مقذوفات غريبة في سماء غزة
رمضان مصباح
قارة جديدة:
في خرائط الذعر ،حيث تُرَكَّعُ العمارة والحجارة بحثا عن الانسان الفلسطيني ،الذي سولت له نفسه أن يولد قبل التوراة ،وأقسم ألا يتيه أربعين عاما في خلاء الصحراء،وألا يُسبى سبيا الى فارس؛ في هذه المساحات التي يذبح فيها التاريخ ،من النهر الى البحر ،تتشكل قارة أخرى عنوانها الحقد وراياتها من حروف الشر ؛كما استوى ناضجا قويا بعد عصور من المخاض.
الانتماء الى الطفولة:
في قارة الحقد لابد أن تنتمي،اما الى من وُلد قبل التوراة، أو الى قتلة الأنبياء ؛ولا أخطر من الانتماء الى الطفولة فقط .
الطفولة عصية على التصنيف ،ومن هنا خطورتها في القارة الجديدة ،التي دستورها الابداع في الشر .
لم يبق سوى قتل هذه الطفولة ،حتى لاتُباغِتَ ساسةَ الشر برفض الجنسيتين معا.
لاهي اسرائيلية تتمثل الشر جينيا،ولاهي فلسطينية ،عدوة،مستباحة الدم .
ألغام مضادة للأرحام:
في قارة الشر الجديدة ،تفجير رحم امرأة يَفضُل صلاةً في هيكل سليمان ،وهو قائم يسبح.
ويفضُل قتل قسامي مفتول الطول ،شاكي العضلات .
المرأة شعب كامل ،والنساء شعوب ؛فاختر من ألغام الأرحام أفتكها.
هكذا تُنحت التعليمات ،قبل أن تولول بها الطائرات في عنان السماء.
الجيش الأبيض:
في مسكوكات قتلة الأنبياء – حتى لا يعم النور- ماهو من أخواته:
قتل الجهاز الطبي ،وتعطيل عجلاته ومستعجلاته،حتى لانحتاج غدا الى تفجير من فجرناه ،وجرح من جرحناه وتعافى.
قتل الطبيب خفيف على الذخيرة ،ثقيل في ميزان الابادة التامة الأركان ؛حتى لا يظهر حي من الركام.
فقءُ العين وقطع اللسان:
في الدستور ،المُبخر بروث العِجل ،اله الأسلاف،بعد الانقلاب على اله موسى؛ لامكان لمن يفتل حروف الحقيقة للعالم.
الصحافة رجس معلن ،يفتك بسرية العمل ،وخبث النية في قارة الحقد.
قتل الصحفي اطفاء لنور المدينة ،حتى تتحرك الآليات على هواها ؛لاتشهد عليها غير القطط التائهة عن ذويها.
تذكروا دائما ،معشر جنودنا ،أن “شيرين أبوعاقلة” كانت أبلغ فتكا بنا من كتيبة عسكرية.
أعيدو قتلها بقتل سلالتها القنفذية ؛حيثما ثقفتموها.
للمحرقة عرق دساس:
من نجا من محارق النازية ،لم يعد يؤمن بغير الحرق لابادة ذوي الحق في الحياة ؛وأخطر من هذا أنه يعرف أن المحروق اليوم هو المُحرِّق في المستقبل .
يا فتية قارة الشر أحسنوا الحرق ،حتى لا يظهر من يحرقكم في المستقبل.
اذا كان المعمار المدمر سيعاد بناؤه ،فاحرصوا على ألا يظهر به ساكن .
من لم تكفه أخبار المحرقة نحيله على أخبار “خَيْبر”.
أصدقاؤنا العرب:
نوافق العالم الرأي: هي صداقة غريبة حقا ؛لكنها في قارتنا الجديدة غير مستغربة.
فكما أن المعادن تختبر وتصهر بالنار فكذلك هذه الصداقة “المستحيلة” ،التي جعلنا جدَّنا ابراهيم يؤذن بها.
لابد أن نأكل من لحمهم ،لحملهم على الصبر القاسي الذي نريد.
لابد من حرقهم حرقا ،لنختبر صلابة معدنهم ،ونثق أنهم منا ونحن منهم.
الضرب على البارد لايفيد أحدا منا.
نعبر ويعبرون في كلام عابر ؛كما تنبأ شاعرهم.
ألم يُختبر ابراهيم بالنار ؟.
فلنختبرهم بها.
أما الشعوب المنفلتة اليوم ،فتلك حكاية أخرى.
جيش الاختلال:
دعوهم ينعتونكم بالمحتلين ،فهذا أخف وطأة من معرفة حقيقتكم.
أنتم جيش الاختلال ،الذي يضع نصب عينية ،ليس أرضا يحتلها،بل عالَما يُحدث فيه ما يكفي من الاختلال ؛حتى يخضع لقارة الشر ودستورها “الزكي الرائحة”.
خلخلوا القيم ،المسلمات،التاريخ ،الديانات،العولمة،وكل مايحبل به الحاضر ،صادقا أو كاذبا.
لو جُمع همنا في فلسطين ،والفلسطينيين ، لكان شربة حليب لذيذة .
لن تُركعوا العالم بنفس معتقداته و قيمه وقوته ؛وحده من يشذ عن كل هذا سيملك المستقبل.
أزيلوا بسرعة اشواك غزة من طريقكم وانطلقوا الى المستقبل الذي وعدتم.