الوزيرة بنعلي والقبلة القنبلة!
اسماعيل الحلوتي
في خضم النقاش العمومي الدائر بين المواطنين خلال الثلث الأخير من شهر ماي 2024، حول ظاهرة غلاء أسعار المحروقات وانعكاسها على أسعار باقي المواد الأساسية والواسعة الاستهلاك، وما عرفته أسعار قنينة غاز البوتان “البوطا” هي الأخرى من زيادة حددت في 2,5 دراهم بالنسبة للقنينة الصغيرة من فئة 3 كيلو غرام و10 دراهم للقنينة الكبيرة من حجم 12 كيلو غرام، ابتداء من يوم الإثنين 20 ماي 2024 بسبب الشروع في رفع الدعم الموجه لقنينات الغاز، فضلا عن أزمة كليات الطب والارتفاع الجنوني في أسعار أضاحي العيد مقارنة مع السنة الماضية لأسباب متعددة…
طفا على سطح الأحداث خبر صادم نزل على رؤوس المغاربة كالصاعقة وكاد يلهيهم عن مشاكلهم وهمومهم الحقيقية، وهي عبارة عن صورة التقطت في إحدى المقاطعات الشهيرة بالعاصمة الفرنسية باريس، توثق ل”قبلة حميمية” كشفت عنها صحيفة أسترالية، يزعم ملتقطها أنها تعود لكل من ليلى بنعلي وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة وبين رجل الأعمال الأسترالي المسمى “أندرو فوريست”، الرئيس المدير العام لمجموعة “فورتيسكيو” الرائدة في مجال الطاقة الخضراء والمعادن والتكنولوجيا، حيث أرفقتها بمقال يلمح إلى وجود علاقة عاطفية بينهما إضافة إلى شبهة تضارب المصالح، ولاسيما أن الوزيرة كانت قد استقبلته ضمن وفد من مجموعته خلال شهر فبراير 2024 بالرباط في سياق محادثات ثنائية.
وهي الصورة/الفضيحة التي تفجرت فجأة وأثارت موجة عارمة من السخط والاستنكار على منصات التواصل الاجتماعي، مما أدى إلى انقسام الشارع المغربي بين مؤيد ومعارض لمثل هذه التصرفات الصادرة عن شخصية عامة، حيث هناك من اعتبر الأمر شأن خاص بالوزيرة يندرج في إطار حياتها الشخصية، فيما يرى البعض الآخر أنه فضيحة سياسية وأخلاقية كبرى تسيء إلى صورة المغرب، وتتعلق كذلك بشكل من أشكال تضارب المصالح الذي يستوجب التدقيق والتحقيق في ملابساته، خاصة أنه سبق لذات الشركة العملاقة “فورتيسكيو” أن فازت بعدة صفقات في المغرب تحت إشراف الوزيرة ليلى بنعلي.
بيد أن ليلى بنعلي وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة المحسوبة على حزب الأصالة والمعاصرة، لم تتأخر في الرد على ما يتم تداوله في الصحف والمنابر الإعلامية الأجنبية والوطنية، حيث أنها سارعت إلى إصدار بيان رسمي يوم الثلاثاء 28 ماي 2024 تنفي فيه صلتها بالصورة المنشورة، والمتداولة على نطاق واسع بين نشطاء الفضاء الأزرق دون التحقق من مدى صحتها، وأن الأمر لا يعدو أن يكون ادعاء باطلا، يريد أصحابه النيل من شخصها والإساءة إليها، مؤكدة في ذات البيان عن التزامها التام بكرم الأخلاق وحسن السلوك ومقومات السمعة الطيبة، وحرصها على مراعاة الشرف والاعتبار والوقار المميز لشخصيتها كامرأة وأم مغربية أصيلة، وكوزيرة مسؤولة في حكومة المملكة المغربية، تدافع عن المصالح العليا للوطن.
ولم تقف الوزير المعنية عند هذا الحد بل إنها شددت على أن “محاولة التشهير التي طالت شخصها من خلال المنشور المذكور ليست هي الأولى من نوعها” موضحة بأنها “شكل من أشكال الانتقام والاستهداف الصادرة عن تجمعات مصالح معينة” وفي ذات الوقت تعهدت ب”اللجوء عند الاقتضاء إلى سلك كافة الإجراءات والمساطر القانونية المتاحة دفاعا عن مصالحها ومصالح الوزارة، ضد كل من سيثبت تورطه أيا كان مركزه، فاعلا أصليا أو مشاركا أو مساهما”.
ثم إنه وقبل حتى أن تعود صحيفة “ذي دايلي تلغراف” في نسختها الأسترالية إلى الكشف عن اعترافات تؤكد وجود علاقة “غرامية” بين الوزيرة المغربية ورجل الأعمال الأسترالي، من خلال ما نقلته يوم الأربعاء 29 ماي 2024 عن موظفي الشركة الذين يشهدون بتعدد اللقاءات بين بطلي هذه القصة/الفضيحة، إبان الشهور القليلة الماضية، وزاد من تأكيد ذلك ما تناقلته عدة صحف أخرى أجنبية في مقالات بعناوين تربط بين “العشق” و”البزنس”، دخل على خط الواقعة الناشط الحقوقي ورئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام المحامي محمد الغلوسي، الذي طالب الوكيل العام للملك لدى المحكمة النقض بفتح تحقيق حول الصفقات التي أبرمتها وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة مع الملياردير الأسترالي “أندرو فورست”.
وبصرف النظر عما إذا كانت صورة القبلة/القنبلة حقيقية تعود بالفعل إلى كل من الوزيرة ليلى بنعلي ورجل الأعمال الأسترالي “أندرو فورست”، أم أنها مجرد صورة ملفقة من قبل جهات مغرضة، فإننا وأمام هذا الحدث الذي يشكل فضيحة سياسية وأخلاقية ودستورية تستوجب التعامل معها بما يلزم من حزم، وندعو الجهات المعنية إلى ضرورة الحرص الشديد على استجلاء الحقيقة، وأنه لا مناص من أن تسارع المعنية بالأمر إلى تقديم استقالتها أو إعفائها فورا من مهامها، وأن تعمل الحكومة على تحمل مسؤوليتها السياسية والدستورية وتوضيح الحقيقة كاملة للرأي العام، إذا ما صحت الوقائع المذكورة وتبين بالملموس وجود شبهات فساد واستغلال الوزيرة لمنصبها.