تفاصيل الاختراع المدهش الذي يدعى الأروباز @ …والذي لم يستمر التفكير فيه سوى 30 ثانية
عزيز باكوش
دعوني في البداية أحبتي أروي لكم تفاصيل اختراع مدهش يدعى الأروباز @ لم يستمر التفكير فيه سوى 30 ثانية وربما أقل من ذلك . برهة زمنية كانت كافية لرسم نقطة تحول حقيقية ليس في أذهان ملايير البشر فوق الكرة الأرضية حسب ،وإنما في فكر الإنسان وفي آلية اشتغاله بإطلاق .في واحدة من أقوى التأثيرات المجتمعية على مر العصور والأزمان .
30 ثانية كانت كافية وحاسمة في بلورة وتعبيد طريق سيار للتواصل الاجتماعي بين البشرية،@ طراز جديد مستقيم ناقل للأفكار والرساميل والإيديولوجيات بعلامات بارزة وسرعة قصوى وجاهزية وأمان حقيقي بالغ الدهشة ومذهل للغاية .
إنها @قصة تطور وإبهار اتصال وتواصل إنصات عميق للوجدان طفرة أكثر نجاعة وفاعلية للتثاقف بين أجناس البشر وعبر القارات 30 ثانية غيرت مجرى التاريخ خصبت مسلكيات التواصل بين الإنسان وملكوت الله وخلقه .
بعد أن استكملت خدمة البريد الكتروني عامها 52 بحلول2024. سأروي تفاصيل قصة نجاح باهر و يرجع الفضل في لاختراع البريد الالكتروني لمواطن أمريكي يدعى: راي توميلسون”ray tomlinson الموظف في وزارة الدفاع الأمريكية. هذا الرجل الذي يستحق لقب رجل القرن بامتياز. بل رجل كل القرون لكن لنتوقف قليلا هنا.
لقد كان كل من الاختراعات الثلاث التي رقت بالإنسان وفكره التلغراف والهاتف والاتصال اللاسلكي ثورة في عالم الاتصال، وصنع كل اختراع لبلده وصاحبه مجداً يستحقه , وخلد اسمه في كتب التاريخ، إلا رابع هؤلاء المخترعين ” راي توميلسون” الذي تفوق عليه اختراعه شهرة، ما زال مخترع البريد الالكتروني وواضع أسسه مجهولاً يقبع في الظل. كما بقي مجهولا للأكثرية من مستخدمي الانترنت، الطريقة التي اخترع بها اختراعه الباهر.
انه يعيش حياة عادية موظفاً في شركة أمريكية منذ عقود دون أدنى محاولة لتعريف العالم بأنه أحد رجال التاريخ، فتوملينسون فخور بما اخترعه، وهذا يكفيه.
” تخرج راي توملينسون في العام 1965 في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا، وهو واحد من أشهر المراكز العلمية في العالم، وعمل بعد ذلك ضمن فريق شركة “بي بي أن” في ولاية ماساشوستس الأمريكية. ومنذ ذلك التاريخ والأحداث تبدو وكأنهارتبت نفسها بحيث تقوده إلى إحدى المصادفات التاريخية الاستثنائية. وهذا ما حدث حقاً، إذ قادت هذه المصادفات توملينسون نحو اختراعه الذي لم يكن مطلقاً ضمن جدول أعماله، وذلك بعكس بقية اختراعاته، التي كانت تخضع للدراسات المسبقة، وكان يقوم بها إما عن سابق إصرار، أو بطلب من الشركة التي يعمل لديها. ”
ففي عام 1971 كانت البداية وحسب تقرير للبي بي سي بينما كان راي توميلسون يقوم بانجاز عمل تقني مستعملا برنامجا خاصا لإرسال واستقبال البريد على الأجهزة الشخصية.وكان لحظتئذ يعمل على جهاز حاسوب بلوحة مفاتيح من نوع model33 , الجيل الأول والتي كانت لا تحمل إلا 12 علامة ترميز , الأمر الذي أرغم توميلسون لاستخدام علامة @ لفصل اسم المستخدم, عن الحاسوب. وكانت تكتب في الأصل :at ولم تكن العملية لتستغرق أكثر من 30 ثانية ., لم يتوقع توملينسون أبداً أن يكون لهذا الرمز الذي اختاره الأثر الذي
يبدو عليه الآن، حيث بات حرفاً قائماً بذاته، يستخدم ضمن أسماء الشركات وعلى اللوحات الإعلانية، مثل أي حرف آخر. “لقد استغرق الأمر ما بين 20 و40 ثانية للتفكير”. ما كان يقصده توملينسون هو أن
يوضح المرسل مكان وجوده عند إرسال الرسالة، وليس أكثر. أي أنه يضع الرمز بين اسمه ومكان وجوده، فيتضمن العنوان اسم المرسل ومكان وجوده.
فكان أول عنوان بريدي هو tomlinson@] bbn-tenexa , قبل ظهور النطاقات المتخصصة مثل: كوم ونيت… .أما محتوى الرسالة يضيف نفس المصدر , فقد سال توميلسون عن مضمونها فاجاب :..لا أذكر.,”
” لا أذكر ماهية محتواها” ولكنه يخمن أنها قد تكون qwertyuiop أو testing1-2-3-§ . أي الحروف الأربعة الأولى متتابعة في أعلى لوحة المفاتيح .
وتذكر بعض المصادر ان في شهر يوليو من العام 1982″ أرسل راي توملينسون أول رسالة الكترونية في التاريخ. وقد وصلت الرسالة إلى العنوان الذي أُرسلت إليه على الفور، فقد أرسلها “توميلسون ” لنفسه”. ولا يذكر توملينسون ما كانت تحتويه الرسالة بالضبط، كل ما يذكره أنها كانت تجميعاً لعدد من الأحرف.
والآن وبعد مرور 51سنة على هذا الاختراع هناك الملايير من العناوين الالكترونية تجوب العالم كل دقيقة ثانية. تحمل المشاريع والأفكار الرائعة كما تحمل الحروب المدمرة والقرارات الجائرة .فإذا كان أديسون الفرنسي قد أضاء العالم باختراعه فان توميلسون قد أنار وجدان الكون وفك العزلة عن قلوب ساكنة الأرض , وسهل تداول الأفكار والآراء والرساميل والإيديولوجيات..
لا شك أن البريد الالكتروني المرتبط بتلك @ هو أكثر وسائل الاتصال الحديثة انتشاراً وفاعلية في عالمنا الحالي، ومع ذلك فان الكثير مما سألناهم من الزملاء والأساتذة لا يعلمون شيئا ً عن قصة البداية، وعن ” راي توميلسون” هذا المبتكر الفذ الذي وهب البشرية اختراعه المدهش , وساهم بوسيلته الرائعة. في القفز بعقل البشر , وشكل اختراعه تقدما ملموسا سنوات ضوئية في مسار تطورالبشرية .
وبالنظر إلى كرونولوجيا الابتكارات العلمية والتي شكل الغرب مجراها ومرساها, ثمة ثلاث من وسائل الاتصال غيرت أساليب التخاطب والاتصال بين بني البشر في أرجاء المعمورة كافة، وصارت تواريخ ابتكارها نقاطاً مضيئة في تاريخ البشرية الحديث، وبات مخترعوها من المشاهير الذين لولاهم، لما بدت الدنيا كما هي اليوم.
في الرابع والعشرين من مايو 1844 أرسل صامويل ب. مورس، مخترع التلغراف، برقية كتب فيها: “ماذا خلق الله!”.وفي العاشر من مارس 1876، اتصل الكسندر جراهام بل، مخترع الهاتف، بأحد مساعديه قائلاً: “سيد واطسون . . تعال، أريدك هنا”.
وفي العام 1895 أرسل الايطالي جولييلمو ماركوني، صوته عبر الهواء مدشناً أحد أعظم مخترعات عصرنا، وأعني به الاتصال اللاسلكي، وعلى الرغم من أنه حرم من تسجيل كلماته الأولى عبر اختراعه , ، فإن ماركوني نال ما لم ينله سابقاه، جراهام بل ومورس من شهرة وتقدير، فقد كرم ماركوني بحصوله على جائزة نوبل للفيزياء عام 1909.فمن يمكنه تصور الحياة الحديثة من دون وسائل الاتصال التي قدمها هؤلاء الثلاثة للبشرية
يجتهد بعض الأفراد في إظهار التفوق , بإنتاج برامج للسرقة والاختراق في حين يتباهى الآخرون بإحداث عشرات العناوين الالكترونية دونما نسيان إحداها
بينما يقف على الجانب من الحدث المثقف في الوطن العربي , شاردا بين هذا وذاك , فمن جهة يجد صعوبة قصوى في التمييز ضمن ثقافة الانترنيت ,بين الموقع الالكتروني , والبريد الالكتروني .
حتى إذا أنت سألته عن عنوان بريده الالكتروني, يجيبك على الفور دوبل في دوبل في دوبل فيwww…نيت. والأكيد انه يقصد @ التوميلسونية..
ومن جهة ثانية يبتعد الكثيرون عن الفكرة من أساسها استنادا إلى اعتقاد وهم أو مقولة دينية زائغة القراءة ضعيفة التأويل ملتوية الذراع.
” ولأن توملينسون لم يسجل البريد الإلكتروني كاختراع باسمه، ويحصل بالتالي على براءة اختراع، كما فعل ويفعل الكثيرون، بات البريد الإلكتروني دون مالك، وانتشر بين كل مستخدمي الإنترنت، وذلك بعكس العدد المحدود الذي كان يستخدم “آربانت” وبقي البريد الإلكتروني اختراعاً من دون مخترع، يستخدمه الملايين حول العالم من خلال استخدامهم لشبكة الإنترنت”
عزيز باكوش