أخبار جهويةأخبار محليةأخبار وطنية - دولية

إلا الذين ظلموا منهم

ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة - MEDIA COM ميديا كوم ... جريدة إلكترونية ... شاملة -  MEDIA COM

المصطفى حميمو

قال تعالى: ﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ﴾ [العنكبوت: 46]. فجدال أهل الكتاب بالتي هي أحسن فريضة قرآنية، لكن عدا ما فيه ظلم منهم لغيرهم وفق منطوق نفس النص القرآني. وهل من ظلم اليوم أكبر وأعظم وأفظع من ذلك الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني منذ عشرات السنين ولا سيما اليوم أكثر من أي وقت مضى؟ ظلم تفطرت له قلوب كل شعوب العالم، ومن بينها حتى شعوب الدول الغربية المتحيزة حكوماتها للجلاد على حساب الضحية، بما فيها طوائف يهودية معادية للصهيونية مثل “الصوت اليهودي من أجل السلام (JVP)” و”IfNotNow” و”الشبكة اليهودية الدولية المناهضة للصهيونية” وغيرها.
وعندي يقين من أن كل الناس في العالم تعجبوا ويتعجبون هذه الأيام من خطابات الصهاينة لما يجدونهم يرون الأمور الأخلاقية والإنسانية رأسا على عقب، ومن دون أن يرف لهم جفن، بل مع العزة بالإثم. يرون الخير شرا والشر خيرا ويرون الحق باطلا والباطل حقا، والمنكر معروفا والمعروف منكرا. لكن ما داموا كباقي البشر يولدون صفحة بيضاء، فلا بد من وجود منظومة قيم خاصة بهم يتشربونها منذ الصغر ويتشبعون بها فتفعل فيهم فعل المخدرات في المدمنين على استهلاكها وتجعلهم من الناحية الأخلاقية والإنسانية مختلفين عن بقية البشر.
الأمر الذي لولاه لما كنت لأتحمل عناء البحث في كتبهم المقدسة كي أطلع على ما فيها من دوافع جعلت ولا تزال تجعل من جنودهم بالكيان العبري ومن شرطته ومن المستوطنين بالضفة قتلة للنساء والأطفال وعموم المدنيين عمدا وبوحشية منقطعة النظير، حتى المرضى منهم في المستشفيات والنازخين في الملاجئ بل حتى الموتى قبورهم التي ينبشونها لقتلهم وهم عظام نخرة.
فوجدت بالبحث في كتبهم عجبا طار معه كلية العجب الأول. ولو كنت أعرفه مسبّقا لتعجبت من رؤيتهم يتصوفون في الحرب كبشر أسوياء. وهذه عيّنة بسيطة من النصوص الآثمة والمقدسة التي اكتشفتها باندهاش كبير في كل من العهد القديم المشترك بينهم وبين المسيحيين ومن التلمود كتفسير له يخصهم. نصوص من كتب عتيقة يقع اللوم على من كتبوها قديما في ظروف معينة وعلى من لا يزالون يصدقونها رغم ما فيها من وحشية ولاإنسانية ويدرسونها لأبنائهم بالخصوص وهم أبرياء منذ الصغر.
ومنها هذا النص الذي يقول: “لم يُخلق العالم إلا من أجل سعادة بني إسرائيل. بنوا إسرائيل هم وحدهم أبناء الله، وهم وحدهم أحباء الله” (التلمود: مسالك جريم 1). ومنها أيضا النص الذي يقول: “لما هاجمت الحية حواء زوجة آدم، في اللحظة التي أخطأت فيها بالأكل من شجرة المعرفة، أصابتها بتلوث أخلاقي. وهذا التلوث موجود في كل البشر. بالنسبة للشعب اليهودي الذي وقف على جبل سيناء واستلم التوراة فقد انتهى تلوثه الأخلاقي. أما غيرهم الذين لم يقفوا على جبل سيناء ولم يتلقوا التوراة فإن تلوثهم مستمر”. (التلمود: أڤودا زاراه 22ب)، زد على ذلك وعلى سبيل المثال لا الحصر، النص الذي يقول: “قال الرب “وأنتم يا غنمي. وغنم رعيتي بـــَـــشـــر. وهو الذي يعلم أنكم تُسمون بـــــــــشـــــــرا. لكن باقي الأمم لا يُدعون بــــــــــشـــــــــرا” (التلمود: باڤا ميستيا 114ب) ومثلها في هذا الكتاب المقدس عندهم أفظع ويكاد لا يحصى.
أما بخصوص العدوانية الوحشية ضد غير اليهود التي اندهش منها كل العالم بفلسطين منذ سنة كاملة، وجدت مثلا وفي العهد القديم هذا النص الذي يقول: “حين تقترب من مدينة لكي تحاربها استدعها إلى الصلح. فإن أجابتك إلى وفتحت لك، فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويُستعبد لك. وإن لم تسالمك وعملت معك حربا، فحاصرها. وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف. أما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة، كل غنيمتها، فتغتنمها لنفسك. وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك. هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جدا التي ليست من مدن هؤلاء الأمم هنا. وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيبا فلا تستبق منها نسمة ما”. (سفر التثنية 20: 10-16). وذلك في سبيل خرافة أرض الميعاد.
تلك الخرافة التي توسع الأحبار كَتبة العهد القديم في رسم حدودها بعيدا من وراء فلسطين حتى نهر النيل بمصر والفرات بالعراق. وذلك في النص الذي يقول: “في ذلك اليوم قطع الرب مع أبرام ]إبراهيم[ ميثاقا قائلا: «لنَسْلك أُعطي هذه الأرض، من نهر مصر إلى النهر الكبير، نهر الفرات.” (التكوين 15 :18). فتلك هي حدود إسرائيل الكبرى المقدسة والمرسومة بخطين أزرقين على علم الكيان العبري منذ قيامه سنة 1948. ولولا مثل هذا النص الخرافي لما قام ذلك الكيان ولما سمعنا بالنكبة ولا بالقضية الفلسطينية ولا بكل ما ترتب عنها في المنطقة من فتن وحروب ومأسي حتى فيما بين شعوبها.
ومن أجل إقامة ذلك الكيان وحمايته وجدت أحد النصوص العدوانية، وما أكثرها في العهد القديم، واستشهد به رئيس حكومة الحرب على غزة، والذي يقول: “فالآن اذهب واضرب عماليق، وحرّموا كل ما له ولا تعف عنهم بل اقتل رجلا وامرأة، وطفلا ورضيعا، وبقرا وغنما، وجملا وحمارا».” (سفر صموئيل الأول 15: 3). فطار عندها عجبي من التدمير شبه الكامل لغزة ومن الإبادة الجماعية لأهلها بدم بارد وبضمير مرتاح. فلا عجب، ما دام الأمر عندهم مقدسا بحجة أنه من وحي رب شعب بعينه في نفس الكتب المقدسة وليس رب العالمين الرحمن الرحيم. وهذا غيض من فيض. وما تبقي من مثله في كتبهم المقدسة أشد وأعظم.
فالديانة اليهودية كباقي الديانات فيها جملة من الشعائر والشرائع التي تخص اليهود فيما بينهم. وبما أنها لا تعني غيرهم في شيء فلم أبحث في كونها من وحي الله أم لا. بخلاف مثل تلك النصوص العنصرية والعدوانية ضد غير اليهود، فهي تعنينا، ولا سيما بالنظر لآثارها المأساوية اليوم في فلسطين وفي المنطقة. وكونها ليست من وحي الله تعالى بالنسبة لنا كمسلمين فهو تحصيل حاصل. ولكن وجدتها كذلك، حتى بالنسبة للعقلاء من اليهود الأحرار ولا سيما عند النخب الأكاديمية الغربية منهم ومن غيرهم. ببحثي في ذلك وجدت أنها بطبيعة الحال من صنع البشر وليست من وحي الله، تعالى سبحانه عن ذلك علوا كبيرا. والشر بطبيعته من صنع البشر فلا قدسية له، فيمكن بل نبغي انتقاده وحذفه من طرف نفس البشر ومن أجل خير كل البشر.
فوجدت أن طبيعة التوحيد في الكتب الخمسة من العهد القديم، المعروفة بــ Pentateuque، والمنسوبة لموسى عليه السلام، ليست بريئة من كل ما يحدث في فلسطين منذ أكثر من سبعة عقود ولا سيما منذ سنة كاملة وحتى اليوم. كلمة pseudépigraphie باللغة الفرنسية تعني التوقيع الكـــاذب على كتاب مقدس، مجهول مؤلفوه الحقيقيون، باسم معروف ومقدس لإضفاء المصداقية عليه. وذلك هو حال مجمل العهد القديم، ولا سيما كتبه الخمسة الأولى المنسوبة لموسى عليه السلام. وذلك وفق الكثير من الأبحاث الأكاديمية الغربية التي لا تزال تتبّع كيفية تشكلها طيلة قرون خلت من بعد موته عليه السلام. فقد تم تأليفها على مراحل من مزيج مما تبقى من التوراة الحقيقية كموروث شفهي ومكتوب ومن التأثيرات الثقافية والسياسية العتيقة بغرض دغدغة مشاعر اليهود الدينية في الشتات حينها، حتى يتجمعوا من جديد في مملكتهم لاسترداد أمجادها المفقودة من بعد عودتهم من المنفى ببابل.
ومن بين تلك الكتب على سبيل المثال لا الحصر، وأشهرها كتاب ” أطروحة اللاهوت السياسي” للفيلسوف اليهودي المعروف Baruch Spinoza، وكتاب “أسفار موسى الخمسة موضع تساؤل”، بقلم Thomas Rِmer، وغيرهما كثير. وتَخلص جميعها إلى أن تشكل تلك الأسفار الخمسة ظل متحركا من حيث التأليف وإعادة التأليف من قِبل أجيال متلاحقة من الأحبار إلى أن استقرت على حالها المعروفة به اليوم على يد الحبر الكبير عزرا، والمعروف في الأدبيات العربية بعزرا الورّاق. وذلك إثر العودة من المنفى ببابل في القرن الخامس قبل الميلاد، أي ثمان قرون بعد وفاة موسى عليه السلام. وعليه فالكتب الخمسة المنسوبة له ليست هي بالضبط التوراة الموحى بها من الله تعالى. لكنها ليست خالية من وحيه تماما بدليل قوله سبحانه: ﴿…قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ الآية، [آل عمران: 93].
فبالنسبة لنا كمسلمين ما وافق فيها القرآن الكريم هو من وحي الله تعالى، وما تعارض معه فليس منه في شيء. ومن ذلك طبيعة التوحيد وما ترتب عنه من إضافة نصوص آثمة في حق غير اليهود بصفة عامة، وبصفة خاصة النصوص القادحة في عيسى وفي أمه عليهما السلام والواردة في التلمود الذي كان شفاهيا حتى لا تتكشف أسراره المسيئة للمسيحيين. وقد استقر بكتابته على حاله كما هو اليوم مخافة ضياعه حوالي القرن الرابع للميلاد. لهذا لا توجد فيه نصوص مسيئة للمسلمين ولدينهم. لكن اليهود الذين تنصروا في أوروبا فضحوا أمره. حينها اشتعلت هنالك شرارة معاداة اليهود واليهودية. ولاستبعاد السبب الديني الأصلي لتلك الظاهرة تم تعريفها عمدا من طرف الصهاينة ومنذ مدة غير بعيدة باللاسامية كوصف عنصري وليس ديني، وشاع بالرغم من أنه وصف غير دقيق لكون العرب مع غيرهم ساميون كذلك.
وأحيل القارئ الكريم في هذا الموضوع إلى كتاب “التاريخ اليهودي والديانة اليهودية، وزن ثلاثة آلاف سنة” للكاتب اليهودي Israël Shahak، البولوني الأصل وأحد الناجين من معسكرات الاعتقال النازي. عاش مناهضًا للصهيونية ومُنكرًا لشرعية وجود الكيان العبري الذي عاش فيه، ومدافعا عن الحقوق الفلسطينية. ويقول إن بعض التعاليم التلمودية فيها تمييز واضح ضد غير اليهود، وأن نصوصه الآثمة لا يكفي وضعها في سياقها التاريخي حتى لا تُتبع، بل تحتاج إلى إعادة تفسيرها مع نبذها كلية في مجتمع حديث قائم على المساواة. وأضاف قائلا أنه قد استفحل أمرها وأثرها البشع منذ أن وجدت ملاذا آمنا في الكيان العبري وعلى حساب حرية وكرامة الشعب الفلسطيني.
ووجدت أن طبيعة عقيدة التوحيد في العهد القديم ليست بريئة بالنسبة لما جاء فيه وفي التلمود بالخصوص، من نصوص عنصرية وعدوانية في حق غير اليهود بصفة عامة. فيبدو في الظاهر أن اليهود والمسيحيين والمسلمين يؤمنون بنفس الإله. في حين أن الأمر ليس كذلك على الإطلاق. تختلف طبيعة التوحيد بشكل كبير من دين إلى آخر. ولن أتعرض لطبيعته في ديانة المسيحيين لأنها معروفة، ولا تعنينا ما داموا غير ظالمين لغيرهم بسببها. وذلك بخلاف طبيعة التوحيد في الكتب الخمسة المنسوبة لموسى عليها السلام. ففي كتابه “تاريخ المعتقدات والأفكار الدينية”، المجلد الأول، ص. 276، نجد صاحبه Mircea Eliade يقول: “إن التوحيد الإسرائيلي ظل يتطور تدريجيًا، من إله قبلي، “يهوه”، إلى إيمان مطلق بإله واحد ذو سيادة مطلقة على الكون ويرفض جميع أشكال عبادة الأوثان”. وفي مقطع آخر يصف إلههم بالإله القومي. وبالمقارنة مع مفهوم الإله عند المسلمين نجده يقول: “…على النقيض من ذلك فإن التوحيد في الإسلام، بالإضافة إلى كونه متشددا في رفضه للشرك، يُصر على وحدانية الله المطلقة وعلى سُموه من فوق كل البشر وعلى سيادته على الكون كله”. فلاحظ هنا وصفه للإله في عقدية بني إسرائيل بأنه قبلي وقومي، بمعنى رب شعب بعينه وهو شعب بنني إسرائيل من دون غيره في كتبهم المقدسة. وذلك في مقابل ورب العالمين والرحمن الرحيم في كتاب الله العزيز بالنسبة للمسلمين.
ومتضايقا من الطبيعة العنصرية في كتبهم المقدسة وجدت الحاخام André Neher يقول في كتابه ” نقد الكتاب المقدس والتقاليد اليهودية” أن مفهوم الشعب المختار يعني بالأحرى المسؤولية الأخلاقية نحو البشرية جمعاء ولا يعني التفوق العرقي. ويضيف قائلا بأنه ينطوي على التزامات أخلاقية وأدبية حتى يكون بذلك قدوة حسنة لباقي الأمم. بقوله ذلك يعترف صراحة أن طبيعة التوحيد في الكتب المقدسة عنصرية ضد غير اليهود. وهو لم يعد يرضى بها ويسعى لتصحيحها لكن بمجرد الوعظ وليس بالفعل من خلال الضغط في سبيل حذف تلك النصوص الآثمة كلية، ما دامت من صنع البشر كما تقدم
ولهذا ومع الشكر الجزيل لكل المدافعين عن القضية الفلسطينية بمختلف بقاع الأرض ولا سيما ببلداننا المسلمة، فإنه يُقصّر منهم في حقها من يركّز في المظاهرات ووسائل الإعلام والمحافل الدولية فقط على انتقاد وإدانة الصهاينة كشعب وكأشخاص. بل لقطع دابر ذلك الشر المطلق من جذوره ينبغي التركيز بنفس القدر، بل أكثر، على انتقاد وشجب النصوص الآثمة في كتبهم المقدسة التي لا تزال تدرس لهم في سن البراءة منذ الصغر فتُعشّش في أدمغتهم وتحولهم من بشر أسوياء إلى وحوش ضارية كما صار ذلك واضحا اليوم في غزة أكثر من أي وقت مضى. ويكفي في التدليل على تلك الوحشية شجب تصرفات المستوطنين الهمجية بالضفة حتى من طرف الحكومات الغربية الداعمة للكيان العبري.
تلك الحكومات التي، بالمناسبة، لا تؤمن إلا بمصالحها الاستراتيجية في المنطقة ولا تقيم وزنا لكل تلك الخرافات التي يصدقها الصهاينة من اليهود ومن الطائفة المسيحية الإنجيلية التي تعتقد أنه من شأن تجمّع اليهود بفلسطين أن يعجّل بعودة المسيح. وذلك ما ذهب إليه المقال الذي نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية في 30 سبتمبر 1951، وذكّر به Phil Marshall سنة 1989 في كتابه “الانتفاضة: الصهيونية والإمبريالية والمقاومة الفلسطينية”. المقال الذي وصف الكيان العبري بكلب الحراسة. وأيده وذهب في منحاه James L. Gelvinفي كتابه “الصراع الإسرائيلي الفلسطيني: مائة عام من الحرب” وكذلك كتاب “الشرق الأوسط الجديد: العالم بعد الربيع العربي” بقلم Paul Danahar.
ومنذ أكتوبر 2023 تفيد تقارير إعلامية أن النخبة من الشباب اليهودي بأمريكا بالخصوص وبغيرها والمتشبثة بدينها صارت تخجل بين أقرانها في المعاهد والجامعات مما يحصل في من مذابح في بالجملة للنساء والأطفال والرضع في فلسطين باسم دينهم وفقط في سبيل خدمة أغراض ومصالح إمبريالية صرفة لا مصلحة لليهود فيها. فصاروا يتزعمون بصدق وبحماس إلى جانب الشباب الفلسطيني والعربي والمسلم المظاهرات في الجامعات وفي الشوارع، الرافعة لشعار الحرية لفلسطين وشعار وقف إطلاق النار الفوري وشعار منع المزيد من تسليح الكيان العبري. بل هم اقتحموا بتلك الشعارات دهاليز الكونڴرس الأمريكي وباحة البيت الأبيض رافعين شعار “ليس باسمنا”. لكن مع الأسف الشديد بإغفال جذور ذلك الشر المطلق والكامنة، كما تقدم، في تلك النصوص الآثمة في كتبهم المقدسة.
وهم الذين يعوّل عليهم من بعد الله ومن الآن فصاعدا في محاربتها بل في تجريمها مستقبلا حتى تجف من شرورها كتبهم المقدسة ويتطهر منها دينهم. فينبغي مساعدتهم ومساعدة غيرهم من اليهود الأحرار بتـنـبـيـهـهم إلى تلك النصوص الآثمة بجردها كلها ونشرها بكل اللغات حتى يتبرؤوا منها هم كيهود ويحاربونها ويطهرون منها كتبهم المقدسة ثم يجرمونها ويجرمون تدريسها للأجيال اليهودية القادمة مثل ما حصل في ألمانيا مع الفكر النازي.
فهذا في اعتقادي هو ما من شأنه، ولو على المدى الطويل، أن يُكسب الديانة اليهودية طبيعتها الإنسانية من داخلها على يد أبنائها الأحرار، كي تكون كما ينبغي ديانة مسالمة من دون شك ولا ريب ولا شائبة تشوبها مثل باقي الديانات في العالم. فتتبدد معها خرافة الأرض الموعودة وتنتهي بذلك وإلى الأبد مبررات وجود كيان عبري عنصري بأرض فلسطين، وتنال حريتها الكاملة واستقلالها وتنتهي معها محنة شعبها الفلسطيني. وإلا فسيظل منبع ذلك الشر المطلق في الكتب المقدسة مفتوحا إلى الأبد وهو ينتقل من جيل لآخر ببقاء نصوصه الآثمة حيّة فيها كي تفعل فعلتها المخدرة للعقول منذ الصغر، وإلى ما لا نهاية.
وللتذكير وكما تقدم، نحن كمسلمين وبموجب تعاليم القرآن الكريم مأمورون بمجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن. فليس في شجب تلك النصوص الآثمة في كتبهم المقدسة من معاداة لا لليهودية ولا لليهود. بل بالعكس من كل ذلك، وكما تقدم، فيه من قبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مساندة لكل اليهود الأحرار من أمثال الراحل إسرائيل شحاك سالف الذكر ومن عموم أعضاء الحركات اليهودية المناوئة للصهيونية، ولا سيما من نخب الشباب اليهودي الصاعد والمستنير، والمتهمون كلهم بالغباء وحتى باللاسامية من طرف غلاة الصهاينة، مع العلم أنه ليس من بينهم من يتنكّر لدينه.
ومع العلم أن الصهاينة بحربهم القذرة على غزة والضفة اليوم هم الذين صاروا بالأحرى يساهمون في إذكاء معاداة اليهود واليهودية من جديد، وهم في سكرتهم يعمهون ولا يشعرون ويحسبون أنهم يحسنون صنعا. وهم اليوم في نظري المقصدون بالظالمين من بين أهل الكتاب في الآية الكريمة، والذين تبيّن بالملموس ولكل العالم أنهم لا يعرفون إلا لغة القوة والعنف، بعيدا كل البعد عن الجدال بالتي هي أحسن.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock