حديث الصباح… السوق الافتراضية بين الحراسة والعبادة والتجارة…
محمد امباركي
من المجدي للغاية أن يسود الحوار النقدي والمنتج بالفضاء الأزرق من داخل تعددية المرجعيات والآراء وديمقراطيةالفكر والممارسة، لكن الملاحظ هو أن بعض رواد هذا الفضاء أصبحوا متخصصين فقط في التعليق وخاصة لما لا تروق التدوينات لطريقة تفكيرهم وأهوائهم ومعتقداتهم الاديولوجية والسياسية، وبالتالي لا يصنعون أي تدوينة مستقلة. وفي حالتهم هاته يمكن نعتهم ب “العسس الافتراضيين ” أو حراس ” الأمن الروحي ” لساكنة الفضاء الأزرق..
مع ذلك فوجودهم يقترب من الضرورة لأنهم يضفون على هاته السوق “السائلة” نوعا من تنافس البضائع والسلع الرمزية التي تتفاوت في الجودة، خاصة وأنه من معايير الاهتمام والانتباه هو قدرة التدوينة على جلب أكبر عدد من التفاعلات، هاته الأخيرة تحكمها ترابية في درجة الأهمية تتوزع في اعتقادي الشخصي إلى أربعة مراتب :
1- Partager
2- Commenter
3- Adorer
4- Aimer
في تقديري المتواضع، يظل المعيار الأساسي لأهمية التدوينة وقدرتها على تحفيز النقاش وإنتاج السجال، هو حجم التقاسم والتعليق، أي المرتبتين الأولى والثانية، لأنهما بقدر ما يتطلبان مجهودا ذهنيا يعكس القراءة الجادة للمنشور التي تتوج بالرغبة في إعادة نشره، بقدر ما يترجمان قيمة معينة لمحتوى المنشور نفسه أو مكانة صاحبه في حقل إنتاج المحتويات الرمزية، بينما يظل المعيارين الثالث والرابع نسبيين على الرغم من أهميتهما، وقد يعبران عن تفاعل سريع وعابر مع التدوينة أو عن مجاملة لصاحبها ليس إلا…
من هنا، فبعض التدوينات التي تولد “ميتة”، ويعي أصحابها أنها لا تحظى بالمتابعة، ومع ذلك يصرون في معاودة نشرها مثل الذي يقوم بنشر مادة معينة في أكثر من مجموعة واتسابية قد تتجاوز العشر مجموعات لعل وعسى يقرأها أحد، وفي أحيان كثيرة تكون مرفوقة بالصور أو الفيديوهات، هذا النوع من الناس يمكن الاصطلاح عليه ب” العبد االافتراضي الملحاح” او العبودية الرقمية..
وهناك نوع آخر يستعمل تقنية Sponsorisation، وبالتالي يستثمر بعض الأموال كي يجلب أكبر عدد من القراء والمتابعين من خلال القذف بمادته في سوق مفتوحة ممتدة ومختلفة من حيث شبكة الزبائن وأنماط الاستهلاك، وفي هذه الحالة نكون أمام ما يمكن توصيفه ب” تاجر الرموز” الذي يوظف رأسمالا ماليا لتعزيز رأسماله “الرمزي” داخل سوق تعود عائداتها إلى مقاولات الشبكات الاجتماعية..وهي سوق يتشكل زبنائها من ما يمكن نعته ب” القراء الوهميين ” أو ” عشوائية المتابعة “…
المجتمع الشبكي سوق سائلة ومفتوحة، ومع ذلك فهي تفرض نفسها كضرورة وجودية وبراديغما لا يمكن تجاوزه أو تبخيسه لتفسير ما هو كائن وما ينبغي أن يكون على مستوى الماكرواجتماعي(الرابط الاجتماعي)، والميكرواجتماعي (الفرد).
وهكذا وفي جميع الحالات الأربع وأكثر، نكون أمام سوق افتراضية سائلة متعددة الفاعلين وديناميات الفعل وأنماطه، وهي على كل حال خصائص مميزة للحقل الافتراضي ولا مفر منها في سياق الانتقال من المجتمع الواقعي إلى المجتمع الافتراضي على حد تعبير الباحث السوسيولوجي المغربي “سعيد بنيس “..
لله في خلقه شوؤن..
صباح الخير والحوار….