الجزائر: أسوأ أزمة في أسوإ توقيت
نورالدين زاوش
من المؤكد أن الفوارق بين نظام العسكر الهمجي، وبين نظام المملكة المغربية الشريفة الطاعنة في أعماق التاريخ والحضارة يصل إلى مائة ألف فارق أو يزيد؛ لكن إذا طُلب منا تلخيص هذه الفوارق في مشهد واحد لا ثاني له، فلن نجد موقفا أدقَّ وصفا وأبلغَ تعبيرا مما وقع قبل أيام معدودات؛ حيث زحف العطش على ولايات الجزائر الواحدة تلو الأخرى، وغزا العطش أحشاء الجزائريين الواحد تلو الآخر؛ مما حذا بالرئيس “تبون” إلى إصدار أوامره “السامية”، التي لا تُطاع أبدا، من أجل حل معضلة العطش في غضون ثمانٍ وأربعين ساعة؛ في الوقت ذاته كان ولي العهد مولانا الحسن، حفظه الله، يدشن في الدار البيضاء أكبر محطة لتحلية مياه البحر في إفريقيا، والتي سوف يبتدئ جزء منها في الاشتغال في نهاية سنة 2026م، أي بعد قُرابة ثلاث سنوات.
لقد جفت سدود الجزائر في غفلة من العسكر المعتوه؛ وحتى نقيق الضفادع الذي كان يملأ المكان من أجل إنذار القوم بأن الكارثة على وشك أن تقع، لم يكن كافيا للفت انتباه هذا النظام المجنون؛ فهذا الأخير قد باع روحه لشيطان مخيمات تندوف؛ حتى عاد توفير حاجيات شعبه والعمل على خدمته مجرد نافلة لا أقل ولا أكثر؛ إذا تحققت فذاك المطلوب، وإذا لم تتحقق فالشعب الجزائري قد أدهش الجِمال في قدرته على تحمل العطش، كما حيَّر قطعان الحمير في قدرته على الصبر والمعاناة في صمت.
لقد اشتدت الأزمة في الجزائر، وباتت الثورة على نظام العسكر أقرب إليه من شراك نعله؛ إلا أن هذا الأخير منفصل تماما عن الواقع، تماما مثلما حدث في آخر أيام “القذافي” الذي كان أول من اخترع فيروس “البوليساريو”، وتركه يتكاثر في مختبرات تندوف؛ ويبدو هذا الانفصال عن الواقع جليا في هروب السيد “تبون” من ولايات العطش إلى نافورات إيطاليا حيث انعقاد قمة “السًّبع”؛ ورغم أن الجزائر ليست عضوا من أعضاء الدول المُصَنِّعة، وأنها شاركت كعضو شرفي فقط كما هو الشان بالنسبة لتونس وموريتانيا؛ إلا أن الإعلام الجزائري قد ملأ الدنيا صراخا وعويلا وهو يتمجد ببطولات “سيدنا تبون” الذي يحسن أخذ الصور؛ علَّه بذلك يُنَفِّسُ عن الجزائريين بعض الغضب الذي بات يشتعل في صدورهم، ويخففَ عنهم بعض العطش الذي عاد يعشق أحشاءهم، خصوصا وأنه مقبل على “انتخابات” لا أحد، غير الله، يعلم ما إذا كانت ستجرى في وقتها المعلن، أم أنها لن تجرى أبدا.
نورالدين زاوش
عضو الأمانة العامة لحزب النهضة والفضيلة