هدموا بيوت الشعر
رمضان مصباح
اعتُبر الشعر قديما “ديوان العرب” ،بالمعنى الذي يؤديه اليوم الاعلام ؛ولم يقل أحد من قدماء النقاد بأن هذا الديوان لايمسه الا المطهرون ،والدليل أسواق الشعر التي تعددت قبل الاسلام ،وتواصلت معه ،وان في خفوت ؛والدليل مرة أخرى آية الشعراء ؛ماكانت لتنزل لو لم يكن هناك شعراء وغاوون يلتفون حولهم.
كان الشعر مشاعا بين الجميع ،يخوض فيه الفحول ،ويحاوله الصغار مقلدين ومبدعين.
اليوم يتوهم ،عندنا ،بعض “الشعراء” الذين أخسروا الميزان ،عجزا وهرولة نحو الغرب،أنهم حفَّظوا الشعر في أسمائهم ،ورسموا له حدودا لايلجها غيرهم ؛وحينما يتنادون للملتقيات ،يتصادون في ما بينهم فقط.
هؤلاء هم قتلة الشعر مرتين :
اذ أخلوا بموازينه ،أولا، ونصبوا حوله السياجات ثانيا.
يتداولون في ما بينهم أمور شعرهم ،يقرأون لبعضهم البعض ؛و لاأحد يقربهم أو يفهم عنهم أو يحفظ لهم ..
تماماكما فعل التفناغيون بالأمازيغية ،التي كانت لسان القباىل وأضحت ،عندهم،لسان الايركام .
كل الناس شعراء ،أحببتم أم كرهتم ؛فحتى حينما ينتبه الواحد الى جمال وردة ،أو امرأة ،فهو شاعر ،على قدره،وان لم يقصد.
سيظل الشعر ديوانا للجميع ،وسيستعيد زخمه ؛وقد بدا هذا جليا لدى المشارقة ،وخصوصا شعراء فلسطين .
كفاكم أنا نية وعقدا ،ودمروا ما تسمونه بيوت الشعر ،لكي لايكون الداخل اليها الا من قبيلكم.
الشعر مكانه الأسواق والحارات والجبال وخيام الصحراء.. ؛وحيثما تواجد الانسان ؛ولابيت له معروفا لافي تطوان ولا في مراكش ولا في وجدة.
ان جعلتم له بيوتا محفظة ،فقد قبرتموه .