أخبار جهويةأخبار محليةأخبار وطنية - دولية

متقاعدون ،مع وقف التنفيذ..

ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة - MEDIA COM ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة -  MEDIA COM

رمضان مصباح

مسنون بمقاييس الزمن فقط:
يقول الذكاء الاصطناعي معرفا المتقاعد ،وفق المعايير الدولية:
“لمتقاعد هو شخص قد أنهى فترة عمله الرسمية، وأصبح غير نشط في العمل، وعادةً ما يكون قد بلغ سن التقاعد المحددة قانونياً أو اختار التقاعد المبكر. يتلقى المتقاعد عادةً معاشاً تقاعدياً أو مزايا مالية نتيجة لسنوات خدمته ؛ وقد يقضي وقته بعد التقاعد في أنشطة مختلفة مثل الهوايات، السفر، أو العمل التطوعي”.
ما انتهى به هذا التعريف ،وحتى بعض ما تصدره ،لا ينسحب على النسبة الغالبة من المتقاعدين في المغرب؛من القطاع العام كما الخاص .
فمن يتقاعد بمعاش هزيل – القاعدة العريضة – لا يمكن له أن يصبح “غير نشط في العمل”.
نعم لقد تداعى كطلل خَرِبٍ هدَّه الزمن ،لكن الأسرة لا تعرف لها ظلا وسكنا غير ظله وسكنه.
ومن هنا هؤلاء المتقاعدون الذين يَشْرعون مجددا في مسافة الألف ميل ،من أجل سد رمق معاش ،ان أطعم فهو لا يشبع ،وان كسا فهو لا يستر.
هم حيثما بحثت ،في أبواب العمارات ،في مواقف السيارات ،في القاعات الخفية للمقاهي والمطاعم ،رفقة الصحون والأمل ..
هم حيثما بحثت في ركح الشغل الكادح؛عدا أن يصبحوا في مساكنهم ،آمنين على رزق شيخوختهم ،الذي وُعدوا به في عنفوان شبابهم.
مسنون بمقاييس الزمن ،شباب بمقاييس الحاجة ؛وهم في هذا مرغمون وليسوا أبطالا.
وعليه سيدي الذكاء الاصطناعي ،لقد أوقَعَتكَ تعاريف التقاعد ،البيروقراطية – وهي الغالبة -في الخطأ ،لأنها سابقت الواقع المغربي، الى خلاياك وأسلاكك، فسبقته .
افتح صدر خوارزمياتك وعدِّل: أغلب المتقاعدين في المغرب ،لم يبلغوا بعد أن يصبحوا غير نشطين في العمل؛ لم يرقوا بعد الى هذا الترف ؛انهم متقاعدون مع وقف التنفيذ.
أدركنا ألا نشتغل ،حتى ندرك أن نسرح ونمرح؟
ان الشريحة الوسطى ،ارتقاء الى السلم11 ،والدرجة الاستثنائية ؛وان كانت غير ملزَمة بانطلاقة عمل اسنادية جديدة؛إلا اذا رغبت؛لا تجد نفسها ،غالبا،ضمن قوافل السياح الكسالى ،النائمين في عسل معاشاتهم ،لأن التزاماتها الأسرية لم يشملها ،ولن يشملها ،قرار التقاعد .
فهي ،أخذا بعين الاعتبار نسبة البطالة بين الشباب- بشواهد وبدونها – ملزمة بمواصلة تدبير نفقات أبناء راشدين ،لكنهم معطلون.
وأحيانا ينبعث من جديد واجب الانفاق على بنات مطلقات ،وأرامل؛مع أبنائهن.
أما مصاريف التطبيب فتنحوا منحى تصاعديا؛يفرضه المنحى التنازلي لبدن آخذ في الانهيار كثلوج الجبال.
أما رابعة الأثافي فهي النسبة المتبقية من الضريبة على الدخل ،التي لاتكل ولا تمل ؛ولا تتقاعد ولا تموت؛حتى تحضر جنازة المتقاعد وتتعشى مع قراء القرآن.
ألم يكن تواليها كافيا زمن العنفوان والنشاط المهني (40 سنة)؟ أم أن تشريعها هو الوحيد الذي يُقر صادقا ألا تقاعد في المغرب إلا للقلة المرفهة،التي لم تكدح أصلا؟
طبعا حينما ننظر الى هؤلاء المتقاعدين ،المسنين عُمرا وعظاما ،الشباب مسؤولية وإنفاقا ،من زاوية الغلاء القاهر ،فوق الحكومة كلها ،ندرك أننا أمام شريحة اجتماعية منكوبة ،تقتضي تدخل ،ليس الصندوق المغربي للتقاعد فقط،وإنما حتى صندوق الكوارث الطبيعية.
ما أقسى “أفٍّ” من لسان الحكومة:
هناك قاعدة تعتمدها الحكومة في كل لقاءاتها الحوارية ،وان كانت لا تصرح بها.
قاعدة براغماتية قاسية قائمة على : قل لي ما قوتك ،أقلْ لك أفٍّ أو مرحبا.
لا قوة ضاغطة للمتقاعدين ،حتى تستمع الحكومة الى مطالبهم ؛وهل للمضغوط قوة؟
آية “فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما ” تصلي بها الحكومة فقط ،وتعيدها الى المصحف الكريم.
أما أن تفهم أنها تنسحب حتى عليها في علاقتها بآباء المجتمع وأجداده ؛فهذا يحتاج منها الى بلاغة الفهم وعمق الرواء.
ليس للمفرنسين الحكوميين هذا ،ولاهم يطلبونه.
من شأن حكومة هذه حالها ألا تلتفت الى الاسناد الاقتصادي للمتقاعدين خارج المعاش:
*في الأسواق الكبرى ،كما هو عليه الأمر في الدول الديمقراطية.
* تذاكر السفر.
*الأنشطة الترويحية.
*الولوج الميسر الى خدمات الإدارة
……
ولنا رجاء..
أن يرى فينا نشطاء الوظيفة ،الحاليون، وضعهم حينما تلفظهم الادارة ،وتعبس الحكومة في وجوههم وتتولى.
يمكنكم التنازل عن مطالب شتى الى حين ؛لكن لا مجال لإغفال حقوق التقاعد ،كما هي مسطرة دوليا. مع النشاط ألمهني والعنفوان هناك دائما وقتٌ لاستدراك ما فات؛لكن اذا فاتكم أن تُحصنوا تقاعدكم ،فلن تفعلوا وأنتم عجزة مسنون ،لا ضغط لكم.
هذا ما يستميت من أجله الفرنسيون،مثلا ،فتراهم ينزلون الى الشوارع ،دفاعا عن تقاعدهم ؛وهم في عز شبابهم.
ثقافة اقصاء المتقاعدين من الحوار الحكومي ،ثقافة نقابية أيضا ،حتى لا نُحمل الوزر للحكومة فقط.
قبل كل حوار رسمي ومعلن ،يذرع النقابيون الكواليس والدهاليز ذهابا وإيابا؛هذا معروف.
نحن نموت ليس في الحوار بل قبله. نُقصى منه تراضيا بين فريقين ،حتى لا تتشكل لنا قوة مطلبية . ولا حاجة للنقابيين بنا لأننا لا نصوت عليهم.
هما فريقان لا يقرآن : “وبالوالدين احسانا” .
وللفساد علاقة بموضوع التقاعد:
أغلب الفساد ،في الوظيفة العمومية، يرتد الى عجز الراتب – حقيقة أو زعما – عن تأمين المستقبل للموظف وأبنائه ؛فتراه يمد رجليه ويديه في المال الحرام .
ومن هنا يمكن تعزيز الحملة الحالية لمحاربة الفساد –وهي بمثابة حركة وطنية ثانية(محمدية مرَّتان) – بإصلاح أنظمة التقاعد ،بما يحقق “الأمن ألتقاعدي للجميع .
سيقف هذا المقال مع الواقفين مستقبلا بباب البرلمان –وقفة رجل واحد- للدفع صوب الاصلاح ؛وخصوصا اعتبار المتقاعدين ضمن ركاب القطار المهني الوطني ،وليس من المخلفين في المحطات .

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock