خيانة وخونة
عبد السلام المساوي
المغرب قرر لنفسه مسارا خاصا واستثنائيا ومتفردا ، ولن يضيع فرصة واحدة لإثبات هذا التفرد وسط عديد النماذج المتهالكة التي تحيط بنا …
المغرب ، عبر تاريخه العريق ، لم يقلد بلدا ولا أحدا ، كان نسيج وحده ، وسيظل هكذا ، لذلك يستطيع دوما أن يبهر حتى العاجزين عن الإنبهار ، ولذلك يستطيع كل مرة ان يقدم لمن يريدون أن يلقنوه الدروس دروسا مضادة يتلقونها صفعات على الخد الأيمن ولا يستطيعون تقديم الخد الأيسر إلا حين الضرورة والاحتياج لذلك فعلا …
المغرب تخلص من عقدة الخوف من منظمات تدعي الدفاع عن حرية الصحافة والإعلام ،ومن منظمات تدعي أنها صنعت للدفاع عن حقوق الانسان …
المغرب تخلص من عقدة الخوف من هاته المنظمات الكاذبة منذ سنوات عديدة ، بعد أن اقتنع وآمن بأن اقناع ذوي النيات السيئة بنيتك الحسنة أمر مستحيل ، وأن هاته الهيئات التي تدعي أنها حقوقية أو تهتم بحرية الاعلام هي عبارة عن ” شركات ” هدفها الربح المادي أو المعنوي …
يكفينا هنا في المغرب أن نواصل على المنوال ذاته من الإيمان بحقنا في العيش الكريم ، وفي إصلاح أخطائنا ، وما على المستقوين علينا بالأجنبي ، إلا ان يواصلوا هذا الاستقواء ، فقد أسمى أجدادنا من كان يضع يده في يد المعمرين قديما ” الخونة ” ، ولن نشذ عن هاته القاعدة التي ورثناها عن الأجداد الذين حرروا البلاد ، ولن نغير سنة الله التي لن نجد لها تبديلا …
كل من يعارض حقوق الإنسان الأساسية، أو يحاربها، بأي شكل من الأشكال، يضع نفسه، لا محالة، ضمن خانة التأخر بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.
وليس وضع من ينطلق من مبدأ تسييس قضايا حقوق الإنسان، واعتبارها مطية لتحقيق أهداف لا يمكن تحقيقها بواسطة العمل السياسي الطبيعي والعادي، أفضل حالًا من منظور الانحراف عن خط التقدم والرقي الذي ينبغي أن يظل في خلفية كل عمل حقوقي يراعي الفلسفة الأساسية التي تستند إليه منظومة حقوق الإنسان.
هناك انحراف خطير آخر برز إلى السطح، بشكل أكثر وضوحا، في السنوات الأخيرة، وهو الذي ينطلق من اعتبار كونية حقوق الإنسان مطية للاستقواء بالخارج. وقد أدى إلى حروب وفتن اجتماعية وسياسية مدمرة في المنطقة العربية آثارها ومضاعفاتها لم تعد خافية عن عين كل مراقب موضوعي لمجرى الأحداث.
والخوف، كل الخوف، أن ينحرف البعض بنضال حقوقي مشروع ومطلوب إلى مجرد استحداث وضعية “المحميين” الجدد، لهذه الدولة أو تلك، باسم حقوق الإنسان.
إن إحداث أي ثغرة في جدار السيادة الوطنية، على هذا المستوى سيؤدي، بالتبعية، إلى نوع من الاستقواء بالأجنبي، في مواجهة الوطن بكل ما يمثله من قيم ومعاني.
وهذا ما كان ديدن المحميين القدامى في مغرب القرن التاسع عشر على وجه التحديد.
فهل سيتم استخلاص العبر من هذا التاريخ أم أن ماكينة الاستقواء بالأجنبي قد انطلقت وهي تغذ السير نحو الهاوية، لا قدر الله !
اليوم صدق المغاربة والمغربيات . اليوم تحققت نبوءات من سكنهم المغرب قبل أن يسكنوه . اليوم الكل يقول شكرا جلالة الملك .
هو المغرب الذي يسري في العروق مسرى الدماء . وحين العروق وحين الدماء لا يمكنك ان تكذب أو تنافق او تكتب تحت الطلب مثلما يدعي الكئيبون ، حين الحب الحقيقي لا يمكنك التمثيل ، ويشهد الله اليوم أننا جميعا نحس بها هاته الأيام : المغاربة لا يمثلون حين حب المغرب ، هم يحبونه وانتهى الكلام…
إن بيت المملكة المغربية متين بقيادتها وشعبها ، والأجدى بالمتطاولين ، على شعبنا وقيادتنا ، أن يكنسوا أمام بيوتهم ، ويتأملوا في هشاشة بنيانهم ، لأن ناطحات السحاب لا تجدي نفعا ما ما دامت أعمدتها على رمال متحركة تذروها الرياح..
فخورون بهويتنا الوطنية وانتمائنا لشعب عظيم بقيادة ملك عظيم….