حرقة الاحباط
محمد شحلال
لعل كل الضمائر الحية عبر العالم، ينتابها في هذه الأيام شعور بألم فظيع، وهي تتابع جرائم اسرائيل في حق الغزاويين بصفة خاصة،بل ان ما يعمق هذا الألم هو مباركة الغرب المنافق بزعامة أمريكا لما ترتكبه الالة العسكرية من تقتيل همجي وخراب في الأرض.
لقد تناسى الغرب نكبة 1948 التي كان وراءها،وتجاهل منذئذ كل القرارات الأممية الداعية الى حل القضية الفلسطينية، ليلصق تهمة الارهاب بفصيل فلسطيني ،سئم الحياة في سجن يدعى غزة التي تحطمت فيها كل الأرقام القياسية من حيث الكثافة السمانية،مما أجبره على خوض معركة موجعة لكنها غير متكافئة ربما كان الهدف الرئيسي منها منها،هو اعادة القضية الفلسطينية الى الواجهة بعدما أوشكت اتفاقيات ،،أبراهام،،على تأمين الوجود الاسرائلي،وادماجه في الوطن العربي.
لم يخرج الامام يومه الجمعة عن التضامن العاطفي مع أهل غزة التي جعلها موضوع خطبته،حيث لم يتردد في انتقاد الحكام العرب والمسلمين بسبب تقصيرهم في مناصرة اخوانهم،بل ان الأمر وصل به حد اتهام البعض بالخيانة ومسايرة الغرب في تهمه المجانية لحركة،،حماس،، !
تتبعت خطبة الامام الطافحة بالغضب والدعوة الى تأجيج مشاعر التضامن ،وهو ما يعتبر واجبا دينيا وأخلاقيا لا يجادل فيه عاقل.
وبقدر ما تفهمت غضبة الامام،،المضرية،،بقدر ما أشفقت لاندفاعنا في العالم العربي خاصة،حيث نطلق العنان للعواطف في الوقت الذي كان ينبغي الاحتكام الى العقل وقراءة الواقع الذي لا يرتفع.
ان اتهام الحكام العرب بالتخاذل قد صار مبررا جاهزا كلما تحزبت بنا الأمور،لكن لا أحد يقبل أن يتعمق في الحقائق الموجودة في الميدان.
لقد أنفقت معظم الدول العربية أموالا قارونية لاقتناء مختلف الأسلحة،لكنها أسلحة يمكن استخدامها ضد أي كان ماعدا اسرائيل التي تعتبر محمية غربية قد يضحي الغرب ببقية العالم من أجل بقائها،وهو ما تأكد بالملموس بمجرد شرارة ،،طوفان الأقصى،،!
ولهذه الأسباب،تخيلت مئات الطائرات الثمينة الرابضة في قواعد العديد من الدول العربية ، تهب دفعة واحدة ومن كل الجهات، لتنقض على الكيان المحتل،لكني تذكرت الشرط الذي لا مفر منه : اقتتلوا فيما بينكم واستخدموا ما شئتم من أسلحة لاذلال بعضكم البعض،لكن حذار من مغبة التفكير في الرد على العدوان الاسرائيلي على مدى أزيد من سبعين سنة.
كان الله في عون الحكام العرب،فهم في الواقع يعيشون أحلك أيامهم كلما وقع عدوان همجي على الفلسطينيين،حيث يسمعون نبض شعوبهم،لكنهم لا يستطيعون تجاوز سقف التنديد والدعوة الى احترام ،،الشرعية الدولية،،التي لا يتمسك بها الا المستضعفون.
وبمقارنة بسيطة،يتضح الفرق بين العرب والايرانيين،ذلك أن هؤلاء قد تجاوزوا مرحلة التواكل وصاروا يصنعون اسلحتهم بأيديهم، مما خلصهم من وصاية الغرب،بل ان كل تهديدات أمريكا ودول الغرب لهذه الدولة منذ سنين،لم تتجاوز الحرب الكلامية،بينما يسلط سيف،،ديموقليس،،على العرب عند اول محاولة للخروج عن الطوق !
نحيي مشاعرك الاسلامية أيها الامام وأنت تعري ما يقع للغزاويين،لكن ما باليد حيلة،فكل الدول العربية مقيدة بقيود طويلة المدى،وأهمها اتفاقيات السلام التي وقعها جلهم ليظل هذا السلام سرابا،بينما تتزايد الأطماع التوسعية لحكام اسرائيل.
نرجو لسكان غزة صمود الجبارين ،لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ،ونسأل الله أن يعقب هذه المعركة تحول ايجابي في المنطق الدولي بعدما تفطنت شعوب الغرب لسياسة حكامها الانتهازية،وتلاعبها بمبادىء الحرية وحقوق الانسان التي ادرك الجميع الان بأنها ورقة ظلت تخرس دول الجنوب فانكشف القناع فجأة وبمناسبة ردود الأفعال حول ما يجري بغزة.
لفرنسا أن تخجل وهي تستهتر بتراث،،مونتيسكيو وجان جاك روسو،،وتدرك بأنها قد خدشت صورة بلاد الأنوار مثلها مثل بريطانيا،،العظمى،،وبلاد العم ،،سام،، التي أبانت عن تجاهلها لمشاعر العرب والمسلمين ضدا على القوانين الدولية وحقوق الشعوب في التحرر والانعتاق.
هناك أمر مؤكد،وهو أن تغيرا ما سيحدث بعد أن تضع الحرب أوزارها،ونأمل خيرا ان شاء الله.