متى يشفى النظام الجزائري من حماقاته؟!
اسماعيل الحلوتي
من المؤسف حقا أن تظل جارتنا الشرقية الجزائر وهي الغنية بمواردها الطبيعية الهائلة، والتي تعتبر أكبر منتج للغاز الطبيعي وثالث قوة نفطية في القارة السمراء، تعاني من قبضة نظام عسكري فقير سياسيا وفكريا وأخلاقيا، ولا ينتج عدا الحقد والكراهية للمملكة المغربية، وكذا الحماقات التي ما إن تنتهي إحداها حتى تتلوها أخرى أكبر وأفظع دون كلل ولا ملل.
فآخر حماقات نظام الكابرانات في الوقت الراهن، اتهامه الأرعن لملك الراي الشاب خالد بالتجسس لصالح المملكة المغربية. ترى أي عقل سليم في مختلف بلدان العالم يمكن أن يصدق مثل هذا الهراء، الذي بقدر ما يثير السخرية، بقدر ما يثير الشفقة على ما أصاب هؤلاء الحكام من خرف وعته، حيث فوجئ الرأي العام بإبلاغ المحكمة العسكرية في مدينة البليدة محامي الشاب خالد، بتورط موكله في قضية تجسس ضد الجزائر، واضعة إياه ضمن “تشكيل عصابي” متهم بنقل أخبار النظام العسكري الجزائري للمغرب، في سياق عملية تستهدف كشف أسرار لبلاد العدو أي المغرب.
حيث قالت إحدى الصحف الجزائرية الموالية للنظام العسكري الجائر إن النجم الشهير الملقب بملك الراي الشاب خالد متهم رفقة الأخوين الجزائريين بناصر، توفيق وبوعلام، أبناء الجنرال الراحل العربي بناصر، بنقل معلومات حساسة ومصنفة سري للغاية في الجزائر إلى السلطات المغربية، وهو الاتهام الرخيص الذي أثار موجة عارمة من الاستياء الممزوج بالسخرية اللاذعة على منصات التواصل الاجتماعي، كيف لا وهم يسمعون خبرا سمجا، يكاد لا يختلف كثيرا عن الأخبار المسلية السابقة؟
فتوزيع التهم الباطلة على الدول والأشخاص أصبح ماركة مسجلة باسم كابرانات العسكر الجزائري، إذ تتوالى الاتهامات المجانية للمغرب دون توقف إما بمحاولة ضرب الأمن القومي للجزائر، أو مهاجمة قافلة شاحنات وقتل أبرياء مدنيين باستعمال أسلحة حربية متطورة، أو التورط في إحراق سلسلة غابات، أو السطو على عقارات تابعة للسفارة الجزائرية بالرباط أو إغراق البلاد بالمخدرات، أو استقدام إسرائيل لزعزعة أمن واستقرار الجزائر ودعم الحركات الانفصالية، ثم اتهام مواطنين مغاربة بالتجسس والتخابر للمس بأمن “القوة الضاربة”. حيث أعلنت النيابة العامة في مطلع شهر شتنبر 2024 وعلى بعد أسبوع فقط من إجراء الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في 7 شتنبر 2024 عن تفكيك شبكة تجسس تضم أربعة مواطنين مغاربة وجزائريين اثنين، مدعية الإطاحة بعناصر هذه الشبكة المزعومة مباشرة بعد توقيف مواطن مغربي تسلل إلى التراب الجزائري بطريقة غير شرعية، وأن المعني بالأمر ينشط ضمن شبكة تجسس لصالح جهات خارجية.
كما لا تفوتنا الإشارة إلى أن الواجهة المدنية للنظام العسكري “عبد المجيد تبون” لا يتوانى عن مهاجمة النظام المغربي كلما أتيحت له فرصة الحديث مع بعض وسائل الإعلام الجزائرية والفرنسية خاصة، بل لم تسلم منه حتى الإعلام الوطني المغربي الذي ما فتئ يتصدى لترهاته، إذ اعتبر الدمية تبون الذي تعود على التسلح بالأكاذيب في أحد لقاءاته الدورية مع ممثلي الصحافة الجزائرية، أن ما تنشره الصحافة المغربية عن مآسي الجزائريين وإجرام حكامهم، ليست سوى أخبار زائفة ومجرد “بروباغندا”، وأضاف قائلا بأن “القدرات الإعلامية للمغرب أصبحت ضخمة أكثر فأكثر عندما تلقت المملكة المغربية الدعم من إسرائيل”
فهذه الاتهامات المتواترة تندرج حسب عديد المراقبين ومتابعي الشأن الجزائري في إطار حماقات “الكابرانات” في قصر المرادية، وتكشف بوضوح ما أصاب عقلهم السياسي من “هوس مرضي” مزمن، يريدون من خلاله التأثير على الجماهير الجزائرية والتغطية ليس فقط على عدم الاهتمام الشعبي بالانتخابات، بل أيضا على المشاكل الحقيقية والأزمات الداخلية التي ما انفك المواطن المغلوب على أمره يعيش على طعم مرارتها، من حيث غلاء الأسعار وندرة المواد الغذائية وارتفاع معدلات الفقر والبطالة وانتشار الفساد والأمراض والأوبئة. إذ كيف يعقل الاستمرار في الحديث عن نظرية المؤامرة والعدو الخارجي ودخول جواسيس مغاربة بشكل غير قانوني، وما إلى ذلك من خزعبلات مثيرة للسخرية، في ظل تطور التقنيات الاستخباراتية وأساليب التجسس؟
كثيرة ومتعددة هي حماقات النظام العسكري الجزائري التي لا تكفي في جمعها مجلدات العالم العربي، ونتمنى صادقين أن يمن الله على أعضائه العجزة بالشفاء العاجل من داء الخرف اللعين الذي خرب مشاعرهم وأدمغتهم. فجميع دول العالم الديمقراطية هي التي يحترم حكامها شعوبهم ويعملون جاهدين على توفير كل أسباب الرفاه الاجتماعي لها، والاهتمام بمصالحها الحقيقية على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والمالية والتجارية والثقافية والرياضية والبيئية وغيرها، لكن ديكتاتوريي الجزائر لهم رأي آخر، إذ يتجاهلون مصالح المواطنين ويراهنون على التمادي في مغامراتهم غير المحسوبة العواقب ومؤامراتهم المفضوحة ضد المغرب، سعيا منهم إلى الاستمرار في السلطة مهما كلفهم الأمر من ثمن باهظ، مستعينين في ذلك بالشعارات الجوفاء وترويج الأكاذيب والأخبار الزائفة والمضللة، ضاربين عرض الحائط بهموم وانشغالات الجماهير الشعبية التواقة إلى الحرية والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم.
إنه من المحزن حقا أن يتفاقم العداء الأخرق للمغرب من طرف الطغمة العسكرية الفاسدة في الجزائر، وتتواصل استفزازاتها ومعاكسة وحدته الترابية، وإلا كيف يمكن تفسير تركيز “الكابرانات” على كراهية كل ما هو مغربي والرفض القاطع لكل عروض السلم والسلام والحوار الجاد والمسؤول من أجل طي صفحة الخلافات وبناء المستقبل المشترك؟