سيدي لحسن …..من حديث الصورة
محمد شحلال
لا تفصلنا عن شهر مارس الا أيام معدودة،لكن بشائر ،،النيروز،،ليست في الموعد لحد الان .
في كثير من ربوع بلادنا،تسود صورة القتامة المرفقة التي التقطتها قبل لحظات بمسقط الرأس،حيث لم يسبق للأرض أن اتشحت بالكابة في مثل هذا الوقت من السنة.
ليس هناك أثر لنبات جديد يستعد للخروج،بقدر ما يموت الغطاء النباتي بفظاعة لا تطاق،الى درجة ان نبات الحلفاء المعروف بمقاومته،قد استسلم لقسوة الجفاف لينضم الى قائمة ضحايا التقلبات المناخية المهولة.
قبل أيام،توجهت نحو معقل،،بني وجكل،،حيث كانت الطبيعة تتباهى في الماضي بغناها ومفاتنها،فلم أجد الا أثارة من ثروة أتى عليها الانسان قبل أن يجهز عليها الزمان.
كنت ورفاقي نبحث عن شجر القطلب( ساسنو) لعلنا نظفر بشتلات ننقذ بها هذا الشجر من الانقراض،وكانت المفاجأة صادمة، ذلك أن الناس قد اختاروا هذا الشجر للاحتطاب زاهدين في شجر البلوط وغيره مما اعتادت الساكنة استخدامه في التدفئة والطهو.
وجدنا معظم أشجار القطلب حية،لكنها مهددة بالزوال في كل لحظة بعدما تبنى الانسان في ايامنا ،،سياسة الأرض الخراب،،وكأني به يستلهم رائعة،،طوماس اليوت،،: الأرض اليباب ليقوم بدوره في ممارسة التخريب !
في طريق عودتنا ونحن نتألم لحال جبال،،اعوام،، الماضية نحو التعري القسري،صادفنا ذئبا ضخما وقد هلك بعد تناوله لفريسة مسمومة وضعها الرعاة في طريقه كما صار مألوفا في السنوات الأخيرة، ليختل بذلك التوازن الايكولوجي الذي لم تتأخر تبعاته.
لا يختلف الحال في سوق البلدة الأسبوعي الذي ينعقد يوم الخميس،حيث اختفت اللحوم اللذيذة التي كان يتهافت عليها العارفون من كل مكان،وسيعيش الناس مزيدا من الندرة لتناقص القطيع المهول وعجز المربين عن مسايرة قوة السوق.
ولعل ما أثار اهتمامنا ونحن نذرع شعاب منطقة،،اعوام،،هو السكون السائد،حيث لم نصادف عصفورا واحدا ولا حشرات رغم أن موعد الخروج الى الحياة قد حل مع منزلة،،سعد الخبية،،التي قيل عنها : فيها تخرج كل حية !
عدت من السوق بعد تناول شاي فقد طعمه في هذه الأجواء الثقيلة لأجد الكلب،،سيبو ،، في انتظاري كالعادة بعدما صار يميز سيارتي عن غيرها فلا يخدشها مثلما تعود أن يصنع مع الغرباء !
لقد عرف علاقتي بأهل البيت،فسارع الى ملاقاتي وكانه ينتظر هدية السوق التي كنا ننتظرها ذات زمان ونحن نميز بين نهيق الحمير التي تنقل اهالينا لينفحونا بحبات من ،، حلوى فليو،،أو نصيب من خبز،،المرحوم البقال،،الذي كان يسيل لها لعاب الصغار والكبار.
مازلنا نشرئب الى السماء كل يوم، سائلين المولى عز وجل أن ينزل علينا غيثا يغسل الأرض والقلوب ،ويعيد الحياة الى هذه الأحراش التي لا يخفى أنينها وقد عجزت عن اطعام من على أديمها ، كما اشتقنا الى الحلة التي كانت تتزين بها في مثل هذه الأيام من السنة.