الماء الذي ينهي الحياة
محمد شحلال
على بعد أيام معدودات من حلول عيد الأضحى وما يواكبه من ،،أنين،،بسبب الغلاء،شهدت الساحة الوطنية حدثين مؤسفين في عز،،العواشر،،التي يوصي فيها الفقهاء بالتوقف عن تقليم الأظافر حتى لا تنجر النفوس المسلمة نحو ماهو أشد ضررا !
أما الحدث الأول، فيتمثل في عناق قوي ومشبوه بين،،كافر،، وسيدة مسلمة يقال بأنها مسؤولة في حكومة بلادنا دون أن تنجلي الحقيقة بما يؤكد صحة الخبر من افتعاله في زمن التكنولوجيا وحرب المصالح .
وإذا كان هناك من سارع إلى محاولة طي ملف العناق العميق خارج الحدود،باعتباره من صميم الحياة الشخصية،فإن المواطن البسيط مثلي ،لا يمكن إلا أن يغضبه ،،الجهر بالسوء،،من خلال المرأة المنتخبة لتمثل بلدنا وتشرفه بدل أن تستسلم لنزوة تفتح المجال أمام المتربصين ليجدوا مادة خاما لإطلاق الألسنة والسنان الجارحة.
إن خبر العناق خارج الحدود،ليس أمرا جديدا بالنسبة للموطنين المغاربة الذين يجودون بثقتهم في حق أشخاص لا يتأخر انكشاف حقيقة تناقض أفعالهم، التي تجعل منهم مجرد منافقين، يراؤون الناس وينسون رب هؤلاء الناس،مثلما حصل لبعض المحسوبين والمحسوبات على حزب ديني!
لقد تتابعت أحداث عثرات بعض المسؤولين من بلادنا وهم خارج الوطن،حيث يتهيأ لمعظهم أنهم قد تحللوا من كل التزام أخلاقي،وحانت فرصة،،المتعة،،دون أن ينتبهوا لوجود جيش منظم من صحافة،،البابارازي،، Paparazzi التي أسقطت رؤوس شخصيات عالمية عبر صور ملتقطة في حالات مشبوهة،كانت الأميرة،،ديانا،،أبرز ضحاياها قبل سنوات.
أما الحدث الثاني والذي لم تتوقف تبعاته في هذه الأيام المقدسة،فيتمثل في هلاك مجموعة من المواطنين بمنطقة الغرب ، بعد تناول نوع من الخمور ،،غير النظامية،،التي يتهافت عليها ذوو الأيدي القصيرة.
لعل الغرابة في أمر هذا المشروب الذي أودي بحياة عدة أشخاص ،هو أنه يدعى،،ماء الحياة،،فإذا به اليوم يفني هذه الحياة ويدمي قلوب أمهات يندبن ،،أبناءهن المرضيين،،كما رددت بعضهن وقد أوجعهن المصاب !
يقال بأن،،ماء الحياء،،هو إبداع يهودي تستخدم فيه فواكه جافة ،ومكملات أخرى تفرز مشروبا يحقق الغاية المنشودة دون تهديد لحياة مستهلكيه،مما جعله عنصرا لا غنى عنه في الأعراس ، لينتشي الراغبون ،ويحرروا مكبوتاتهم أمام الملإ !
لم يعد في المغرب يهود كثيرون ممن يصنعون،،ماء الحياة،،لكن حذق المغاربة لم يتأخر،حيث انتشر محترفو إنتاج ماء الحياة في كل ربوع الوطن.
لقد تجاهل المغاربة خبرات اليهود الأخرى في التجارة والصناعة والجوسسة،واكتفوا بما يدمر مابقي من عقل غير صالح للعصر، من خلال التنافس في ،،خلطة،،تعجل بتغييب العقل ليصبح بعض السكارى مجرد كائنات تضحك وتسلي فئات معينة،لكنها تثير شفقة الفئات الحريصة على سمعة الوطن ومصلحته.
وإذا كنا نتألم لحال الأسر التي تلقت ضربة موجعة في هذه الأيام،فإنه من حقنا أن نتساءل كذلك عن دور هذه الأسر التي تحرص على أن تظهر وكأنها مظلومة أمام إعلام يتجر في هموم الناس حينما لا يذكر هذه الأسر بدورها ويلقي بالمسؤولية على الحكومة ؟
إن أبسط سؤال يمكن به مواجهة هذه الفئات من المجتمع هو كيف يجد أبناؤها ما ينفقونه في اقتناء،، ماء الموت،،ولا يجدون ما يستعدون به لمستلزمات العيد ؟
لا بد أن هناك من يستصغر هذا السؤال بسبب،،البلية،،والإدمان،لكن ماذا كان دور الأسرة قبل الوصول إلى مرحلة اللاعودة ؟
إن ،،أم الخبائث،،من أكبر الظواهر التي تخدش صورة بلادنا،وتعرف انتشارا مهولا في كل جهات الوطن،كما تنتشر الجرائم والحوادث التي تنجم عن تناولها،مما يعني أن فقهاءنا لم يستطيعوا إقناع الناس بمخاطر الخمر لحد الآن،كما عجزت القوانين عن الردع،وهو ما يسائل كل الجهات المعنية للبحث عن البدائل الهادفة والتي من شأنها أن تصون العقول الناشئة ، وتستثمر في هذه العقول بما يرفع من شأن الوطن.
إنها مهمة شائكة في بلد لم يعد يحرم فيه شيء من الموبقات :
فهذه حانات في كل مدن البلاد،وتلك مراقص،وهذه متاجر تعرض كل أنواع النبيذ… بينما يخاطب الإمام يوم الجمعة أشخاصا غير معنيين،لأن هؤلاء يكرهون الأئمة ولا يريدون سماع مواعظهم التي تحد من حريتهم ومتعتهم !
لن تتوقف مآسي،،الماء القاتل،،بسبب وجود ،،المبليين،،من كل الأعمار إلا إذا استعادت الأسرة زمام أمور الأبناء،أما الصراخ بعد الفواجع، فلن يعدو أن يكون استراحة محارب.
ومن باب المضحكات مما عرضت له في منشور سابق،أن طبيبين ممن يعشقون ،،ماء الحياء،،الحقيقي،قد توجها ذات يوم إلى مدينة دبدو،حيث اشتهر يهودي بصنع هذا المشروب،فلما استقبلهما،،مائير،،بادره أحد ،،الحكيمين،، :
– أليهودي،كاين شي ماحيا ؟
رد عليه ،،مائير،، فورا :
– كاينة، أللي ما يهودي ما مسلم !
انتهى !…