في غزة لا تسلم على أحد
رمضان مصباح
خطأ العالم أقوى من صحيح الفلسطينيين:
لندع جانبا كون القتل ،ردما أو رصاصا،قد يسبق لفظ “السلام عليكم” ؛فلا يسمعك من “ارتقى “، لحظة سلامك ، كما فُرض على الغزيين أن يقولوا؛وكأن الحق في حياة أرضية آمنة وسعيدة،يقع دون العروج الى السماء.
ارتَقِ لتثبت لك المواطنة الغزية ؛وهي لاتعني بالضرورة المواطنة الفلسطينية؛التي رسمها التاريخ ،والأمم المتحدة،والفرقاء العرب و الدوليون الفاعلون ؛الساعون الى اقامة الدولة الفلسطينية ،وان على شطر فقط من خرائطها ،التي لازمتها عبر القرون ؛في الوقت الذي غادرتها قبائل و جحافل اليهود؛منهزمة ومقتنعة – الى اليوم – أنها مجرد شتات مغضوب عليه من طرف “يهوا” الى يوم البعث.
لندع هذا جانبا ونتوقف عند العيون الحمراء ،التي ما احمرت إلا وهي تسمعك تسلم :
أي خائن هذا للقضية ؟كيف يُسبل أردية السلام ،هنا والآن؛والأوانُ أوان الشد ،والرماح نواهلٌ من الدم الغزي الحماسي المجاهد؟
مرة أخرى قد لا يرتد اليك طرفك إلا وأنت مُجندل في دمك ؛وقد استبيح في طرفة عين ؛رغم سلسلة أجدادك وعنعنات التاريخ ،الشاهدة على أن خلايا دمك من حروف فلسطين ،الأزلية والحالية.
فجأة صرت برداء صهيوني ،ومن القوة الرديفة للصهيونية ؛الداعية الى السلام ؛لتضعف المقاومة الباطنية ،في جوف غزة.
صرت من أهل الظاهر ،الأشد مقتا للإمام الغائب في أحشاء غزة .
وحتى لو حملت الشمس على كتفك ،حتى يروا حقيقة كونك غزيا فلسطينيا ،مؤمنا بقضيته –وقضية العالم – فلن يروك لأن ظلام الباطن أرخى سدوله على شمس الحقيقة ،حقيقتك.
ألم أقل لك :في غزة لا تسلم على أحد؟
وقد تسمع وأنت تكرر زلتك:
يا هذا ،أسلامٌ أم شماتة؟
كيف تسلم وقد انهارت علينا السماء ،بنجومها وصواعقها وفواتكها المزلزلة؟
هذه الأرض ترتج تحت أقدامنا ،وكأنها تتشبث بنا ،حتى لا تغور؛يا ويح الغريق يتمسك بغريق مثله.
كل هذا وأنت هادئ،مطمئن ومسلم..من أين لك كل هذه الشماتة؟
من أين لك هذا القاموس الساخر ،وما في خزائننا غير دواوين الحماسة،الزحف،الاستشهاد،الارتقاء،البسملة،الحوقلة،وتكبير تكبير ؛حتى لا يضعف أحد ،وحتى لا تبكي حتى الأم فلذة كبدها ؟
“السلام عليكم” يا بئس القول والقائل ..اذهب الى “رام الله” وقلها ؛فكلهم آذان لسلامك ،وسيردون عليك بأحسن منه.
دونك قنوات أهل الظاهر ،فقلها “بالفم المليان” ؛لا أحد سينكر عليك قواميس السلام وما حوت من تقييدات وحواشي التطبيع ،التي ستطبع وترقمن ،وتبعث الى المريخ ،في أقرب فرصة حتى لا يرتد عنها أحد .
لا تتعجب أيها المُسلِّم في غزة ،اليوم،من كل هذا الكلام الثقيل ؛وأنت ما قصدت سوى السلام على صاحبك أو صاحبتك ؛أو مجرد عابر سبيل صوب رفح .
أما زلت تصر على السلام؟
أنت يا من قرأت ،وصدقت:
“تحيتُهم يوم يلقونَه سلامٌ وأعدَّ لهم أجرا كريما” الأحزاب44.
ونعم بالله ،وبالتحية التي اختارها لآخرتنا ،حين نقف أمام الحق،ننظر اليه ؛تأكيدا منه تعالى على أنها أيضا التحية الأرضية الفضلى بين المؤمنين وسائر الناس.
أليس السلام من أسماء الله الحسنى؟
ورغم هذا يقتلونك في غزة اليوم ،ان ارتكبت زلة السلام ؛كم تبدلت الأحوال ،حينما صار هناك أهل الباطن وأهل الظاهر.
غزة تحت الأرض ،وما فوقها رعاعٌ توقد لهم كل النيران ،ويُشوَون شيا ،ان هتفوا بالسلام.
يا أهل الباطن ،اخرجوا الى ظاهرها ،الى نور الشمس ،حتى نراكم وما تفعلون ،وما تعبدون .
اخرجوا للمباهلة ،حتى نعرف كم من فلسطين ،في خريطة فلسطين العربية الأزلية.
تكلموا تحت نورها ليراكم ويسمعكم العالم؛فإنكم حتى وان حصلت معجزة انتصاركم فلن تعيشوا إلا في هدا العالم ،بكل مؤسساته؛وبكل أخطائه .
ما عاش أجدادنا إلا ظاهريين ،وما نكصوا وما تاهوا و ما فروا الى الباطن ؛أئمةً يُدعى لهم بفك الأسر.
شالوم:
بدورها غير مقبولة في غزة اليوم.
يجيبك الصهيوني ،المجاهد بدوره من أجل التيه الفلسطيني القادم ،في سيناء،نكاية في (يهوا) الذي شتت الأسلاف في أرجائها ،وتيههم أربعين عاما:
لاشالوم بعد السابع من شتنبر.
ويردف لعلك كنت من المغيرين على غلاف غزة ،ولعل في منزلك رهينة من الرهائن.
ولعلها الآن ضمن حريمك. لو لم يكن منزلك قائما و آمنا ما شلمت (بالشين).
أنت هادئ في سلامك ،غير منفعل ولا آبه بهذا الرتل خلفي،ولا بحمم السماء ؛لعلك قيادي سنواري .
كيف ترد على هدا الصهيوني الرافض لشالومك؟
هل يكفي أن تخبره بأنك من أهل الظاهر ،ولا معرفة لك بالباطن ؛لم تلتق لا بالسنوار ولا بهنية ،ولم يسبق لك أن رأيت حتى قطط كتائب القسام؟
هل تحاججه بحفظك لآيات السلام كلها ،في القرأن والتوراة والإنجيل ؟
وهل سيصدقك بأن جد جدودك لم تكن له يد في تيه أجداده أربعين عاما.؟
هل سيصدقك بكون سلسلة أجدادك تخلو من المغيرين على بني قريظة؛لأنهم مابرحوا فلسطين؟
ولن يقبل منك أن تدعي أنك مجرد فلسطيني ،يطمح ،تحت الشمس ،الى العيش بسلام وكرامة في أرض أجداده ؛مهما يكن الجار الذي سيفرض عليه ؛لأن خطأ العالم أقوى من صحيح الفلسطينيين.
ألم أقل لك لا تسلم على أحد في غزة؟