيوعي الفرنسي مرحلة جديدة ،من عدائها المكشوف للقضية الوطنية والوحدة الترابية المغربية ، بدعمها لأطروحات الجمهورية الصحراوية الوهمية، صنيعة عسكر الجزائر في تندوف ،ذلك انها خصصت ،في معرضها الاحتفالي السنوي ،المقام في مدينة ايسون ،جنوب باريس ،في الأسبوع المنصرم، ثلاثة أروقة للقيام بالدعاية المعادية للمغرب وتهديد مصالح البلدان والشركات التي تربطها علاقات اقتصادية وتجارية وتتخذ من الصحراء المغربية والمحيط الأطلسي مجالات جغرافية لنشاطها .
ويأتي هذا الانزلاق الخطير ، في توجه جريدة حزب يساري ،من المفروض ان يرتبط فكره السياسي ونضاله بالتحليل الواقعي للظروف ،وبالمفاهيم التي تعتمد الديمقراطية اسلوبا في التعامل والممارسة ونصرة القضايا العادلة للشعوب ،خصوصا لما يتعلق الأمر بالقضايا الدولية الشائكة والمرتبطتة بفترة صراع المعسكرين الشرقي والغربي، بعدما اقرت إدارة “الإنسانية ” الجديدة ، بعدم استدعاء جريدتي “البيان “وبيان اليوم ” لهذا الإحتفال السنوي ،على عكس ما جرت به العادة على عشرات السنين ، حيث أن لساني حزب التقدم والإشتراكية ،بالعربية والفرنسية، كانتا تساهمان في الحفل ، تعرض موادها و تنظم نقاشات وتدافع عن مغربية الصحراء وعن مصالح الوطن ، وتفضح أكاذيب البوليساريو والجزائر على حد سواء وتنور الوفود من مختلف البلدان التي تزور المعرض ، وهو الحال الذي املى على قيادة حزب التقدم والاشتراكية بأن تعبر في بلاغ لها قبل اسابيع من انطلاق احتفال “الإنسانية “،عن قرار عدم المشاركة فيه، وهو القرار الذي كان فاصلا ،في حضور مناضلي الحزب بفرنسا في هذا الحفل والمشاركة في جوانب من مظاهره من عدمه، إلى حين ان تستدرك إدارة “الإنسانية” أخطائه وتضع حدا لإنحيازها لأطروحات الإنفصال.
ويبدو ان عسكر الجزائر بتخطيط من فرنسا العميقة فعلوا فعلتهم في إدارة جريدة الحزب الشيوعي الفرنسي ، فأزالوا عنها اللثام ، لتصطف واضحة في قلاع خدمة المصالح الاستراتيجية لفرنسا الرسمية وللجزائر تلقي بعباءتها اليسارية جانبا لتأجيج الصراع الإقليمي في المنطقة المغاربية والذي لا محالة ستكون له انعكاسات وخيمة حتى على فرنسا بنفسها ،باعتبار عدد المغاربة وعدد الجزائر ين الذين يقطنون ويشتغلون فيها.
ان المغاربة في فرنسا ، يدركون اليوم ، أبعاد هذا التغلغل والنفوذ لاطروحات الإنفصال ومحابات عسكر الجزائر ،في الكثير من الأوساط السياسية الفرنسية ،والذي تعود أسبابه ليس لطبيعة الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعسكري للمغرب ولدوره الايجابي في الساحة الدولية وفي النزاعات ، بل لإلتقاء النزعة الإستعمارية الدفينة لفرنسا العميقة بالنزعة الهيمنية وعقلية الإستعلاء والعصبية لجنرالات الجزائر لإبقاء المنطقة المغاربية والساحل تحت نفوذها وسيطرتها في صورة أخرى من الإستعمار الممدد والممتد، وهم اليوم ، مطالبون، اكثر من أي وقت مضى ، رص صفوفهم لتشكيل جبهة موحدة للدفاع عن بلدهم ، وصحرائه ، وعن مصالحه ،بوطنية عالية صادقة ، في تناغم مستمر وقوي بين كل فصائل القوى السياسية المغربية الوطنية والديمقراطية ، بتنوير الرأي العام الفرنسي والدولي باستغلال مثل هذا المناسبات وتنظيم أخرى في عواصم بأروبا وتوجيه دعوة صريحة لعدم الالتحاق بالأحزاب التي تقف ضد مغربية الصحراء.
هكذا تسقط من جريدة “الإنسانية” انسانيتها، ليحل محلها شيطان اخرص ينسج شبهات كثيرة، وتعاكس ما اسسه لها صاحبها الأول، “جان جوريس”،