التغول أوصل مجلس جماعة وجدة للباب المسدود
عبد السلام المساوي
في منظورنا للمدينة، نبحث عن مواطن القوة، ومكامن الضعف فيها، ونسأل عن وظائفها داخل القطب الجهوي، وفي فضائنا الوطني، والصعيد الجهوي والدولي، كما نحدد دورها السياسي، والوطني والاقتصادي والمجالي، والحضري…
أثناء التفكير المعمق حول تاريخ وحاضر ومستقبل مدينة وجدة نقف على قناعة مفادها أن أول ما يبدو للمرء، لما يقوم بهذه القراءة لمدينة وجدة ، بأن وجدة زاغت عن دورها وعن واقعها وعن تاريخها باعتبارها مدينة تاريخية ومن المدن الفريدة المتوفرة على موقع جيوستراتيجي قوي: مطلة على البحر الأبيض المتوسط، في عمق المغرب الكبير من الجهة الأخرى، مطلة على جنوب الصحراء، لها موقع متميز داخل الوطن، وهي مكونات تعزز قوتها التي كان من الممكن أن تجعل مدينة وجدة تحتل مكانة أكبر وأفيد وأهم.
وجدة لها حجم ديموغرافي، وتحتل موقعا جهويا يشكل إحدى مواطن قوتها، لكن كما يلاحظ المواطنون عرفت المدينة تراجعا في مكانتها داخل الحاضرة الوطنية والجهوية، وعليه فإن المنطق يفرض تصحيحا لهذا الوضع.
نقرأ في الورقة التوجيهية للمؤتمر الإقليمي التاسع للاتحاد الاشتراكي بعمالة وجدة أنجاد ، المنعقد في 1 يونيو 2024 ، ” إن هذه الأزمة التي تعيشها جهة الشرق، قد انعكست بشكل جلي على عمالة وجدة أنجاد، التي كان من المفترض أن تكون قاطرة للتنمية، وبشكل متواز مع إقليم ا لناضور.
وعوض تضافر الجهود، ومساهمة الهيئات المنتَخَبة، يُسجل المؤتمر الإقليمي التاسع للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أن نتائج استحقاقات 2021، أفرزت هيمنة الثلاثي الحكومي على مجلس مدينة وجدة، وبأغلبية مريحة جدا. إلا أنه بدل العمل على تنشيط الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، انخرط المجلس في مسلسل أوصله “للباب المسدود”، حيث انتقل من “تغول” الأغلبية على المعارضة، إلى “تغول” الأغلبية بعضها على بعض ، بشكل عرقل السير العادي للمجلس، وعرقل اتخاذ القرارات، وغيب المجلس عن تنفيذ أي شيء يُذكر لصالح الساكنة.
ولهذه الأسباب وغيرها، لم يكن غريبا أن تتعمق الأزمة بعمالة وجدة أنجاد، وأن تنتشر كل مظاهرها على مستوى مختلف الفئات الاجتماعية، وسائر القطاعات الإنتاجية والخدماتية.”
ونقرأ في البيان العام للمؤتمر ” يعبر المؤتمر عن أسفه العميق للفرص التي يضيعها المجلس الجماعي الحالي لمدينة وجدة ، الذي أبان عن ممارسات أبعدته عن هموم الساكنة وتطلعاتها ، وجعلته نموذجا لتغول جديد للأغلبية يغذيه الصراع المزمن على ” التفويضات ” ، مما أدى إلى تعطيل المجلس من قبل الأغلبية ، محدثا خلطا بين الدور الدستوري للمعارضة وبين ممارسات عرقلة سير مجلس منتخب .”
لقد قطع المغرب أشواطا في إرساء نموذجه الديموقراطي ، وجعل من الانتخابات والتمثيل الوطني والمحلي والجهوي ، أسمى درجات خدمة المواطنين والدفاع عن مصالحهم وإيجاد حلول لقضاياهم في الصحة والتعليم والشغل والقضاء والترفيه والبنيات التحتية ، وهو غير مستعد للتقهقر الى الوراء من أجل شرذمة من المنتفعين ز ….
لقد تحول الحصول على صفة مستشار جماعي أو إقليمي أو جهوي لدى البعض إلى الى استثمار يدر أرباحا طائلة دون سند مشروع ….
والحقيقة التي يعلمها العادي والبادي أن هناك خلطا متعمدا لدى المنتخبين المحليين بين تضارب المصالح وتمثيل المصالح ، فهم يتقاعسون في ممارسة المفهوم الأول لأنه مرتبط بتمثيل المصالح العامة وببذل المجهود والوقت بينما يجتهدون بل يبرعون في الدفاع عن مصالحهم الذاتية والشخصية بطرق مفضوحة .
الواقع أن الصرامة التي أبانت عنها الدولة في التصدي إلى عمليات الفساد والإثراء غير المشروع وتبييض أموال المخدرات في العقار والسياسة والرياضة ، ينبغي أن تسائل الأحزاب إياها أيضا ” ، مكونات التغول ” في الحكومة والأغلبية والمجالس الجهوية والإقليمية والمحلية ” ؛
إن الأحزاب إياها مطالبة بتنقية عتبة بيوتها من ” أشرار السياسة ” ، وسن قوانين داخلية صارمة بلا هوادة ، لا تسمح بتسرب الكائنات التي تبحث عن مظلة للاختباء تحتها ، أو حصانة للتهرب من العقاب وتسفيه القانون ؛
ولأن الأحزاب إياها تتواطأ وتتهافت على المفسدين لكسب المقاعد ، تكبر الخفافيش وتتكاثر في الظلام ، وتصبح وبالا على الدولة ، وعلى صورتنا جميعا أمام العالم .