صوت المغرب بنيو يورك
محمد شحلال
تمتد التجربة الدبلوماسية للمغرب الى عصور قديمة، تفرغ أحد رجالات هذا الوطن ،للم شتاتها عبر سلسلة من المجلدات التي تحمل عنوان : ،،التاريخ الدبلوماسي للمغرب،،وكان صاحب هذا الانجاز الثمين،هو الدكتور : عبد الهادي التازي،تغمده الله بواسع رحمته.
لن يتسع المجال لتفصيل ما ورد في هذه المجلدات الضخمة التي استنزفت قوى الرجل ،في البحث والتنقل عبر عواصم العالم قصد التوثيق،لكن حالة واحدة ربما جرت المهتم لقراءة ما استطاع من هذا الكنز الذي يشرف بلادنا،ويتعلق الأمر بالسفير،،ابن عائشة،،الذي بزغ نجمه في عهد المولى اسماعيل
الذي أعجب بانجازاته في اطار حروب القرصنة ،فعينه سفيرا لدى،،لويس الرابع عشر.
لقد استطاع السفير ابن عائشة أن يشرف بلده عبر توسيع اشعاعه في القرن السابع عشر، وهو ما مكن بلادنا من أن تكون من الدول العريقة في المعاملات الدولية التي تمكنت خلالها من نسج علاقات مع الامبراطوريتين الفرنسية والانجليزية، تترجمها الوثائق المتبادلة بين سلاطين المغرب وحكام العديد من الدول الغربية.
تحية لروح الباحث التاريخي المرحوم د.عبد الهادي التازي،ولروح السفير ابن عائشة ومن ثم لكل خدام هذا الوطن الذي تمتد جذوره في عمق التاريخ،والذي ما فتىء ينجب رجالا استثنائيين في الدفاع عن شرفه.
ولعل كل المغاربة مشدودون هذه الأيام الى ما يجري من مرافعات دبلوماسية بين السيد عمر هلال، ممثل المغرب بالأمم المتحدة و،،خصمه،،الجزائري حول قضية وحدتنا الترابية.
لقد أبان سفير المغرب الدائم بالمحفل الأممي، عن حنكة دبلوماسية متميزة خلال فترة انتدابه لهذه المهمة،لكن ما جرى في الساعات الأخيرة، وفي الاجتماع السنوي للهيئة الأممية،قد جعل أنظار العالم تتوجه مرة أخرى للسيد عمر هلال ،وهو يفكك بهدوء كل ما ورد في مرافعة ممثل الجزائر عبر المقارعة بالحجج الدامغة والتسفيه المبني على المام عميق وشامل بملف وحدتنا الترابية والقوانين الدولية ،ناهيك عن قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن.
ان من يتابع ردود السفير
المغربي ليشعر بالفخر،وهو يستمتع بأسلوب هذا الرجل الهادىء- ابن الجنوب- الذي تمكن من افحام خصمه و،،بهدلته،، مع دولته أمام أنظار العالم.
ربما ليس من المبالغة القول بأن هذه الدورة، كانت بمثابة رصاصة رحمة للنظام الجزائري الذي تمت تعريته بشكل مفصل لم يسبق له مثيل،ولم يكن من الصعب قراءة استناتاجات ممثلي الدول وهم يتابعون سقوط أوراق،،التوت،،التي ظل نظام العسكر يتسر بها ،الى أن جاءت لحظة الحقيقة التي سيكون لها ما بعدها دون شك عند صدور التقرير السنوي للأمين العام للأمم المتحدة خلال الشهر القادم.
ومن سوء طالع النظام العسكري،أن مرافعة السفير المغربي التاريخية قد تلتها هزيمة نكراء أخرى أمس لهذا النظام، حين أسند للمغرب و-بالاجماع- شرف تنظيم كأس أفريقيا للأمم سنة ٢٠٢٥،لينضاف كل ذلك الى سلسلة هزائم متوالية حصدتها دولة،،العسكر: الفشل في الانضمام لمنظمة،،البريكس،والوساطة بين روسيا وأكرانيا،ثم النيجر وقبلها الفشل الكروي وغيره من الخيبات التي راكمها بلد السوء.
لقد تحمل المغرب أكثر مما يطاق وهو يحاول عدم الانجرار نحو صراع دموي،معتمدا سياسة التعايش السلمي والشرعية الدولية،فحان الوقت ليجني ثمار الصبر.
رحم الله الملك الحسن الثاني الذي أجاب صحفيا أجنبيا ذات يوم حول نتائج سياسة المغرب،فقال :
السياسة كالفلاحة،تزرع وتنتظر الغلة التي قد يطول زمن نضجها. .
برافو سي عمر ولا فض فوك….