هذا الذباب ذباب وكفى
عبد السلام المساوي
دناءة النظام الجزائري تتجلى وباستمرار في تعبئة صحافة تشتغل تحت الأوامر ، وعدم التردد إطلاقا في الكشف عن الدوافع الخفية الحقيقية للسلطة الجزائرية، وبالأكثر مهاجمة مؤسسات المملكة بصفاقة ، ما يجعلها فعلا استثناء دنيئا على الصعيد العالمي . لا يستطيع الإنسان، وهو يتابع مواقف النظام الجزائري، إلا أن يقف مشدوها أمام وسائل وأساليب الحقد ومنسوب الكراهية التي أصيب بها هذا النظام العسكري.
في الجزائر نظام لا يخجل من نفسه ، فهو يمكن أن يلون الكذبة بكل الألوان كي يصدق أنها الحقيقة ، ثم يعمل على تسويقها الى أن تبهت ألوانها وينكشف الوهم الذي بنيت عليه . والغريب أن كل أكاذيب هذا النظام العسكري تدور حول المغرب ، العقدة التي تقف في حلقه كشوكة دامية ، ما يكشف هوسه بالوحدة الترابية للمملكة التي يحاول باستمرار المساس بها دون أن يتحقق له هذا الحلم ، بل يرتد الى كابوس .
لقد تعودنا من القنوات التافهة والذباب الإعلامي لجزائر العسكر التطاول على الرموز السيادية للمغرب ، ببساطة لأن قاعات تحريرها توجد داخل الثكنات العسكرية وتتحرك بتمويلات الصناديق السوداء الموضوعة تحت إمرة جنرالات الحرب. لذلك كان من الطبيعي أن تتجرأ هاته الطفيليات الإعلامية على بلدنا وتقوم بحملات لا أخلاقية تمس أعراض الرموز وتسيء للدولة المغربية ، ولا تتحاشى استعمال كل أشكال الإثارة أو التضخيم … لم تعد هذه الطفيليات تتردد في اللجوء إلى حقارة لا يمكن أن نصلها هنا في المغرب مهما بلغ اختلافنا مع من يدبرون الأمور هناك .
كل مرة يخبر المغرب – بهذا الشكل أو بالآخر – ” الأشقاء ” في ( البلاد هوك ) ، أن ما يفعلونه لن يفيدهم في شيء ، وأن ما يصرفونه عليه من أموال ، الشعب الجزائري أحق بها فعلا .
لكن القوم هناك كارهون للنصيحة منذ البدء ، غير قادرين على سماع كلمة توجيه صادقة لهم ، وغير مستعدين أساسا – وسط كم الأكاذيب التي يعيشون فيها – على تصديق الحقيقة الواحدة الموجودة اليوم في المكان الذي يجمعنا بهم : حقيقة أن المغرب حلق بعيدا عنهم ، وتركهم في لحظة السبعينيات قابعين .
لذلك ، لم تعد لديهم ضوابط أخلاقية يتوقفون عندها ، وحتى إعلامهم الرسمي ممثلا في وكالة أنباء الدولة انخرط مع جوقة ” البلاد ” و ” الشروق ” وغيرها من جرائد العسكر ( التي يقال كذبا إنها مستقلة ) هناك في الكذب على المغرب والتطاول عليه .
نصارح من يتحكمون في مصائر البلاد والعباد في ذلك البلد بخطورة ما يقترفونه وهم يلعبون بالنار وبأمن المنطقة . نعيد التأكيد كل مرة على أن وحدة وطننا الترابية أمر مقدس لكل مغربية ولكل مغربي . نفرق بين العسكر المتنفذ الذي يمسك بزمام الأمور منذ تسلمها من فرنسا وبين الشعب الطيب الذي خبرناه والذي نعرفه جيدا ، ونعرف مدى حبه للمغرب ، وعشقه للمغاربة .
لكن وسائل إعلامنا الرسمية لم تنجر أبدا لأي مساس ساقط بالبلد الجار ، وتحرص دوما على أن توصل للمتحكمين في مفاصله أن هناك مراتب ودرجات لا ينبغي أن نبلغها أبدا .
ان بيت المملكة المغربية متين بقيادتها وشعبها ، والأجدى بالمتطاولين ، على شعبنا وقيادتنا ، أن يكنسوا أمام بيوتهم ، ويتأملوا في هشاشة بنيانهم ، لأن ناطحات السحاب لا تجدي نفعا ما ما دامت أعمدتها على رمال متحركة تذروها الرياح . انها عقدة المغرب التي ترقد تاريخيا في نظام العسكر الجزائري …ترقد حينا وتستيقظ عند كل انتصار للمغرب ، ومع كل نجاح مغربي جديد ، في أي ميدان من الميادين ، يفقد نظام العسكر للسيطرة على نفسه ، ويسير نحو مزيد من التهور والجنون .
هناك اجماع وطني ، يوحد المغاربة حول ثوابت الأمة ومقدساتها ، والخيارات الكبرى للبلاد ، وأولها ” الملكية الوطنية والمواطنة ، التي تعتمد القرب من المواطن ، وتتبنى انشغالاته وتطلعاته ، وتعمل على التجاوب معها ” ، وثانيها ، مواصلة مواصلة الخيار الديموقراطي والتنموي بعزم وثبات .
ان حملات الهجوم التي تشنها وسائل الاعلام العسكري الجزائري ، تنم عن وجود قصور في استيعاب طبيعة النظام السياسي للمغرب من جهة ، ومن جهة ثانية ب ” عقدة ” تجعل الواقفين وراء هذه الحملات الاعلامية يتحركون كلما راكم المغرب انتصارات دبلوماسية …
على وسائل الإعلام العسكري الجزائري أن تنزل إلى الأرض ، ارض واقع الجزائر ، ان تنزل بمهنية وموضوعية واستقلالية ؛ ان تهتم نقديا بمشاكل الجزائر، وهي لا تحصى عددا وخطورة….
على وسائل الإعلام هذه ان تركز على مشاكل بلادها فالمغرب بقيادة محمد السادس يشق طريقه نحو المستقبل ، وهو طريق ملكي …يشتغل ، يفتح الأوراش الكبرى ولا يهتم بأبواق الكابرانات….
الجميع يدرك أن الأبواق الاعلامية الجزائرية ليست لها بالجزائر التنمية والديموقراطية والانجازات لكي تروجها للعالم وللمواطن ، ففضلت لبس لباس إعلام الحروب وارتداء رداء الدعاية السوداء لخدمة نظام سياسي فاشل، فهي لا تستطيع أن تحشد الرأي العام حول أزمات الجزائر السياسية والاجتماعية والإقتصادية ، لذلك تحاول التعويض عن دورها المفترض وصرف الأنظار عن الوضع السياسي والاجتماعي الهش ، بحرب إعلامية تستهدف دولة جارة ، والمبالغة والتضليل والكذب في أسلوب تصوير المغرب وقراراته الديبلوماسية ، وذلك لكسب التأييد والدعم لفائدة العسكر ، ومن ثم تعمل على تقديم الصورة السلبية لرموز بلادنا ومؤسساتها وتغذية الاعتقاد بأن ما يقوم به المغرب لحماية أمنه القومي ووحدته الترابية هو خطر داهم على الجزائريين وهذا منتهى التضليل والكذب.
باستطاعة وكالة المغرب العربي للأنباء أن تنخرط في حرب الوكالات وترد بالمثل على حملة التضليل والتدليس الاعلامي الجزائري ، لكن لن تفعل ذلك لأن مؤسسات الدولة المغربية ، سواء كانت سيادية أو دبلوماسية أو إعلامية رسمية ، لا تنطلق من ردة الفعل ، وبطبيعة الحال لأن دورها الأساسي هو العمل من أجل صالح البلاد وتنميتها وازدهارها وترويج ما هو إيجابي داخل الوطن ، وقبل ذلك لأنها تدرك أن وقوع خلاف مع الجزائر لا يبرر التسرع في الاستغناء عن أخلاقياتها وعن اعتماد المصادر الموثوق بها والتحقق من صدقيتها . هذا هو الفرق بين وكالتنا ووكالتهم وهو فرق يختزل كل المؤسسات .
ولكن لا بد من قولها بكل صراحة : صبرنا في هذا المكان المغربي العريق صبر يضرب به المثل منذ القديم . لكنه ليس صبرا بلا حدود ….مقفلة كانت أم مفتوحة أم في ” البين – بين ” .
هذا البلد لا يرتكب خطوات غير محسوبة .
هذا البلد دولة وهو يعرف أنه يواجه عصابة تمولها وتدعمها ” بعض الأطراف ” .
هذا البلد متأكد أن تلك الصحراء جزء منه وأنه جزء من تلك الصحراء .
نقولها بالصوت المغربي الواحد : الصحراء مغربية …الصحراء عنوان هويتنا وكينونتنا ، في الحاضر والماضي والمستقبل ، بالأمس واليوم وكل الأيام …لنا نحن هذا الوطن الواحد والوحيد ، وهاته البلاد التي ولدتنا وصنعتنا وصنعت كل ملمح من ملامحنا ، والتي تجري فيها دماء أجدادنا وابائنا وأمهاتنا ، والتي تجري دماؤها في مسامنا وفي العروق .
في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية الحادية عشرة بمقر البرلمان ، ألقي جلالة الملك خطابا ساميا أمام أعضاء مجلسي البرلمان ، جاء فيه ” إن ما حققناه من مكاسب، على درب طي هذا الملف، وما تعرفه أقاليمنا الجنوبية من تنمية اقتصادية واجتماعية، كان بفضل تضامن جميع المغاربة، وتضافر جهودهم، في سبيل ترسيخ الوحدة الوطنية والترابية.
ولا يفوتنا هنا، أن نشيد بالجهود التي تبذلها الدبلوماسية الوطنية، ومختلف المؤسسات المعنية، وكل القوى الحية، وجميع المغاربة الأحرار، داخل الوطن وخارجه، في الدفاع عن الحقوق المشروعة لوطنهم، والتصدي لمناورات الأعداء.
كما نعبر عن شكرنا وتقديرنا، لأبنائنا في الصحراء، على ولائهم الدائم لوطنهم، وعلى تشبثهم بمقدساتهم الدينية والوطنية، وتضحياتهم في سبيل الوحدة الترابية للمملكة واستقرارها.
وفي الختام، نؤكد أن المغرب سيظل دائما حازما في موقفه، وفيا لنهج الانفتاح على محيطه المغاربي والجهوي، بما يساهم في تحقيق التنمية المشتركة، والأمن والاستقرار لشعوب المنطقة. “